حكمت المحكمة الصغرى الجنائية – الغرفة الخامسة –برئاسة القاضي عمر السعيدي وأمانة سر شريفة البوعركي ببراءة متهم من جريمة اختلاس أموال بلغت 13 ألف دينار من إحدى الشركات الصناعية.

وقد حضر مع المتهم المحامي محمود ربيع الذي قدم مرافعة مكتوبة جاء فيها لقد تعلمنا فى محراب العدالة المقدس قاعدة اساسية تقضي بأن القانون إذا كان قد أوجب عقاب مرتكب الفعل الآثم، إلا أنه قد كفل له أيضاً ضرورة اليقين الكامل من ارتكابه لهذا الفعل المؤثم وأرسى قضاؤنا العادل القواعد الأصولية التى تحميه وتجعله أمراً لازماً بداية من أن الشك يفسر لصالح المتهم ومروراً بأن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال ولو كان اعترافاً، ونهايةً بأن براءة ألف مذنب خير من إدانة بريء واحد إذ بالاطلاع على أوراق الدعوى لا نجد من دليل ضد المتهم سوى بعض الأقوال المنسوبة لعاملين لدى المجني عليها بمحضر جمع الاستدلالات، وهي أقوال مشكوك في صدقها كون الهدف منها التلفيق والكيد كما بينا في البند الأول، علاوة على تضارب الأقوال بينهم.

وأضاف ربيع أن المحكمة أعلى وأعلم بما تعج بها ساحات المحاكم من اتهامات كيدية يريد بها أصحابها اختلاق وقائع ليس لها أساس من الصحة بغية خلط الأوراق وتغيير الحقائق، والقضية الماثلة من قبيل هذا النوع من القضايا، لافتاً أن تاريخ تقديم البلاغ الجنائي ضد المتهم لدى مركز الشرطة كان بعد ثلاثة أيام من قيام المتهم بقيد دعوى عمالية ضد الشركة المجني عليها بتاريخ للمطالبة بمستحقاته العمالية بعد فصله منها تعسفاً، ومؤكداً أن بلاغ المجني عليها ضد المتهم كان بتاريخ لاحق على الدعوى العمالية الأمر الذي يؤكد أن السبب الحقيقي لتقديم البلاغ هو الكيدية و التلفيق أولاً، ثم معاقبة المتهم على ممارسة حقها الدستوري والقانوني في اللجوء إلى المحاكم العمالية للمطالبها بحقوقه العمالية.

واختتم ربيع مرافعته بالقول إن المتهم محصن بأصل براءته وقد اعتصم بالانكار منذ فجر التحقيات فقد أنكر التهمة المنسوبة إليه لدى سؤاله لدى مركز الشرطة وعاد وأنكر التهمة لدى التحقيق معه بمعرفة النيابة العامة، منبهاً أن البراءة هي قرينة الإنسان ولا يلزم بحال إثباتها، وإنما يكون يحتاج الى الإثبات عكس هذه القرينة وهو الإدانة. وحيث إن البينة المقدمة من النيابة العامة- وهي شهادات العاملين لدى المجني عليها هو دليل الاثبات الوحيد ضد المتهم - وهو دليل غير كاف لإثبات إدانتها كونها قاصراً ويصطدم بما قدم من أوراق ومستندات تفيد الكيدية والتلفيق، فضلاً عن خلو الدعوى من دليل مادي يثبت اقتراف المتهم للجريمة المسندة إليه.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها بأن المحكمة وهي بصدد تقدير أسانيد الاتهام التي قدمتها النيابة العامة تدليلاً على ارتكاب المتهم الواقعة المسند إليه لا ترقى إلى اطمئنان المحكمة وثقتها، ولا ترقى إلى مرتبة الدليل المعتبر في الإدانة وذلك لما أحاطها من شكوك وريب جعلها بمنأى عن ارتياح وجدانها في القضاء بإدانة المتهم مما نسب إليه من اتهام، ذلك أن أوراق الدعوى خلت من ثمة دليل يقيني تطمأن إليه المحكمة بقيام المتهم بإختلاس المبالغ المالية سالفة البيان، كما أن المحكمة لا تطمأن لأقوال شهود المجني عليها كونها جاءت أقوال مرسلة لم تعزز بدليل آخر، كما إن أقوالهم جاءت متضاربة في تحديد المبلغ المختلس.

وأضافت المحكمة في حيثاتها أن المحكمة محصت الدعوى عن بصر وبصيرة وأحاطت بظروفها ووازنت بين أدلة الإثبات وأدلة النفي فترى المحكمة أن دليل الاتهام قاصر عن حد الكفاية لبلوغ ما قصد إليه في هذا المقام ولم تطمئن المحكمة إلى أن المتهم قد ارتكب الواقعة المسند إليه، ولما كانت الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والتخمين الأمر الذي يساور وجدان المحكمة الشك والريبة في دليل الإثبات بحق المتهم مما يتعين معه الحال كذلك القضاء ببراءته مما نسب اليه من اتهام عملاً بنص المادة 255 من قانون الإجراءات الجنائية.

وكانت النيابة العامة قد وجهت للمتهم أنه في بدائرة أمن محافظة المحرق اختلس المبالغ المبينة القدر بالأوراق والمملوكة للمجنى عليها وذلك حال كونه عاملاً وجدت في حيازته بسبب عمله وذلك على النحو المبين بالأوراق.