الأراضي المحتلة - عز الدين أبو عيشة، (أ ف ب)

نظم الفلسطينيون الاثنين إضراباً عاماً للاحتجاج على قانون "يهودية الدولة" في إسرائيل، وأيضاً لإحياء ذكرى استشهاد 13 فلسطينياً عربياً في الأراضي المحتلة سقطوا برصاص شرطة الاحتلال في أكتوبر 2000.

وبالتزامن مع إحياء الذكرى الـ 18 لانتفاضة الأقصى، والتي تأتي مع انتهاء المهلة المحددة لبدء تنفيذ قرار هدم الخان الأحمر، واحتجاجاً على قرار القومية العنصرية الذي أقره الكنيست الإسرائيلي، عمّ الإضراب الشامل كافة مناحي الحياة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الإضراب الأول من نوعه شمل كافة محافظات الضفة الغربية، وكذلك قطاع غزة، إضافة إلى الأراضي المحتلة عام 48، فضلاً عن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المجاورة، ويعد احتجاجاً موحداً أمام العالم على القانون العنصري الإسرائيلي المعروف بـ "قانون يهودية الدولة".

وتهدف إسرائيل من القانون الذي أقرته في يوليو 2018 إلى أنّ تقذف بالشعب الفلسطيني خارج الجغرافيا والتاريخ وخارج الحقوق، حيث ينص قانون القومية الذي يكرس يهودية إسرائيل، على أربعة بنود، هي "أنّ إسرائيل هي الوطن التاريخي لليهود، ويحق لأيّ يهودي القدوم لإسرائيل والحصول على جنسيتها، وحق تقرير المصير في الكيان الإسرائيلي مقتصر على الشعب اليهودي، وأخيرًا تعمل إسرائيل على جمع الشتات اليهودي وتعزيز الجاليات هناك".

ذلك القرار الذي لقي رفضًا شعبيًا كبيرًا، وفصائليًا وكذلك رسميًا، على المستوى الفلسطيني والعربي والدولي كذلك، وحتى على مستوى الكنيست ذاته اعتبره النواب العرب أنّه "اعلان حرب على المواطنين العرب في الكيان".

وجاء الإضراب بدعوة من لجنة المتابعة العليا، المنبثقة عن الهيئة التمثيلية القيادية الوحدوية الأعلى للجماهير الفلسطينية، وأعلنت القوى الوطنية والإسلامية دعمها لنداء القائمة المشتركة العربية في الكنيست الإسرائيلي باعتبار الاثنين، إضراباً شاملاً لمواجهة قانون القومية العنصري.

وشمل الاضراب كلّ مناحي الحياة ومنها الحراك التجاري، والاقتصادي والأسواق المحلية ودائرة النقل والمواصلات، والمدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم، وكافة المرافق و المؤسسات الحكومية والخاصة والدولية أيضًا.

ودانت القوى الوطنية والإسلامية القانون العنصري، ودعت إلى تنظيم فعاليات شعبية تعبيرًا عن وحدة الشعب ونضاله لإسقاط القانون، وشدّدت على ضرورة مواجهة المخطط الأمريكي الهادف لتصفية القضية والمساس بثوابت الشعب في حق عودة اللاجئين وحق تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية.

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بسام الصالحي، قال إنّ "حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية هي حقوق ثابتة لا يمكن أن يتنازل عنها شعبنا المشتت المتماسك في ذات الوقت بحقوقه، ومحاولة إفشال إقامة الدولة الفلسطينية، واستمرار التآمر عليها كما تفعل إسرائيل وأمريكا لن يغير شيئا من حقوقنا".

وأضاف في تصريح لـ "الوطن"، "إضراب الاثنين والفعاليات المرافقة في كامل حدود فلسطين التاريخية، وفي أماكن الشتات الفلسطيني، هو إضراب رمزي ومعنوي، ورسالة أن وحدة الشعب الفلسطيني هي الأقوى في مواجهة المؤامرات التي تستهدف قضيته".

وقانون القومية العنصري، أصبح قانونًا اسرائيليا بعد التصويت عليه داخل أروقة الكنيست بأغلبية 62 ومعارضة 55 وامتناع نائبين عن التصويت، والذي جاء بعد اعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل بداية العام الجاري.

وبعد المصادقة على القانون تصاعدت أعمال الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنات، فيما اعتمد القانون اللغة العبرية كلغة الدولة فيما حدّد استخدام اللغة العربية في المؤسسات بموجب القانون.

وكذلك في القدس، ساد الاضراب معظم مناحي الحياة، وتوقفت حركة المواصلات والنقل العام من وإلى مركز المدينة المقدسة، في الوقت الذي عمّ فيه الإضراب الشامل أسواق ومتاجر القدس القديمة ومحيطها والأحياء والبلدات المتاخمة لها.

أما في الأراضي المحتلة عام 48، عم الإضراب العام والشامل مناطق الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية، تلبية لدعوة الهيئة التمثيلية القيادية الوحدوية الأعلى للجماهير العربية الفلسطينية، وأغلقت المؤسسات العامة والخاصة والمدارس ورياض الأطفال والمحال التجارية أبوابها في كافة المناطق تلبية لنداء الإضراب.

وفي باقي المحافظات الفلسطينية، شمل الإضراب كافة مناحي الحياة، وجدّدت الفصائل رفضها للمواقف الأمريكية الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، داعية جميع قوى الشعب الفلسطيني إلى التلاحم من أجل نصرة قضيته العادلة.

وأفادت مصادر بان المدارس والمؤسسات والمحلات التجارية أغلقت بشكل واسع أبوابها في الاراضي الفلسطينية المحتلة في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك في أبرز المدن العربية داخل اسرائيل.

وقال ان تظاهرة شارك فيها نحو 300 فلسطيني انطلقت في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، نحو حاجز بيت ايل العسكري.

وجرت مواجهات مع الجنود الاسرائيليين الذين استخدموا الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، في حين استخدم الفلسطينيون الحجارة.

وأعلن الهلال الاحمر الفلسطيني "إصابة 26 فلسطينيا بجروح مختلفة إثر المواجهات عند مدخل البيرة الشمالي وفي بلدة العيزرية وابو ديس" مضيفا أن طواقمه "قدمت العلاج للبعض منهم في المكان ونقلت عددا آخر الى المستشفيات".

وفي بلدة جت العربية داخل الاراضي المحتلة القريبة من تل ابيب سار نحو 1500 من عرب 48 في تظاهرة منددين بقانون "يهودية الدولة".

ورفعوا لافتات كتبوا عليها "لا لقانون القومية"، كما رفعوا أعلاماً فلسطينية وحملوا صوراً لضحايا فلسطينيين.

وشهدت البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة حركة خفيفة نتيجة الاضراب. كما يصادف الاثنين آخر ايام عطل عيد يهودي استمر أسبوعا.

وقال خالد ابو عيوش من مدينة رام الله إن الاضراب "هو ضد السياسة التي تتبعها اسرائيل والتي تريد محو القومية الفلسطينية وتشريد المواطنين من أراضيهم، ومحاولة تفريغ الداخل الفلسطيني "عرب 48" والقدس من أهلهما الفلسطينيين وسكانهما الأصليين".

لكن محمود حامد صاحب مخبز في حي المصرارة خارج أسوار القدس القديمة أبقى مخبزه مفتوحاً. وقال "المخابز تفتح عادة في الحروب وخلال الإضرابات لسد حاجة الناس".

وسقط مطلع اكتوبر 2000 ، في ما اصطلح الفلسطينيون على تسميته "هبة الأقصى"، 13 عربياً برصاص الشرطة الإسرائيلية. وقامت السلطات القضائية الإسرائيلية بإقفال ملفات المتهمين من عناصر الشرطة في هذه القضية، الأمر الذي استنكره السكان العرب داخل إسرائيل بشدة.

وسقط الشهداء الـ 13 خلال تظاهرات كانت تندد بالقمع الاسرائيلي في القدس الذي أدى إلى استشهاد العشرات من الفلسطينيين بعيد زيارة أرييل شارون إلى الحرم القدسي الشريف أواخر سبتمبر 2000 ، ما أدى يومها إلى اندلاع الانتفاضة الثانية.

وكان البرلمان الاسرائيلي أقر في يوليو الماضي قانوناً ينص على أن إسرائيل هي "الدولة القومية للشعب اليهودي"، وأن "حق تقرير المصير فيها حصري للشعب اليهودي فقط"، ما أثار غضب الأقلية العربية التي تعيش في اسرائيل، واعتبرته قانونا عنصريا.

كما جاء في هذا القانون أيضاً أن اللغة العبرية ستصبح اللغة الرسمية في اسرائيل، بينما تنزع هذه الصفة عن اللغة العربية، كما تعتبر الدولة أن "تطوير الاستيطان اليهودي قيمة قومية، وتعمل لأجل تشجيعه ودعم إقامته وتثبيته".

وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي في تصريح صحافي "إن الإضراب هو ضد قانون "الدولة القومية" وأيضا للتضامن مع قرية خان الأحمر البدوية في الضفة الغربية" التي تخطط إسرائيل لهدمها، وتقول إنها بنيت بطريقة غير شرعية .

وتسعى حكومات أوروبية ومنظمات غير حكومية إلى منع هدم القرية، معتبرة أن ذلك سيتيح لإسرائيل توسيع مستوطناتها في تلك المنطقة.

من جهته قال عضو الكنيست العربي جمال زحالقة "إن الإضراب كان ناجحاً وتأكدنا من ذلك بعد أن زرنا مدن الناصرة وسخنين وعرابة وكفر كنا" داخل اسرائيل. كما شمل الإضراب أيضاً مدن أم الفحم والطيبة وكفرقاسم.

وفي رد على سؤال حول ما إذا كان الإضراب هو أفضل طريقة للتعبير، قال زحالقة "نحن نعبر بكل الوسائل الممكنة ضد قانون القومية، فلقد تظاهرنا في تل ابيب وفي القرى والمدن العربية، كما قمنا بجولات دبلوماسية في أوروبا للحشد ضد القانون".

وتابع "نحن نناضل ضد القانون عبر وسائل الإعلام والقضاء والنضال الشعبي، إن قانون القومية يستهدف حقوق الشعب الفلسطيني وردنا يجب أن يكون من كل الشعب الفلسطيني".

ويبلغ عدد سكان "عرب 48"، 1.2 مليون شخص اي ما يناهز خمس السكان. وأقرت تقارير رسمية إوهيئات مثل المحكمة العليا بتعرض عرب 48 للتمييز اقتصادياً واجتماعياً.