لجأت الحكومة التركية إلى حملات دعاية لمشاريع ضخمة تقف حائلاً بينها وبين الغضب الشعبي، في محاولة للتغطية على الأزمة الاقتصادية الخانقة التي بدأت فصولها منذ فترة.
ومن بين المشاريع العملاقة التي تفاخر بها حكومة العدالة والتنمية، هو مشروع المطار الثالث في إسطنبول، لكن الرياح جاءت على ما يبدو بما لا تشتهي الحكومة، بعد انفجار احتجاجات داخل المشروع؛ الذي مازال تحت الإنشاء، بسبب ظروف العمل الصعبة لنحو 35 ألف عامل، من بينهم 5 آلاف مهندس.
وتظاهر قرابة 500 من العمال أمام المطار الشهر الماضي، مؤكدين حصول وفيات نتيجة حوادث، وأن الظروف الحياتية في المساكن التي يقيمون فيها سيئة جداً.
واختارت الحكومة التعامل الأمني، أمام هذه الاحتجاجات، في أعقاب اعتقال مئات العمال، حسبما أورد عدد من النقابات في منتصف الشهر الماضي.
وفي خضم هذه الأزمة، تسلطت الأضواء على المشروع الذي تقول الحكومة إنه سيكون الأكبر في العالم، لكنه جلب الشبهات بأنه الأكبر فساداً في تاريخ البلاد، بحسب صحيفة أحوال التركية.
وأشارت الصحيفة إلى تصريحات نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض أيقوت أردوغدو قال فيها إن مناقصات مطار إسطنبول الثالث شهدت فساداً بمبالغ ضخمة.
وأوضح القيادي المعارض أن "قيمة الفساد في مناقصات المطار وصلت الى 32 مليار ليرة تركية، وهو ما يعادل 5% من الميزانية العامة في تركيا، وهو الفساد الأكبر من حيث القيمة".
وبحسب أردوغدو، فإن القيمة الأعلى في أعمال الإنشاءات تمثلت في أعمال الحفر والردم، مشيراً إلى أن المناقصة كانت تتحدث عن رفع أرضية المطار إلى 90 متراً، لكن تم تخفيضه إلى 60 متراً فقط، دون تعديل كراسة الشروط الخاصة بالمناقصة، ليذهب الفارق في التكلفة إلى وجهة غير معلومة.
ونوه إلى تقليل التكلفة بنحو 2.5 مليار يورو، بينما تم سداد تلك الأموال من جيوب المواطنين لصالح 5 شركات تقوم بالأعمال الإنشائية في المطار، وهو ما يعني أن الأموال التي كانت مخصصة للمشروع ظلت كما هي دون أن يتم توفير فارق خفض التكاليف.
وأعلن أردوغدو عن تقديم بلاغ ضد شركات المقاولات والموظفين الحكوميين ذوي الصلة بالواقعة، ولفت إلى نقص على مستوى التقنيات ربما يؤدي إلى تعرض أمن الطيران للخطر، فضلًا عن زيادة تكلفة المشروع.
وحذر السياسي المعارض من مشكلة أخرى؛ تتمثل في وجود المطار فوق مساحة من المناجم القديمة، مما يجعل الأرض هشة وغير صالحة لمثل هذه الإنشاءات.
ويعاني الاقتصاد التركي من هبوط حاد في سعر صرف الليرة المحلية مقابل الدولار، بينما بدأت الأنظار تتجه إلى ضرورة تقليل الإنفاق الحكومي.
وقدر مصرف "جيه بي مورغان" حجم الدين الخارجي الذي سيستحق خلال الأشهر الـ12 المقبلة، بنحو 179 مليار دولار، ما يعادل نحو ربع الناتج الاقتصادي للبلاد، وهو ما عدّه مؤشراً على احتمال حدوث انكماش حاد في الاقتصاد التركي، إذ أن معظم الدين البالغ 146 مليار دولار مستحق على القطاع الخاص، وخاصة البنوك.
وتواجه تركيا تسارع معدل التضخم قرب 16% خلال يوليو الماضي، كما زاد الطين بلة توقيع واشنطن عقوبات ضد وزيري العدل والداخلية في تركيا، بالإضافة إلى رفع التعريفات الجمركية على صادرات أنقرة للولايات المتحدة.