ريانة النهام

"تفاؤل" مؤسسة خيرية غير ربحية تقدم مجموعة من الخدمات التربوية الخاصة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، بهدف تنمية قدراتهم إلى أقصى حد ممكن وتمكينهم من العيش الكريم، ومساعدتهم على التكيف ودمجهم اجتماعياً.

مديرة المركز هيفاء مرزوق قالت في حوار لـ"الوطن" إن الخطط المستقبلية للمركز تتضمن بناء مقرين الأول للأطفال المصابين باضطرابات التوحد، والآخر يهدف إلى توسيع نطاق الخدمات المقدمة إلى فئات أشمل من الأطفال ذوي الإعاقة وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الموازنة، موجهة نداء إلى مؤسسات المجتمع المحلي وأفراده "لتمويل مشاريع المركز الخيرية التي تخدم هذه الفئة الغالية علينا جميعاً".

وفي ما يلي نص الحوار:

كيف تأسس المركز ؟

تأسست مؤسسة مركز الخدمات التربوية الخاصة للأطفال "تفاؤل" في العام 2007 بجهود مباركة وبروح عالية من التفاؤل والأمل من بعض أولياء الأمور وبعض الشخصيات القيادية التي ساهمت في تأسيسها. ومرت المؤسسة بعدة مراحل؛ فكانت البداية مع تبني صندوق الحد الخيري للمؤسسة إدارياً ومالياً، واحتضان جميع أنشطتها في مراحلها الأولية واتخاذ مقر لها في مركز عبدالله بن مسعود لتحفيظ القرآن الكريم الواقع في مسجد علي بن جبر آل ثاني، وكانت بمثابة نقطة الانطلاق لها. تلتها مرحلة أخرى متمثلة في استئجار مقر آخر عبارة عن شقة صغيرة مكونة من صفين دراسيين فقط. وفي 2008 تم الانتقال إلى مقر المؤسسة الحالي (فيلا رقم 666، طريق 1021، مجمع 110، الحد) الذي يضم مجموعة من الفصول الدراسية الأساسية وغرفة للأنشطة البدنية والرياضية وغرفة للتكامل الحسي، إضافة إلى مرافق أخرى تلبي احتياجات أبنائنا الطلبة.

ما أبرز أهداف "تفاؤل"؟

أخذت مؤسسة "تفاؤل" على عاتقها تحقيق التفوق والتميز في الخدمات التي تقدمها من خلال العمل بروح الفريق الواحد المبني على الاحترام المتبادل والالتزام التام بالمسؤولية بين جميع الأطراف من العاملين والطلبة وأولياء الأمور. ووضعت المؤسسة لنفسها رؤية استراتيجية لتحقيق الريادة في مجال تقديم الخدمات التعليمية والتأهيلية والتدريبية للأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال تطبيق أحدث وأبرز البرامج العالمية المعتمدة، التي تهدف إلى تلبية احتياجاتهم المتنوعة ورفع مستوى نموهم المعرفي والشخصي منذ اللحظات الأولى لاكتشاف الإعاقة، وتأهيلهم بصورة جيدة وأسس علمية بهدف تنمية قدراتهم إلى أقصى حد ممكن، وتمكينهم من العيش الكريم، ومساعدتهم على التكيف مما يتيح دمجهم اجتماعياً

كم عدد المستفيدين من المركز؟

تقدم المؤسسة مجموعة من البرامج والخدمات التربوية الخاصة، أهمها البرامج الصباحية اليومية والجلسات التربوية الخاصة لتنمية القدرات وللنطق والتخاطب، التي تخدم ما يفوق 70 طالباً، ناهيك عن المستفيدين من الخدمات الاستشارية والتقييمية التي يصعب تحديد أعدادهم المتفاوتة من فترة إلى أخرى.

ما الإنجازات التي حققتها المؤسسة في السنوات الماضية؟

حقق المركز عدداً من الإنجازات خلال مسيرته الخيرية التي امتدت عشرة أعوام، إلا أنه في العامين الأخيرين وبدعم من مجلس أمنائه تمكن من إحداث نقلة نوعية في البرامج والخدمات التي يقدمها، لعل أهمها مواكبة أعلى المعايير العالمية في إنشاء الصفوف وتجهيزها بمواصفات تربوية خاصة تراعي اشتراطات الأمن والصحة والسلامة، وتعيين كوادر تربوية مؤهلة بواقع معلم لكل طالبين ورفع كفاءتهم المهنية، وتدريبهم على تطبيق أحدث البرامج والتقنيات. كما تمكن المركز من تأهيل عدد من طلبته للالتحاق ببرامج دمج طلبة اضطرابات التوحد التابعة لوزارة التربية والتعليم ويوجد عدد منهم مرشح لذلك في الفترة الراهنة. وتم استحداث برنامج للتدخل المبكر خلال العام الدراسي الراهن يضم عدداً من الطلبة تتراوح أعمارهم بين 3 إلى 5 سنوات. وبدأ المركز العام الماضي تنفيذ برنامج صيفي متكامل خلال يوليو وأغسطس يشمل جملة من الأنشطة والفعاليات التعليمية والتأهيلية والترفيهية للطلبة.

ما البرامج والأنشطة التي يقدمها المركز؟

تطبق المؤسسة عدداً من البرامج التعليمية والتأهيلية والتدريبية الفردية المقدمة للطلبة والطالبات، ومن أبرزها: برنامج تحليل السلوك التطبيقي (ABA)، وبرنامج تنظيم البيئة الصفية (TEACCH)،وبرنامج التواصل من خلال نظام تبادل الصور (PECS)، وبرنامج التدخل المبكر، إضافة إلى الجلسات التربوية الخاصة لتنمية القدرات والمهارات المعرفية والسلوكية والاجتماعية والجلسات الخاصة لتنمية مهارات النطق والتخاطب. كما تنفذ المؤسسة مجموعة من البرامج والأنشطة الفنية والبدنية والترفيهية للطلبة وبرامج متنوعة للنشاط الصيفي خلال يوليو وأغسطس. أما فيما يتعلق بالأنشطة والبرامج الخاصة بأولياء الأمور والموظفين فتهتم المؤسسة بتنفيذ المحاضرات وورش العمل التثقيفية والتدريبية وإشراكهم في الاحتفالات بالمناسبات المختلفة والرحلات التي تنظمها.

هل تتلقون دعماً من جهات حكومية أو خاصة؟

نظرًا لكون المركز مؤسسة خيرية فهو يعتمد بالدرجة الأولى على المنح والتبرعات من الجهات الحكومية والخاصة، حيث يتلقى المركز دعماً من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بمنحة مالية سنوية بناء على قرار مجلس الوزراء الموقر لبرنامج منح التأهيل الأكاديمي للمراكز التأهيلية الأهلية غير الربحية العاملة في مجال ذوي الإعاقة، إضافة إلى مساهمة بعض مؤسسات المجتمع المحلي وأفراده بالمنح والتبرعات المالية والعينية التي تسهم بشكل كبير في دعم أنشطة المركز المتنوعة وتجويد خدماته.

تشعر أسر كثيرة أن وجود طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة عبء عليها، فكيف يتم التعامل مع هذه الحالة؟

لابد أن نشير أولاً إلى أنه لا يوجد أبوان ينظران إلى طفلهما كنقمة أو بلاء مهما كانت حالته نتيجة ظروف نفسية طبيعية، وبالتالي فإن هذه النظرة التي تكون لدى البعض هي نتيجة لحالة نفسية يمرون بها، فتلقي خبر صادم حول الأبناء له وقع شديد على الأبوين، ومن المرجح أن يمرا بمراحل الصدمة نفسية وهي: النكران، الغضب، المساومة، الاكتئاب، والتقبل (وفقًا لنموذج كوبلر، إلا أنه ليس من الضروري أن يكونا في نفس المرحلة، فردود الفعل تختلف من شخص إلى آخر بطبيعة الحال، فقد يختلف ترتيب هذه المراحل ومدة وحدة كل مرحلة وفترتها من شخص إلى آخر، ونتيجة لذلك ولعدم الوعي بين الطرفين قد تنشأ الخلافات والمشاحنات العائلية الشديدة التي من الممكن أن تؤدي إلى الانفصال أو الطلاق في بعض الحالات، وتنعكس بالتالي على الاهتمام بالطفل وتوفير الرعاية الملائمة له، وهنا يقع على عاتقنا كمختصين وعاملين في مجال رعاية وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة التعامل مع الأبوين بدرجة عالية من المهنية والوعي للظروف النفسية والبيئية أو أية متغيرات أخرى لها تأثير مباشر أو غير مباشر في تقبلهم للحالة. كما يتحتم علينا نشر الثقافة والتوعية الملائمة التي تسهم بشكل فعال في مساندة الأسرة لتجاوز هذه الظروف سواء كان ذلك من خلال تقديم الاستشارات الفردية أو عمل الورش والمحاضرات والنشرات التوعوية، فوعي جميع أفراد الأسرة يسهم بدرجة كبيرة في وصولهم إلى مرحلة التقبل والتكيف مع الحالة ومساندة بعضهم البعض.

إلى أي حد يمكنكم إعادة الطفل لحالته الطبيعية؟

في هذا الصدد لا بد أن ننوه بأن المقصود من الحد الممكن لإعادة الطفل لحالته الطبيعية ليس التماثل إلى الشفاء التام من الإعاقة العقلية والنمائية، والتي لم يكتشف الإنسان لها حتى الآن علاجاً طبياً سواء بالعقاقير أو بالجراحة أو بغيرها. إنما المقصود هنا هو تطوير قدرات ومهارات الطفل إلى أقصى درجة ممكنة، بحيث يكون أقرب ما يمكن إلى الشخص الطبيعي، وذلك يعتمد على عدة عوامل أهمها: درجة وشدة الإعاقة ومدى تعاون الأسرة في تطبيق الخطة التربوية الخاصة بالطفل. فالدور التكاملي بين جميع الأطراف من شأنه أن يحقق النتائج المرجوة ويسرع وتيرتها حسب كل حالة، ورغم وجود بعض الجدل حول البرامج التربوية والتأهيلية والتدريبية بين الباحثين والمختصين في هذا المجال، فإنهم يجمعون على أهمية التدخل المبكر ومدى فاعليته في إصلاح الانحرافات النمائية وتطوير المهارات والاعتماد على النفس في رعاية الذات في المراحل العمرية الأولى من حياة الطفل.

هل يوجد تعاون مع المراكز الأخرى في البحرين أو دول الخليج؟

نحن نؤمن في مؤسسة تفاؤل بأهمية التعاون وتبادل الخبرات بين المؤسسات المحلية والدولية المهتمة برعاية وتأهيل ذوي الإعاقة بما يخدم ويعزز فرص التطوير في البرامج المختلفة وتحسين الشراكة المجتمعية مع مؤسسات المجتمع المحلي كشريك فاعل في تحقيق النمو الشامل المتكامل لهذه الفئة، لذا تم التركيز خلال العام الحالي والماضي على تنفيذ الزيارات والدورات التدريبية بالتعاون مع المؤسسات المحلية الأخرى ذات الاهتمام المشترك للتعرف على تجاربهم والاستفادة من خبراتهم في هذا المجال واستقبال الوفود من المملكة وخارجها في مقر المؤسسة لتعريفهم بطبيعة نشاطها وخدماتها.

ما أبرز التحديات التي تواجهونها؟

بالنسبة لأهم التحديات التي تواجه هذه المشاريع فهي تتمثل في صعوبة الحصول على التمويل الكافي لإتمامها. لذا فإننا من خلال صحيفتكم الغراء نوجه نداءنا إلى مؤسسات المجتمع المحلي وأفراده لتمويل هذه المشاريع الخيرية التي تخدم هذه الفئة الغالية علينا جميعاً.

ما مشاريعكم المستقبلية؟

ترتكز الخطط المستقبلية على مشروعين رئيسين مرتبطين باستراتيجية المؤسسة وأهدافها هما: المشروع الأول بناء مقر جديد له قدرة استيعابية أكبر للأطفال المصابين باضطرابات التوحد في الفترة الصباحية من خلال زيادة عدد الصفوف الخاصة بهم وهو قيد الإنشاء في الفترة الراهنة ومن المؤمل الانتهاء من تجهيزه خلال عام واحد حال توافر التمويل المطلوب. والمشروع الثاني إنشاء مقر آخر وقفي تضم مخططاته عدداً من الشقق السكنية ومساحة مخصصة للمؤسسة وبعض المرافق الأخرى كقاعة للمحاضرات ومقر للإيواء المؤقت، بحيث يهدف هذا المشروع إلى توسيع نطاق الخدمات المقدمة إلى فئات أشمل من الأطفال ذوي الإعاقة وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الموازنة.