تعهدت دول الحلف الاطلسي "الناتو" الابقاء على "وجود دائم" في شرق اوروبا حيث يثير موقف روسيا مخاوف كبرى، ولا سيما من خلال قوة تدخل قادرة على الانتشار خلال ايام قليلة.واقر الحلفاء خلال قمتهم في نيوبورت بويلز الجمعة انشاء قوة تدخل سريع جديدة تهدف الى "تعزيز الدفاع المشترك" بحسب المهمة الاساسية للحلف الذي تشكل في مطلع الحرب الباردة قبل 65 عاما، ولا سيما مواجهة التهديدات الجديدة والابقاء على وجود "دائم" في اوروبا الشرقية.واعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما في ختام القمة التي استمرت يومين "اكدنا مجددا قبل اي شيء على المهمة المحورية للحلف".وتابع "ان هجوما مسلحا ضد اي منا سيعتبر بمثابة هجوم علينا جميعا. انه واجب ملزم بموجب المعاهدة وغير قابل للتفاوض".وقال ان الحلف سيواصل دورياته الجوية المعززة فوق دول البلطيق ويواصل نشر سفنه في البحر الاسود وبحر البلطيق وسيضاعف تدريباته العسكرية في الشرق، مذكرا بان الولايات المتحدة وعدت في يونيو بتقديم مليار دولار "لطمأنة اوروبا".ودعما لاهداف الحلف الاطلسي الجديدة، قال اوباما ان الدول ال28 ستزيد انفاقها على الدفاع بحيث تخصص 2 بالمئة من ناتجها الاقتصادي السنوي للنفقات العسكرية، بعدما سجل انحسار في هذه النفقات على مدى سنوات.وتبدي دول البلطيق التي تضم اقليات كبيرة ناطقة بالروسية وكذلك بولندا مخاوف شديدة من ان تكون الضحايا المقبلة لروسيا المتهمة بالسعي لزعزعة الاستقرار في المنطق للابقاء على نفوذها فيها.من جهته قال الامين العام للحلف الاطلسي اندرس فوغ راسموسن "اتفقنا اليوم على الابقاء على وجود ونشاط متواصلين في الجو والبر والبحر في القسم الشرقي من الحلف، على اساس مناوبات".واعلن عن تشكيل "قوة تدخل سريع" تكون بمثابة "راس حربة" و"ستضم الاف العناصر من القوات البرية جاهزة للانتشار خلال ايام قليلة بدعم جوي وبحري ومن قوات خاصة" بحيث يتمكن الحلف من "التعامل بشكل سريع وحازم مع اي تهديد".وقال راسموسن ان "هذا القرار يوجه رسالة واضحة مفادها ان الحلف الاطلسي يحمي كل حلفائه في كل الاوقات" وان على اي "معتد محتمل" ان ياخذ ذلك بالاعتبار.ويملك الحلف الاطلسي "قوة تدخل" اكبر غير انها لم يسبق ان تحركت حتى الان في مسرح عمليات ويرى المحللون ان نشرها ميدانيا يستغرق اسابيع ما يعتبر مهلة اطول من ان تشكل قوة ردع ذات مصداقية في وجه تهديدات ذات طبيعة متغيرة.ويرى المحللون ان التكتيكات الروسية في اوكرانيا مثل استخدام شبكات التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة لتبديل موقف الراي العام ومباغتة خصومها، بالتزامن مع استخدام قوتها العسكرية التقليدية، فاجأت الحلف الاطلسي وشكلت تحديا لعقيدته.واقرت القمة كذلك "خطة جهوزية للتحرك" واسعة النطاق لتعزيز الدفاع المشترك، تهدف الى طمانة الحلفاء المتخوفين على ضوء الازمة الاوكرانية وتقدم تنظيم الدولة الاسلامية الكاسح في العراق وسوريا وانعدام الاستقرار في شمال افريقيا.وقالت ليتوانا انه في هذا السياق سيقيم الحلف الاطلسي "مراكز" على اراضيها وفي بلدان اخرى من البلطيق لكن راسموسن كان اكثر تحفظا في هذا الشأن.وقال انه سيتم نشر "منشآت قيادية" في شرق اوروبا بدون اضافة اي تفاصيل اخرى مفاديا الكلام عن "قواعد دائمة" ما يهدد باثارة استياء روسيا.وقال "ما زال علينا ان نحدد موقع منشآت الاستقبال بشكل دقيق. لكنني اخذت علما اليوم بان دول البلطيق وبولندا ورومانيا ابدت استعدادها لاستقبال مثل هذه المنشآت".كما تنص الخطة على نشر تجهيزات ومعدات في مواقع مسبقة وزيادة تقاسم المعلومات.ومن غير المتوقع المصادقة على تشكيل هذه القوة المتعددة الجنسيات الجديدة التي ستبلغ كلفتها مئات ملايين اليورو في السنة قبل نهاية السنة وسبق ان تعهدت بريطانيا بالمساهمة فيها بالف عسكري.وقال راسموسن "هذا اظهار لتضامننا وتصميمنا" مضيفا ان "من نتائج خطة التحرك هذه ان الحلف الاطلسي سيكون له وجود اكثر ظهورا في الشرق واعتقد ان ذلك يوجه رسالة في غاية الوضوح الى موسكو".ووقع الحلف الاطلسي وروسيا عام 1997 "وثيقة تاسيسية" يتعهد الحلفاء بموجبها عدم اقامة قواعد دائمة في دول حلف وارسو السابقة ويلتزم الطرفان بموجبها عدم تغيير حدود هذه الدول بالقوة.وحرص راسموسن الذي يسلم مهامه في نهاية سبتمبر الى رئيس الوزراء النروجي السابق ينس ستولتنبرغ، على التاكيد على ان الحلف الاطلسي سيلتزم بهذه الوثيقة، في حين اتهم روسيا مرارا بمخالفة الوثيقة من خلال التدخل في اوكرانيا.كما ان قوة التدخل السريع ستسمح للحلفاء بمواجهة ازمات اخرى في العالم.وقال راسموسن بهذا الصدد ان "البيئة الامنية اكثر غموضا من اي وقت مضى. روسيا تهاجم اوكرانيا. وفي الشرق الاوسط يظهر متطرفون عنيفون. وانعدام الاستقرار يتزايد في شمال افريقيا".وتستضيف بولندا القمة المقبلة للحلف الاطلسي عام 2016 في وارسو وعلق راسموسن ان هذا يعتبر "اشارة قوية جدا" وتاكيدا على "وجود اكثر جلاء في شرق الحلف الاطلسي".