بقلم فينود كريشنان، رئيس قسم الأعمال التجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة أمازون ويب سيرفيسز (AWS)

يشهد قطاع الخدمات المالية اليوم تحولات جذرية في كيفية التفاعل مع العملاء وتقديم تجارب جديدة لهم، فالوسائل التي تميز الأعمال عن بعضها البعض اليوم، مثل استخدام تقنية المحادثة الآلية"تشات بوتس" لأتمتة التفاعلات مع العملاء، باتت ممكنة بفضل التقدم التقني الذي تتيحه حلول الحوسبة السحابية، والتي تمنح مزودي الخدمات المالية القدرة على إعادة النظر في طريقة سير عمل القطاع.

ومن أبرز العوامل المسرّعة التي تقود مسيرة تطور القطاع هو انتشار الأجهزة المحمولة من أجل إتمام مهام كانت مرتبطة بتفاعل البشر مع بعضهم البعض، مغيرة بذلك تفضيلات العملاء وفقاً لفئاتهم العمرية، بالإضافة إلى التغيرات المتواصلة التي تطرأ على البيئات التنظيمية.

ونتيجة لذلك، يواجه مزودو الخدمات المالية ضغوطات عاجلة من أجل تكييف نماذج أعمالهم والهياكل التنظيمية والبنية التحتية التقنية ليتمكنوا من الابتكار بدرجة عالية من المرونة، في الوقت الذي يقوم منافسيهم في قطاع التقنية المالية "FinTech" من مواجه عقبات تواجهها الشركات الناشئة عموماً، مثل القدرة على التوسع ورأس المال المحدود.

ويأتي التحول الحالي تجاه الحوسبة السحابية لتوظيف هذه التقنية في التطبيقات المالية كخطوةً لا بد منها، ويساهم في موازنة نطاق المنافسة بين مؤسسات الخدمات المالية بكافة الأحجام التي تندفع لمواجهة التحديات وإغتنام الفرص الموجودة في السوق اليوم.

اعتماد نهج الابتكار في أي مؤسسة

بينما يساهم الحجم الكبير وسعة نطاق المؤسسات في توفير مزايا مثل الوصول إلى قاعدة واسعة من بيانات العملاء، فإنها في نفس الوقت قد تساهم في الحد من مرونة تلك المؤسسات مقارنةً بالشركات الجديدة في السوق. ولذلك يتوجب على المصارف وشركات التأمين وتلك العاملة في مجال إدارة الأصول، العمل على تحقيق التوزان بين حجم الأعمال الكبير والحاجة للاستجابة المرنة مع ظروف السوق والتلبية السريعة لمتطلبات العميل من أجل خدمات أفضل وأكثر سهولة.

وتميل البنية التحتية القديمة لتقنيات المعلومات إلى عزل البيانات، مما يؤدي إلى فقدان المؤسسات لفرص تمكنهما من الاستفادة من صنع قرارات قائمة على البيانات والتي تتعلق بأمور عدة، مثل التجارة وإدارة المخاطر ومراقبة الاحتيال، وحتى عمليات الدمج والاستحواذ المحتملة.

ومن أجل الاستفادة من البيانات بشكل فعّال، يتطلب وجود موارد معينة في المؤسسات، لا تتوفر لدى الكثير منها سواءً الكبيرة أو الصغيرة، مثل الأدوات لجمع وتخزين ومعالجة كميات هائلة من البيانات بكفاءة وفعالية.

وبفضل الحوسبة السحابية تتمكن المؤسسات على اختلاف أحجامها من اتخاذ قرارات قائمة على الأدلة بطريقة أكثر سهولةً وفاعليةً، وذلك فيما يتعلق بتصنيف العملاء، والتسعير، وتطوير المنتجات، والبيع المتبادل باستخدام التحليلات، وتنفيذ الأعمال، والتخزين، وغيرها من أدوات الإدارة الأخرى.

وتوفر الحوسبة السحابية الأدوات التي تحتاجها الشركات من أجل تطوير التطبيقات وتقديم حلول جديدة للسوق بالسرعة التي يتطلبها عملاء اليوم.

وقامت شركة الاتحاد للتأمين، وهي شركة تأمين رائدة تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها وتقدم مجموعة شاملة مبتكرة من حلول التأمين للمؤسسات والأفراد، بتحويل بنيتها التحتية لتكنولوجيا المعلومات بالكامل إلى سحابة أمازون ويب سيرفيسز (AWS).

وكنتيجة لذلك، يتمتع فريق العمل في الاتحاد للتأمين بمزيد من الوقت للتركيز على تقديم خدمات عالية المستوى لعملائهم. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه من خلال عملية التحول إلى سحابة AWS، استطاعت الشركة توفير أكثر من 84% من تكاليف البنية التحتية لتقنية المعلومات، معززة في الوقت نفسه قدرتها على تقديم منتجات جديدة وتوسعة النطاق الجغرافي لأعمالها.

وفي إطار مساعيه الرامية لتسريع عملية التحول الرقمي، أعلن بنك البحرين الوطني مؤخراً عن إتمام المرحلة الأولى من اعتماد حلول الحوسبة السحابية بنجاح، وذلك عبر نقل موقعه الإلكتروني (nbbonline.com) إلى خدمات أمازون ويب سيرفيسز AWS، إلى جانب وضع خطط قيد التنفيذ تهدف إلى نقل الشبكة الداخلية للبنك ومنصة خدماته المصرفية عبر الإنترنت، إلى السحابة.

وتشكل هذه الخطوة جزءاً من توجه البنك الاستراتيجي لتبني تقنيات الحوسبة السحابية وإحداث تحول رقمي أكبر في البنك، بغرض قيادة التغيير وتحقيق معدلات كفاءة تشغيلية أعلى، إضافةً إلى تعزيز مستوى رضا العملاء. ومن خلال توظيف الخدمات المتاحة عبر شبكة أمازون ويب سيرفيسز، سيتمكن بنك البحرين الوطني، من توفير الوقت والجهد وضمان سير عملياته بوتيرة سريعة تواكب احتياجات العملاء.

سهولة الاستجابة لمتطلبات الامتثال والقواعد التنظيمية المعقدة

توفر الحوسبة السحابية حلولاً للكثير من الأمور التنظيمية، سواءً بالنسبة لشركات الخدمات المالية الكبيرة أو شركات التقنيات المالية الناشئة، حيث يحتاج كلاهما إلى قدرات أمنية والامتثال للقواعد التنظيمية، وحماية أنظمتهم من التهديدات، وتعزيز ثقة العملاء.

وتشكّل مسألة تفعيل برامج شاملة للحوكمة وإدارة المخاطر والامتثال تحدياً بالنسبة للمؤسسات العاملة في مجال الخدمات المالية، نظراً لحاجتها إلى إدارة المخاطر في جميع مسارات العمل والأطر التنظيمية العالمية المختلفة، وكذلك طواقم العمل الكبيرة. ومن خلال ما توفره الحوسبة السحابية من منظومة حوسبة من قدرات غير محدودة وطاقة تخزينية وقدرة على التكامل مع مختلف أنواع البيانات، فإنها تمثل حلولاً للكثير من هذه التحديات.

وعلاوة على ذلك، فإن شهادات الأمان والاعتمادية الشاملة، وقدرات تشفير البيانات، وتجهيزات التأمين القوية، كلها عناصر تسهم في توفير درجة أعلى من الأمان للبنى التحتية التقنية المعلومات، وفي ذات الوقت، تلعب الأتمتة دوراً أساسياً في خفض احتمالية حدوث الأخطاء البشرية، وتوفير الوقت والمال.

الحوسبة السحابية هي " التوجه الاعتيادي الجديد"

بالنسبة لمزودي الخدمات المالية التقليدية منها والناشئة، أصبحت الحوسبة السحابية اليوم " التوجه الاعتيادي الجديد". فقد شهد القطاع تحولاً ملحوظاً تجاه اعتماد هذه التقنية، وأصبحت الحوسبة السحابية متأصلة في العمليات التشغيلية اليومية، وتلعب دوراً ريادياً في الموجة الجديدة للحلول المبتكرة التي تقدمها شركات القطاع على اختلاف أحجامها.

إنَ الفرص المتاحة في أسواق المال اليوم لم تعد تقتصر على المؤسسات الضخمة ذات الميزانيات الكبيرة فحسب، حيث أدت تقنيات الحوسبة السحابية إلى تحقيق تكافؤ الفرص بين الشركات بغض النظر عن حجمها، وغدت المنافسة بينها اليوم تركز على مزايا المنتجات والخدمات التي توفرها للعملاء.