ـ "المزايا": الاقتصاد الأمريكي مهيأ للدخول في أزمة ديون جديدة كونه بات غريماً لغالبية الاقتصادات الناشئة
ـ القطاع العقاري الأوروبي أكثر القطاعات تماسكاً ونمواً على الطلب
ـ السعودية تنفق 97 مليار ريال لرفع نسب تملك المساكن إلى 60% بحلول 2020
أظهرت مؤشرات الأداء المالي والاقتصادي على مستوى دول المنطقة والاقتصاد العالمي ككل معطيات أكثر تفاؤلاً بقدرتها على تجاوز تداعيات الازمة المالية العالمية وقت حدوثها، فيما تظهر مؤشرات الأداء في الوقت الحالي مستويات أقل قوة عن قدرتها على تجاوز التداعيات الشاملة التي تحدثها التطورات المالية والاقتصادية المتصاعدة والتي تتقدمها النزاعات التجارية التي على ما يبدو ستعيد عقارب الساعة إلى الوراء عقود طويلة.
ويقول التقرير العقاري الأسبوعي لشركة المزايا القابضة أن الثابت الوحيد ضمن هذه المعطيات هو مؤشرات حدوث أزمة عالمية باتت محتملة دون القدرة على تحديد مصدرها وقوتها واتساعها، إلا أن القطاع العقاري بات أكثر قوة وأكثر قدرة على التعامل مع الهزات والتحديات كونه قد استوعب نتائج الأزمات المتلاحقة وأثبت قدرته على النمو خلال السنوات الماضية على الرغم من دخوله في أزمة تراجع أسعار النفط والذي أفقدته قوة الدفع الذي بدأها في بداية 2012. في ظل اتجاه الحراك العالمي الكلي نحو مزيد من التشدد النقدي وتعزيز النزعة الحمائية للصناعات المحلية في مواجهة المنتجات المستوردة والتي ستنعكس على تحجيم الاتفاقيات الخاصة بالتجارة الدولية الحرة المعمول بها.
وأشار تقرير المزايا إلى أن القطاع العقاري بات بعيداً عن أية هزات أو مخاطر عميقة كالتي حدثت في 2008، حيث تهاوى البناء الورقي عندما بدأ الاحتياطي الفدرالي الأمريكي برفع الفائدة في ذلك الوقت، وفقد عشرات الملايين من الناس لممتلكاتهم ووظائفهم ودمرت تريليونات الدولارات من الثروات دون أن يكون لهم دور مباشر في إحداث الأزمة، لتعاني الأسواق العالمية والقطاعات الاقتصادية الرئيسية الكثير من التحديات وفي مقدمتها القطاع البنكي والعقاري وقطاع الخدمات، والتي يمكن مشاهدة آثارها العميقة طويلة الأجل على كل مشروع تعطل أو تعثر وعلى كل شركة أو مصرف أغلقت أبوابها ولم تعد للعمل.
وعلى كل اقتصاد لايزال يحاول حتى اللحظة النهوض وتجاوز العجوزات المالية بالمزيد من سياسات التحفيز والتطوير وتوسيع العلاقات التجارية مع الشركاء الرئيسيين، بالإضافة إلى تحقيق معدلات نمو مستهدفة من خلال خطط قصيرة ومتوسطة الاجل، في المقابل فإن من غير الممكن القول إننا نعيش حالة من التعافي وتجاوز تداعيات الأزمات المتواصلة ولا يمكننا القول إننا أصبحنا جاهزين لتحمل تداعيات أزمة جديدة من المؤكد أننا لسنا المسبب وليس لنا دور في الوصول إليها بالإضافة إلى ضعف قدرتنا على التنبؤ بحدوثها وهذا هو الاخطر.
ويتابع تقرير المزايا أن لاشي محصن بنسبة 100% ولا يوجد استثمار أو قطاع بعيد عن الأزمات بشكل مباشر أو غير مباشر كما لا يوجد اقتصاد على المستوى العالمي خارج نطاق التحديات المالية والاقتصادية في الوقت الحالي، وضمن هذا الإطار يمكننا القول إن القطاع العقاري الإماراتي خلال السنوات العشرة الماضية استطاع من قلب موازين الضعف على التشريعات والقوانين التي تسللت منها تأثيرات الأزمة واستطاع كذلك من مراجعة شاملة لكافة المشاريع العقارية وفق معايير الأولويات الوطنية التنموية والإنتاجية، لنتمكن اليوم من القول إن الاستثمار في المنتجات العقارية قادر على توليد عوائد جيدة تتراوح بين 8% و10% على الرغم من التراجع المسجل على مؤشرات الطلب.
كما يمكننا القول أيضاً بأن المبيعات على الخارطة أو قيد الإنشاء وراء التحسن المسجل على وتيرة النشاط لدى إمارة دبي وعند مستويات سيولة جيدة وصلت إلى 131 مليار درهم من التصرفات العقارية خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي.
كما أن شركات التطوير العقاري باتت قادرة على منح الكثير من التسهيلات للمستثمرين وأن المنتجات العقارية تتداول عند مستويات سعرية عادلة ومتاحة لكافة الفئات مع توفر قنوات تمويل تتناسب وكافة فئات المتعاملين، يضاف إلى ذلك وضمن إطار خطط التحوط والتنويع الجاري تنفيذها منذ 2010، فقد بلغ متوسط معدل نمو الناتج المحلي غير النفطي 4.6% وهذا يعني أن القطاعات الاقتصادية باتت أكثر إنتاجية وقادرة على منح الاقتصاد المحلي المزيد من عوامل القوة في مواجهة الأزمات.
وتحدث تقرير المزايا عن الإنجازات التي حققها القطاع العقاري لدى المملكة العربية السعودية خلال السنوات العشرة الماضية على الرغم من كون القطاع العقاري لدى المملكة الأقل تأثراً بتداعيات الأزمة المالية، كونه يعتمد على الطلب المحلي ولم تكن المشاريع العقارية المطروحة للبيع أو الاستثمار تستهدف الاستثمار الأجنبي كونه غير متاح في تلك الفترة، لتتركز الخطط الحكومية على رفع نسب امتلاك المواطنين للمسكن المناسب والتي لازالت متدنية حتى اللحظة ولم تصل إلى 50%، فيما تتجه الجهات الرسمية إلى إنفاق ما يزيد عن 97 مليار ريال لرفع نسب تملك المساكن إلى 60% بحلول 2020، وبنسبة 70% بحلول 2030، حيث انحصرت التأثيرات على وتيرة النشاط وطرح المشاريع كون الاقتصاد العالمي في حالة انعدام للتنفس أثرت بدورها على كافة اقتصادات العالم.
وفي الإطار فقد تواصلت عمليات تحقيق التوازن بين العرض والطلب لدى السوق السعودي كونه عانى من اختلالات عميقة أدت إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني وذلك بفرض رسوم الأراضي البيضاء بنسبة 2.5% من قيمة الأرض والتي أدت إلى تصحيح كبير على الأسعار المتداولة وباتت أكثر عدالة للتملك والاستثمار، في حين أن الموازنة التوسعية التي تم اقرارها للعام الحالي بقيمة إجمالي وصلت إلى 978 مليار ريال تستهدف زيادة الانفاق لتحريك الدورة الاقتصادية كون السيولة الإضافية تساهم في الخروج من حالة الركود التي يعانيها أي اقتصاد.
ولا يمكننا الحديث هنا عن مؤشرات الضعف والتعافي ومدى نجاح خطط النمو المالي والاقتصادي على المستوى الإقليمي والعالمي دون الحديث عن أكبر اقتصاد في العالم والذي يعتبر مصدر التعافي ومصدر الأزمات للاقتصاد العالمي بنفس الوقت، وكونها من أهم المتحكمين بالسياسات الدولية وحركة التجارية العالمية وسيادة الدولار الأمريكي فوق كل عملات العالم، ولا يمكننا أيضاً إهمال توالي عثرات اقتصاد الولايات المتحدة حيث بات من المرجح دخول الاقتصاد الأمريكي بأزمة ديون جديدة كونه بات غريماً لغالبية الاقتصادات الناشئة حول العالم ويواصل العمل للحد من تقدمها والوصول إلى الصدارة.
وبات واضحاً انخفاض نسبة مساهمة الاقتصاد الأمريكي في الناتج الإجمالي العالمي بالإضافة إلى توجهات الإدارة الحالية، والتي بدورها تعكس مدى التراجع والتأثير، حيث تنوي الانسحاب من اتفاقية التجارة عبر الهادي كونها لا تخدم المصالح الاقتصادية الأمريكية.
فيما أظهرت الميزانية الجديدة انخفاضاً بنسبة تصل إلى 28% من الميزانية الخارجية الأمريكية وبرامج المساعدات، يضاف إلى ذلك الأجواء المتوترة مع مجموعة العشرين وما يليها من تراجع وتقلبات للدولار الأمريكي، مروراً بالارتفاع المسجل على مؤشر القلق الاقتصادي، ووصولاً إلى أزمة الديون السيادية والتي تعتبر المسبب للانكماش ومصدراً للأزمات الداخلية، وهذا يعني أن مؤشرات الأداء الايجابية والسلبية ستتأثر بها اقتصادات الدول وفقاً لمستوى ارتباطها بالاقتصاد الأمريكي خلال الفترة المقبلة.
وأفاد تقرير المزايا أن الأداء الاقتصادي والأوروبي ليس بعيداً عن النمو من خلال قدرته على رفع مستويات التشغيل وفتح أسواق جديدة وليس بعيداً أيضاً عن التأثر بالأزمات المالية والاقتصادية التي تولد في الخارج فيما يصنف السوق العقاري الأوروبي من أكثر القطاعات تماسكاً ونمواً على الطلب والأسعار وأكثر بعداً عن تسجيل مستويات تصل إلى مستوى الفقاعات السعرية كونه يعد من أكثر الأسواق كفاءة في العرض والطلب، وتشير البيانات المتداولة إلى أن الربع الأخير من العام الماضي قد سجل ارتفاعاً على أسعار العقارات بنسبة 4.5%، يأتي ذلك ضمن ظروف ائتمانية تتمتع بالسهولة وأسعار فائدة منخفضة.
وأشار تقرير المزايا إلى أن الاشكالية لدى العقاري الاوروبي تتمثل في ارتفاع أسعار المساكن أسرع من الارتفاع المسجل على دخل المواطنين وهو مؤشر يعكس مدى الخطورة على الأسر الأكثر فقراً، وتزداد صعوبة الحصول على السكن من قبل هذه الفئة على الرغم من انخفاض فوائد الائتمان حيث يعود ذلك بالفائدة أكثر على الأثرياء وليس على الأكثر فقراً، يضاف إلى ذلك فإن الارتفاعات السعرية المسجلة تبدو متباينة بين منطقة وأخرى، حيث تسجل المناطق الأكثر جاذبية ارتفاعات كبيرة على الأسعار مقارنة بالارتفاعات المسجلة على المناطق خارج المدن الرئيسية ومن هنا تأتي مخاطر تشكل فقاعات عقارية جديدة.
وختم تقرير المزايا القول إن مؤشرات أداء القطاع العقاري على مستوى دول المنطقة باتت أبعد ما يكون عن إنتاج الفقاعات العقارية والعودة إلى التشوهات المسجلة وبات أكثر تماسكا بالاعتماد على المستخدم النهائي والمشاريع الحقيقية والتي حافظت على الأسعار ضمن المستويات العادلة لكافة الأطراف خلال سنوات ما بعد الأزمة.
وشدد تقرير المزايا على العلاقة بين أسواق المعادن وحركة الدولار الأمريكي يتبعها مسارات أسعار الفائدة والتهافت المسجل على تداول العملات الإلكترونية، والتي ستشكل مجتمعة المصدر الأكثر خطورة على اقتصاديات الدول الناشئة والصناعية على حدٍ سواء خلال الفترة المقبلة.
إقتصاد
المزايا: 10 سنوات على الأزمة المالية والقطاع العقاري أكثر تحصيناً وبعداً عن الفقاعات
16 سبتمبر 2018