* "القوات اللبنانية" يشارك في الحكومة و"حزب الله" المهيمن الأكبر

بيروت - بديع قرحاني، (وكالات)

كشفت مصادر لبنانية أنه من المرجح أن يقدم رئيس الوزراء اللبناني المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري التشكيلة النهائية للحكومة إلى الرئيس اللبناني ميشال عون مساء الاثنين أو مساء الثلاثاء بعد حصوله على رد نهائي من حزب "القوات اللبنانية" بشأن الطرح الأخير الذي قدمه له، على وقع أزمات اقتصادية تواجهها البلاد.

وأشارت المصادر إلى أن الساعات المقبلة ربما تكون حاسمة على صعيد جبهة الاستحقاق الحكومي، بعدما حسمت الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية"، موافقتها على المشاركة في الحكومة من خلال العرض الأخير الذي قدم لها.

وبدا رئيس الوزراء اللبناني المكلف أقرب إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بعدما أعلن حزب "القوات اللبنانية" المسيحي بزعامة سمير جعجع الاثنين أنه سيشارك رغم تعرضه "للظلم" في المناصب الوزارية.

ويحاول الحريري منذ الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو الماضي تشكيل حكومة وحل العقدة الأساسية المتمثلة في التنافس بين التيار الوطني الحر التابع للرئيس ميشال عون وحزب القوات اللبنانية وكلاهما من الطائفة المسيحية.

وعرقل التأخير إصلاحات اقتصادية تم تأجيلها لسنوات، لكن ينظر إليها الآن على أنها أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، حيث يكافح لبنان ثالث أكبر نسبة للدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم بالإضافة إلى الركود الاقتصادي.

وقد أعلن رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع في مؤتمر صحافي بعد اجتماع "تكتل الجمهورية القوية" أنه "ومنذ منذ 3 أيام قد تسلم العرض الأخير المتعلق بمشاركتنا بالحكومة وهو كناية عن 4 وزراء وهم نائب رئيس الحكومة والعمل والشؤون الاجتماعية والثقافة"، مضيفا أن "التأخير في الحكومة كان من أجل تحجيم القوات بحال عدم القدرة على إخراجها"، مشددا على أننا "أخدنا القرار بالدخول إلى الحكومة من أجل تحقيق الأهداف التي من اجلها ترشحنا إلى الانتخابات النيابية".

و لفت جعجع إلى أن "كتلة المستقبل تتألف من 20 نائبا وقد نالت رئاسة الحكومة إضافة إلى وزارات أخرى وكتلة العهد 29 نائباً وقد حصلت على العدل والدفاع والطاقة ووزارات مختلفة"، مضيفا "أتمنى على جميع الكتل النجاح رغم أن هناك ظلما كبيرا لحق بالقوات وتكتل الجمهورية القوية". وسأل جعجع "لماذا لا يريدون القوات في الحكومة: نحن من نملأ المراكز وليس العكس، ومن جراء تصرف القوات داخل الحكومة لا يريدونه والسبب الرئيس هو عرقلة القوات لبعض الصفقات"، معتبرا أن "البعض سيحاول تصوير القوات وكأنه انهزم ولكن أقول لهؤلاء انتم من انهزمتم"، مؤكدا أن "الإنسان هو الذي يعطي حجماً للمركز لا العكس والقوات سيكون قوي كيفما كان وهم لا يريدون "القوات" بسبب أدائه في الحكومة السابقة لأنّه تمكّن من توقيف بعض الصفقات".

وتابع جعجع "الموضوع ليس بالحقائب ولن اقلل من حجم الظلّم وما جعلنا أخذ قرار المشاركة هو الإنتاج والفعالية التي سنقوم بها".

في الوقت ذاته، لا يزال الغموض يكتنف عقدة تمثيل "السنّة المستقلين"، وما إذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيسمي أحدهم من حصته، بعد أن رفض الرئيس المكلف سعد الحريري رفضاً قاطعاً توزيرهم من حصته، في حين كشفت معلومات صحفية ان حل هذه العقدة سيكون بان يتخلى "حزب الله" عن احد مقاعده الوزارية لصالح النائب فيصل كرامي وفي حال حصل ذلك سيكون كرامي فيها وزيرا للمرة الثانية بفضل الثنائي الشيعي، في حين يعتبره غالبية جمهور السنة في لبنان انها إهانة بحق آل كرامي، تلك العائلة السنية التاريخية التي باتت تستجدي موقعا وزاريا من خلال "حزب الله"، بعد أن خسروا قيمتهم السياسية والاجتماعية.

أما فيما يخص العقدة الدرزية، فقد انتهت، بعد أن سلّم كل من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" طلال إرسلان مجموعة أسماء إلى رئيس الجمهورية، الذي سيختار واحدا من بينها ليكون الوزير الدرزي الثالث.

وبهذا ستكون الحكومة قاب قوسين أو أدنى من التشكيل، لتطوى فيها ملف تشكيل الحكومة الجديدة ولتفتح فيها الملفات الاقتصادية، وقد يكون التحدي الأكبر والأكثر خطورة هو كيف سيتم التعاطي مع العقوبات الأمريكية على "حزب الله" اللبناني - المصنف إرهابيا بحرينيا وخليجيا وعربيا وأمريكيا - بعد إصراره على تسلم وزارة الصحة. يذكر أن "حزب الله" يبقى المهيمن الأكبر على الحكومة الجديدة مع حلفاءه وبصورة خاصة إذا نجح في توزير فيصل كرامي عن المقعد السني.

وسيمثل تشكيل حكومة على هذا الأساس انتصارا سياسيا لعون وهو حليف لـ "حزب الله" المدعوم من إيران والتي يعد حزب القوات اللبنانية أبرز معارضيها في لبنان.

كانت الانتخابات البرلمانية قد أفرزت برلمانا مائلا لصالح حزب الله وحلفائه السياسيين مع حصولهم على أكثر من 70 مقعدا من أصل 128.

وفي المقابل ضاعف حزب القوات اللبنانية تقريبا عدد نوابه حيث فاز بأكثر من 15 مقعدا.

وفي لبنان يتم توزيع مناصب الدولة وفقا لنظام تقاسم السلطة الطائفي حيث ينبغي أن يكون الرئيس مسيحيا مارونيا ورئيس الوزراء مسلما سنيا ورئيس البرلمان شيعيا. ويجب أن يتم توزيع المقاعد الوزارية في الحكومة المؤلفة من 30 وزيرا بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين.

من المتوقع أن يشغل حزب الله حقيبة الصحة، وهو المنصب الحكومي الأكبر الذي يشغله الحزب، ويزيد عدد وزرائه إلى ثلاثة من اثنين في حكومة تصريف الأعمال الحالية.

وقال مسؤولان كبيران مطلعان إن حزب الله يريد تمثيل حلفائه السنة بوزير في الحكومة الجديدة المكونة من 30 وزيرا.

ورفض الحريري السياسي السني الرئيس في لبنان هذا الطلب حتى الآن. وخسر الحريري أكثر من ثلث مقاعده في الانتخابات وراح العديد منها إلى حلفاء حزب الله السنة وحلفاء سوريا وإيران.

وقال أحد المسؤولين إن القضية السنية قد تؤخر الاتفاق النهائي لكن لن تحبطه، بينما قال مصدر سياسي ثان على اطلاع بمطالب حزب الله "ما في معارضة سنية، ما في حكومة".

وقال محمد رعد رئيس كتلة حزب الله النيابية في تصريحات أذاعتها وسائل إعلام لبنانية "إننا دخلنا إلى المربع الأخير ومرحلة الترقب الجدي في ملف الحكومة ونأمل أن يكون التشكيل قريبا".

كان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري قد لمح الاثنين إلى أن انفراجة ربما تكون وشيكة في المفاوضات الجارية لتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة.

وقال بري ردا على سؤال عن الحكومة "مبدئيا من المفروض يحصل شيء ما اليوم".