اتضح أن «الخبراء» الاقتصاديين في المنظمات الاقتصادية العالمية لا تعجبهم سياسات توطين الوظائف التي تتبعها دول الخليج العربية. فرأيهم الموثق في تقرير «التنافسية في العالم العربي 2018» الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي الشهر الماضي يرى أن هذه السياسات تؤخر المساعي لتنويع الاقتصاد. لماذا؟
يعتقد «الخبراء» أن سياسات توطين الوظائف بالإضافة إلى رفع رسوم تأشيرات العمل للأجنبي ومنع الأجانب من العمل في بعض القطاعات ومنعهم من التنقل بحرية بين كفيل وآخر أمور تؤثر سلباً على استقطاب الأكفأ من العالم مما يعرقل نهوض القطاع الخاص ومحاولات تأسيس مشاريع تعتمد على الابتكار والتكنولوجيا وهي التي يعتمد عليها اقتصاد المستقبل. وقد أشاد التقرير بنظام التصريح المرن أو «الفيزا المرنة» الذي طبقته البحرين معتبراً إياه خطوة في الاتجاه الصحيح.
إذاً كل المطالبات الشعبية في الدول الخليجية التي تنادي بضرورة إحلال المواطن بدلاً من الأجنبي تصطدم بوجهة نظر الخبراء وتقاريرهم وهذا أمر صعب، خاصة أننا نعلم أن تقارير «الخبراء» تجد عادةً آذاناً صاغية لها في الدول الخليجية.
فمع ازدياد أعداد الخريجين الباحثين عن عمل في دول الخليج وعدم قدرة الحكومات على استيعابهم داخل أجهزة الدولة ووزارتها المترهلة يصبح من الضروري تحفيز القطاع الخاص وتشجيعه على التطور والنمو كي يمتص هذه الأعداد. ويوازي ذلك تشجيع ودعم المبادرات التجارية الفردية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الناشئة التي هي أيضاً إذا نجحت أزاحت جزءاً من هم توظيف المواطنين. هذا بالإضافة إلى أهمية تنويع الاقتصاد كي يقل الاعتماد على الغاز والنفط كمصدر دخل يكاد يكون الأوحد للدول الخليجية.
وفي نفس الوقت إذا أرادت دول الخليج النهوض بالقطاع الخاص وجعله مساهماً فعالاً في الناتج القومي وتشجيع المبادرات التجارية الفردية، فهي مضطرة أن تكون أكثر مرونة في التعامل مع ملف العمالة الأجنبية لأنها لا تملك حتى الآن الأعداد الكافية من المؤهلين من مواطنيها للقيام بوظائف القطاع الخاص، وإن وجدوا فتكلفتهم عالية مقارنة بالأجنبي.
معضلة حقيقية، وتحدٍ صعب بلا شك.
السؤال: هل ستستوعب الدول الخليجية وتتحمل التذمر الشعبي المتواصل والمعلن من كثافة الأجانب فيها من أجل النهوض بالقطاع الخاص وتخطو بجرأة نحو تطبيق ما يوصي به «الخبراء»، أم أنها ستقدم المواطن وتحقق له رغبته الملحة في الحصول على وظيفة في بلده وتخاطر بطموح تنمية وتوسعة القطاع الخاص؟
لا توجد إجابة محددة، ولكن الواضح أن الإسراع في تبني مقترحات «الخبراء» أمر في غاية الخطورة، لأن الكثير من هذه المقترحات والتوصيات تبقى في خانة التنظير -حتى لو استعانت بالرسوم البيانية المتقدمة وأدخلت ما يعرف بالـJargon أي المصطلحات التقنية المعقدة التي تبهر القارئ والمستمع- فهي لا تراعي واقع الحال ولا العواقب.
لذلك، أعتقد أنه من المهم تحقيق التوازن بين الطموح والواقع، هذا بالإضافة إلى النظر بعمق إلى انعكاسات أي سياسة جديدة على المزاج العام. فإذا طبقت سياسة معينة من المهم أن تكون تدريجية وقادرة على تسويق نفسها خاصة إذا كانت إيجابية ومفيدة.
الأكثر وضوحاً من هذا كله، هو أن الحاضر والمستقبل سيشهدان انسحاباً من قبل الحكومات في إدارة الكثير من القطاعات حتى الحيوية منها مثل الغاز والنفط، وذلك كي تترك القطاع الخاص يأخذ زمام الأمور، فنموذج الستينات والسبعينات الذي تبنته الدول الخليجية في الإدارة انتهى وبه تنتهي الكثير من المزايا وتقل الرفاهية.
يعتقد «الخبراء» أن سياسات توطين الوظائف بالإضافة إلى رفع رسوم تأشيرات العمل للأجنبي ومنع الأجانب من العمل في بعض القطاعات ومنعهم من التنقل بحرية بين كفيل وآخر أمور تؤثر سلباً على استقطاب الأكفأ من العالم مما يعرقل نهوض القطاع الخاص ومحاولات تأسيس مشاريع تعتمد على الابتكار والتكنولوجيا وهي التي يعتمد عليها اقتصاد المستقبل. وقد أشاد التقرير بنظام التصريح المرن أو «الفيزا المرنة» الذي طبقته البحرين معتبراً إياه خطوة في الاتجاه الصحيح.
إذاً كل المطالبات الشعبية في الدول الخليجية التي تنادي بضرورة إحلال المواطن بدلاً من الأجنبي تصطدم بوجهة نظر الخبراء وتقاريرهم وهذا أمر صعب، خاصة أننا نعلم أن تقارير «الخبراء» تجد عادةً آذاناً صاغية لها في الدول الخليجية.
فمع ازدياد أعداد الخريجين الباحثين عن عمل في دول الخليج وعدم قدرة الحكومات على استيعابهم داخل أجهزة الدولة ووزارتها المترهلة يصبح من الضروري تحفيز القطاع الخاص وتشجيعه على التطور والنمو كي يمتص هذه الأعداد. ويوازي ذلك تشجيع ودعم المبادرات التجارية الفردية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الناشئة التي هي أيضاً إذا نجحت أزاحت جزءاً من هم توظيف المواطنين. هذا بالإضافة إلى أهمية تنويع الاقتصاد كي يقل الاعتماد على الغاز والنفط كمصدر دخل يكاد يكون الأوحد للدول الخليجية.
وفي نفس الوقت إذا أرادت دول الخليج النهوض بالقطاع الخاص وجعله مساهماً فعالاً في الناتج القومي وتشجيع المبادرات التجارية الفردية، فهي مضطرة أن تكون أكثر مرونة في التعامل مع ملف العمالة الأجنبية لأنها لا تملك حتى الآن الأعداد الكافية من المؤهلين من مواطنيها للقيام بوظائف القطاع الخاص، وإن وجدوا فتكلفتهم عالية مقارنة بالأجنبي.
معضلة حقيقية، وتحدٍ صعب بلا شك.
السؤال: هل ستستوعب الدول الخليجية وتتحمل التذمر الشعبي المتواصل والمعلن من كثافة الأجانب فيها من أجل النهوض بالقطاع الخاص وتخطو بجرأة نحو تطبيق ما يوصي به «الخبراء»، أم أنها ستقدم المواطن وتحقق له رغبته الملحة في الحصول على وظيفة في بلده وتخاطر بطموح تنمية وتوسعة القطاع الخاص؟
لا توجد إجابة محددة، ولكن الواضح أن الإسراع في تبني مقترحات «الخبراء» أمر في غاية الخطورة، لأن الكثير من هذه المقترحات والتوصيات تبقى في خانة التنظير -حتى لو استعانت بالرسوم البيانية المتقدمة وأدخلت ما يعرف بالـJargon أي المصطلحات التقنية المعقدة التي تبهر القارئ والمستمع- فهي لا تراعي واقع الحال ولا العواقب.
لذلك، أعتقد أنه من المهم تحقيق التوازن بين الطموح والواقع، هذا بالإضافة إلى النظر بعمق إلى انعكاسات أي سياسة جديدة على المزاج العام. فإذا طبقت سياسة معينة من المهم أن تكون تدريجية وقادرة على تسويق نفسها خاصة إذا كانت إيجابية ومفيدة.
الأكثر وضوحاً من هذا كله، هو أن الحاضر والمستقبل سيشهدان انسحاباً من قبل الحكومات في إدارة الكثير من القطاعات حتى الحيوية منها مثل الغاز والنفط، وذلك كي تترك القطاع الخاص يأخذ زمام الأمور، فنموذج الستينات والسبعينات الذي تبنته الدول الخليجية في الإدارة انتهى وبه تنتهي الكثير من المزايا وتقل الرفاهية.