تعاني الليرة التركية من تراجع أمام الدولار، في أعقاب فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عقوبات على أنقرة على خلفية اعتقال قس أمريكي، ويرى اقتصاديون أن معاناة الليرة تأتي على غير الواقع الاقتصادي القائم حالياً، باعتبار أن تركيا تحتل المركز السابع عشر عالمياً ومن مجموعة العشرين اقتصادياً، لكن أسباب التدهور سياسية في المقام الأول.
وتعد تركيا دولة زراعية من الطراز الأول، وهى تنتج 1500 منتج زراعي، يصدر لـ150 دولة، ولقوة ومتانة هذا القطاع، احتلت المركز الثالث عالمياً، بعد الهند والصين، وعليه هذا القطاع يمثل 20% من الناتج القومي، بل يمثل نسبة التشغيل فيه بما يقارب 58% من الأيدي العاملة بهذا القطاع، بل زاد التطوير فيه بصناعات كثيرة ساهمت في توفير فرص عمل للشباب، مما حدَّ من البطالة، بل حدَّ من التضخم وزيادة التصدير.
وتحتل الصناعة التركية مراكز متقدمة جعلتها فى المركز السادس عالمياً، لما تشتهر به من صناعة السيارات والمنسوجات والسفن والحديد والصلب والأسلحة وغيرها من الصناعات الثقيلة والمتعددة.
ويستوعب هذا القطاع من الأيدى العاملة ما يفوق 400 ألف عامل، بل لها بصمات في بعض المجالات الصناعية كالحديد والصلب، وتحتل الترتيب الثامن عالمياً.
وتحتل في إنتاج العسل، المركز الثانى عالمياً بعد الصين متصدرة الترتيب، بل يوجد بها أكثر من 30 ألف مصنع قابلة للزيادة، إذن هي دولة صناعية، إذ تمثل الصناعة 24% من الناتج القومي.
وتمثل العائدات من قطاع الخدمات 65% من الناتج القومي تقريباً؛ بسبب أنها من المدن السياحية الأجمل عالمياً، بل من إحدى أهم مدن التسوق في العالم، ومازال التطوير مستمراً.
الضرائب والرسوم فى تركيا تبلغ 33% من ناتج الدخل القومى، ما يعني أن بند الإيرادات الرئيسية، لا يمثل رقماً فى الموازنة التركية، وتأتي البيانات المالية من مصادرها لتعطي دلالة أن الفرص الاستثمارية قوية جداً، بل تبلغ الاستثمارات المباشرة بحدود 50% من إجمالى الاستثمارات.
وتهدف هذه البيانات للتعرف على حقيقة الأزمة الاقتصادية المتمثلة فى انخفاض سعر الليرة مقابل الدولار، حتى أصبح يتراوح بين 6.5 إلى 7 مقابل الدولار الأمريكي.
وبدأت أزمة الليرة التركية منذ محاولة الانقلاب الفاشل فى 2016، الذى تسبب في سحب الأموال الساخنة، لتجنب الأحداث السياسية في المستقبل، ما أدى إلى تخوُّف المستثمر على المديين القصير والمتوسط من مجهول هذه العواصف السياسية المقبلة، وما زاد الطينة بلة هو القبض على القس الأمريكي أحد أهم أسباب الإنقلاب الأمريكي على تركيا، التي تطالب بالإفراج عنه أو مواجهة العقوبات الاقتصادية الأمريكية.
وتوافق هذا السبب مع زيادة التدخل الحكومى فى سياسية البنك المركزى التركي، بل زيادة الاستثمارات الخليجية العقارية التى تعد نمواً لا يعتد به في الدول المتقدمة كأساس للنمو الاقتصادي، وأن انخفاض سعر الليرة مقابل الدولار أدى إلى عجز تركيا في مواجهة سداد فاتورة الاستيراد من الغاز الطبيعي الذي يبلغ 90% من الواردات التركية، بل إنَّ قروض تركيا تزداد وتفاقم عجز الحكومة التركية من سداد فاتورة خدمة الدين الخارجي، وبالتالى يزيد من عجز الموازنة العامة للدولة.
واستخلص اقتصاديون أن تركيا تدفع فاتورة انخفاض سعر الليرة بسبب التدخلات السياسية الخارجية في كثير من الدول العربية، مما يزيد من ميزانية الأمن القومي، وهذا الانفاق يعد أحد معوقات التنمية الاقتصادية، علاوة على التوترات الداخلية والصراع مع حزب العمال الكردستانى متمثلة في المشكلة الكردية المستمرة منذ عقود دون علاج جذرى.