أزمة سكن العزاب الأجانب من أخطر الظواهر التي تهدد استقرار المجتمعات المحلية، فالظروف القاهرة التي يعيشها العمال العزاب تستدعي تدخلاً سريعاً لحل المشكلة وعملاً كبيراً من مختلف الجهات ذات العلاقة، حيث تعتبر مشكلة سكن العمال العزاب الأجانب من القضايا الملحة والمعقدة لقيامها على عوامل اجتماعية واقتصادية وقانونية.
ولذلك لا بد لحلها من تضافر جهود عدة جهات رسمية وأهلية لدراسة وضع آليات وأنظمة علاج مشكلة سكن العمال العزاب الأجانب في المناطق التي تسكنها الأسر البحرينية، والرغبة في تخصيص سكن للعمال الأجانب العزاب في جميع المناطق الصناعية في البحرين، والتي قد أثيرت أخيراً كمشكلة اجتماعية. وليس من السهل السيطرة على المشكلة دون حصول توافق معظم الجهات على حجم المشكلة وتعريف المشكلة وتحديد الجهة المستهدفة وهي فئة العمال الأجانب العزاب غير المهرة ومن الجنسين. وتتلخص المشكلة بوجود مشكلات اجتماعية وأمنية أدت إلى تدهور في البيئة الحضرية في المناطق التي يسكنها العمال الأجانب العزاب.
وأسباب المشكلة تتمثل في أنه لا يوجد نص قانوني يحد من تسكين العمال العزاب بجوار سكن العوائل البحرينية، إضافة إلى قلة الأجور التي يتقاضاها العمال، ومسؤولية صاحب العمل عن توفير سكن مناسب قبل وصول العمال إلى البحرين، وقلة المعروض من السكن لذوي الأجور المتدنية من العمالة، ومحاولة صاحب العمل تقليل كلفة التشغيل للمشاريع، وإعطاء بدل السكن للعامل، وكثرة العمالة من فئة الفري فيزا «Free Visa» في الفترة الماضية، وضرورة الحد منها.
ويعاني العمال، وبشكل خاص عمال البناء، ظروفاً صعبة جداً في جميع النواحي سواء في ظروف العمل الصعبة، وخصوصاً في الصيف أو مساكن العمال المكدسة وسيئة الحال، والاهتمام الصحي يكاد يكون ملغياً، إضافة إلى عدم دفع الرواتب لعدة شهور متكررة، كما أن الأجور متدنية مقارنة بالأسعار المرتفعة، والمشكلة الأخرى تنحصر وبصفة خاصة في تلك المجموعة المعروفة باسم «الفري فيزا» الذين يعملون في أعمال مؤقتة ومتغيرة، والهاربين من كفلائهم والذين يعملون بعيداً عن الكفيل، وما إلى ذلك من هذه الفئة التي تتقاضى في أغلب الأحوال مقابلاً متواضعاً عن أعمالهم تتحايل على ظروف المعيشة بالسكن الجماعي في المساكن القديمة المتهالكة أو المهجورة أو المساكن المتواضعة، حيث يقيم في الغرفة الواحدة العديد من الأشخاص في ظروف صحية وبيئية غير مناسبة.
وإن نظرة سريعة على مناطق البحرين تجعلنا ندرك أن العمالة الوافدة كبيرة جداً وآخذة في التزايد الطردي، ولعل العاصمة هي أكثر مناطق البحرين تأثراً بهذه الظاهرة، أما بقية المناطق فمن الممكن الرجوع إلى المجالس البلدية لرصد نسبة العمالة فيها. ولعل من أهم أسباب المشكلة الطفرة العمرانية والاقتصادية في البحرين، وقلة الأراضي السكنية، والنمو السكاني السريع للمجتمع البحريني، وعدم تحديد الاشتراطات والتشريعات المناسبة لحجم الظاهرة. والمطلع على ما جاء من قرارات عن وزارة الصحة، يلاحظ أن المواد والقوانين الصادرة لم تركز على موضوع تحديد مناطق خاصة لسكن العمالة الوافدة من الأحياء السكنية، وإنما ركزت على الجوانب الصحية عموماً، وأن إمكانية توافر سياسة معينة لتحديد مناطق خاصة لسكن العمالة الوافدة يجب أن تأخذ في الاعتبار أموراً مثل تصنيف العمالة من حيث البلد الوافد منه، وطبيعة العمل في البحرين، ونوع السكن، وتحديد وتوزيع سكن العمالة الوافدة في أرجاء البحرين، إضافة إلى وجوب توفير المرافق العامة في مجمعاتهم السكنية. ومن الممكن الأخذ في الاعتبار تجربة وزارة الداخلية مع منتسبيها كمثال يستحق الرجوع إليه، وعلى المدى البعيد يمكن إصدار قانون لتنظيم سكن العمال الأجانب غير المهرة وتحديد الجهة المشرفة على متابعة وتنفيذ وتطبيق اللوائح والتشريعات التي تخص سكن العمال العزاب، عن طريق تشكيل لجنة دائمة تكون مهمتها وضع مقترح قانون يكون أساسه وضع ضوابط واشتراطات تخطيطية وتصميمية لحل مشكلة سكن العمال العزاب على المدى البعيد، ووضع قواعد قانونية تكون منصفة للجميع وتتفهم حاجة أصحاب الأعمال والعمالة الأجنبية. أما على المدى القصير فيتحقق ذلك بإشعار أصحاب السجلات التجارية بضرورة توفير سكن للعمال في أماكن تحددها الجهات المعنية كشرط أساسي لجلب العمالة، وتثقيف المواطن بشكل عام وأصحاب السجلات التجارية بشكل خاص بأهمية اتباع القوانين المتعلقة بالموضوع ذاته من أجل مجتمع أكثر رقياً وحضارة، وتكثيف الحملات الصحية من قبل وزارة الصحة على سكن العمال بصورة عامة، وتفعيل مقترح توفير سكن العمال «العزاب» الأجانب غير المهرة بإمكانية البناء المسموح بها لسكن العمال في المناطق الصناعية، مع التأكيد على أهمية العمالة الأجنبية.
فالبحرين مرت في السنوات الماضية بتطور اقتصادي هائل وسريع ويتمثل حالياً بأفضل الحالات في ظل التوقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي والتحول إلى مركز تجاري واستثماري عالمي بفترة قصيرة. ومثل جميع دول الخليج تعتمد البحرين بشدة على العمالة الأجنبية التي تتكون غالبيتها من الآسيويين الذين يشكلون ما يزيد على 50% من السكان. ومع هذا التطور لا بد من وجود موازين ومعايير دولية حديثة تتبنى توازي خطوط التطور بالتكامل للتأكد من عدم إفراز نواحٍ سلبية كبيرة التأثير خلف كواليس الإعمار والازدهار الهائل الذي تشهده البحرين. فلا بد لنا من الارتقاء في هذا الجانب بمعايير العمالة إلى المعايير الدولية، لتظل البحرين جهة جاذبة للعمالة المحترفة، ولكي تستمر البلاد في التقدم والازدهار.
* محلل في الشؤون الاقتصادية والعلوم السياسية
ولذلك لا بد لحلها من تضافر جهود عدة جهات رسمية وأهلية لدراسة وضع آليات وأنظمة علاج مشكلة سكن العمال العزاب الأجانب في المناطق التي تسكنها الأسر البحرينية، والرغبة في تخصيص سكن للعمال الأجانب العزاب في جميع المناطق الصناعية في البحرين، والتي قد أثيرت أخيراً كمشكلة اجتماعية. وليس من السهل السيطرة على المشكلة دون حصول توافق معظم الجهات على حجم المشكلة وتعريف المشكلة وتحديد الجهة المستهدفة وهي فئة العمال الأجانب العزاب غير المهرة ومن الجنسين. وتتلخص المشكلة بوجود مشكلات اجتماعية وأمنية أدت إلى تدهور في البيئة الحضرية في المناطق التي يسكنها العمال الأجانب العزاب.
وأسباب المشكلة تتمثل في أنه لا يوجد نص قانوني يحد من تسكين العمال العزاب بجوار سكن العوائل البحرينية، إضافة إلى قلة الأجور التي يتقاضاها العمال، ومسؤولية صاحب العمل عن توفير سكن مناسب قبل وصول العمال إلى البحرين، وقلة المعروض من السكن لذوي الأجور المتدنية من العمالة، ومحاولة صاحب العمل تقليل كلفة التشغيل للمشاريع، وإعطاء بدل السكن للعامل، وكثرة العمالة من فئة الفري فيزا «Free Visa» في الفترة الماضية، وضرورة الحد منها.
ويعاني العمال، وبشكل خاص عمال البناء، ظروفاً صعبة جداً في جميع النواحي سواء في ظروف العمل الصعبة، وخصوصاً في الصيف أو مساكن العمال المكدسة وسيئة الحال، والاهتمام الصحي يكاد يكون ملغياً، إضافة إلى عدم دفع الرواتب لعدة شهور متكررة، كما أن الأجور متدنية مقارنة بالأسعار المرتفعة، والمشكلة الأخرى تنحصر وبصفة خاصة في تلك المجموعة المعروفة باسم «الفري فيزا» الذين يعملون في أعمال مؤقتة ومتغيرة، والهاربين من كفلائهم والذين يعملون بعيداً عن الكفيل، وما إلى ذلك من هذه الفئة التي تتقاضى في أغلب الأحوال مقابلاً متواضعاً عن أعمالهم تتحايل على ظروف المعيشة بالسكن الجماعي في المساكن القديمة المتهالكة أو المهجورة أو المساكن المتواضعة، حيث يقيم في الغرفة الواحدة العديد من الأشخاص في ظروف صحية وبيئية غير مناسبة.
وإن نظرة سريعة على مناطق البحرين تجعلنا ندرك أن العمالة الوافدة كبيرة جداً وآخذة في التزايد الطردي، ولعل العاصمة هي أكثر مناطق البحرين تأثراً بهذه الظاهرة، أما بقية المناطق فمن الممكن الرجوع إلى المجالس البلدية لرصد نسبة العمالة فيها. ولعل من أهم أسباب المشكلة الطفرة العمرانية والاقتصادية في البحرين، وقلة الأراضي السكنية، والنمو السكاني السريع للمجتمع البحريني، وعدم تحديد الاشتراطات والتشريعات المناسبة لحجم الظاهرة. والمطلع على ما جاء من قرارات عن وزارة الصحة، يلاحظ أن المواد والقوانين الصادرة لم تركز على موضوع تحديد مناطق خاصة لسكن العمالة الوافدة من الأحياء السكنية، وإنما ركزت على الجوانب الصحية عموماً، وأن إمكانية توافر سياسة معينة لتحديد مناطق خاصة لسكن العمالة الوافدة يجب أن تأخذ في الاعتبار أموراً مثل تصنيف العمالة من حيث البلد الوافد منه، وطبيعة العمل في البحرين، ونوع السكن، وتحديد وتوزيع سكن العمالة الوافدة في أرجاء البحرين، إضافة إلى وجوب توفير المرافق العامة في مجمعاتهم السكنية. ومن الممكن الأخذ في الاعتبار تجربة وزارة الداخلية مع منتسبيها كمثال يستحق الرجوع إليه، وعلى المدى البعيد يمكن إصدار قانون لتنظيم سكن العمال الأجانب غير المهرة وتحديد الجهة المشرفة على متابعة وتنفيذ وتطبيق اللوائح والتشريعات التي تخص سكن العمال العزاب، عن طريق تشكيل لجنة دائمة تكون مهمتها وضع مقترح قانون يكون أساسه وضع ضوابط واشتراطات تخطيطية وتصميمية لحل مشكلة سكن العمال العزاب على المدى البعيد، ووضع قواعد قانونية تكون منصفة للجميع وتتفهم حاجة أصحاب الأعمال والعمالة الأجنبية. أما على المدى القصير فيتحقق ذلك بإشعار أصحاب السجلات التجارية بضرورة توفير سكن للعمال في أماكن تحددها الجهات المعنية كشرط أساسي لجلب العمالة، وتثقيف المواطن بشكل عام وأصحاب السجلات التجارية بشكل خاص بأهمية اتباع القوانين المتعلقة بالموضوع ذاته من أجل مجتمع أكثر رقياً وحضارة، وتكثيف الحملات الصحية من قبل وزارة الصحة على سكن العمال بصورة عامة، وتفعيل مقترح توفير سكن العمال «العزاب» الأجانب غير المهرة بإمكانية البناء المسموح بها لسكن العمال في المناطق الصناعية، مع التأكيد على أهمية العمالة الأجنبية.
فالبحرين مرت في السنوات الماضية بتطور اقتصادي هائل وسريع ويتمثل حالياً بأفضل الحالات في ظل التوقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي والتحول إلى مركز تجاري واستثماري عالمي بفترة قصيرة. ومثل جميع دول الخليج تعتمد البحرين بشدة على العمالة الأجنبية التي تتكون غالبيتها من الآسيويين الذين يشكلون ما يزيد على 50% من السكان. ومع هذا التطور لا بد من وجود موازين ومعايير دولية حديثة تتبنى توازي خطوط التطور بالتكامل للتأكد من عدم إفراز نواحٍ سلبية كبيرة التأثير خلف كواليس الإعمار والازدهار الهائل الذي تشهده البحرين. فلا بد لنا من الارتقاء في هذا الجانب بمعايير العمالة إلى المعايير الدولية، لتظل البحرين جهة جاذبة للعمالة المحترفة، ولكي تستمر البلاد في التقدم والازدهار.
* محلل في الشؤون الاقتصادية والعلوم السياسية