- مطارالبحرين البحري في القضيبية علامة بارزة في تاريخ وعالم الطيران

- المطار البحري سبقه مهبط بدائي في "الريس" عام 1918 ونقل بعدها للمحرق

- الطيارات البحرية الكبيرة عرفت في ذلك الوقت باسم "القارب الطائر"

.....

ياسمين العقيدات

بعد مرور مائة عام على وصول أول طائرة من السلاح الجوي الملكي البريطاني في رحلة استكشافية ريادية لمملكة البحرين ودول المنطقة عام 1918م في طريقها إلى كلكتا في الهند بعد توقفها في عدة أماكن وبعدها بعامين، منح المغفور له بإذن الله صاحب السموالشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين في ذلك الوقت ترخيص بناء مطار خارج مدينة المنامة فى منطقة تعرف سابقاً بمنطقة الريس وتعرف الآن بالعدلية حيث ساهم ذلك في دخول البحرين عصرالطيران وضعها ضمن أوائل دول المنطقة التي دخلت عصر الطيران.

مطارالبحرين البحري في القضيبية قد لا يذكره أبناء الجيل الحالي ويعرفه أبناء الجيل السابق فهوعلامة بارزة ومميزة في تاريخ وعالم الطيران في البحرين بالرغم أن المطار البحرى لم يكن أول المطارات في البحرين حيث سبقه مهبط بدائي في منطقة "الريس" في عام 1918 ونقل بعدها إلى جزيرة المحرق فى عام 1932، كان منظر مطارالبحرين البحري المكون من طابقين وفوقه برج مراقبة صغير في البحر الممتد ملفتا للنظر وغريباً فقد كان يبدو للناظرين وكأنه لسان ممتد في بحر واسع وكان موقعه على مقربه من مبنى مجموعة الأنصاري الحالي المطل على شارع المعارض وكان المبنى مرتبطا باليابسة بواسطة طريق ردمي يسمح بالكاد بمرور سيارة واحدة وكان يقع بين بستان ومنزل المرحوم عبدالله بن جبرالدوسري والذي كان وزيرا للمغفور له بإذن الله صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين آنذاك (1932/1942) ومنزل المرحوم الوجيه أحمد بن يوسف فخرو وموقعه الآن فندق عمرالخيام وكان بداية الطريق الردمي إلى المبنى منزل الوجيه محمد المناعي الحالي كانت تلك المنطقة مفتوحة على مد البصر من جهة البحر والبر في مختلف الاتجاهات في ذلك الوقت حيث لم تكن هناك مبان عالية ولم تكن المنطقة مكتظة بالسكان كما هي عليه الآن .

ذكريات على متن الطائرة

وقال يوسف صلاح الدين إنه لايزال يذكر الكثير من معالم تلك الفترة برغم صغر سنه في ذلك الوقت إلا أن مرافقته لوالده المهندس المعماري صلاح الدين ساهمت في استيعابه كثيرا من تلك الأحداث فقد كانت تجمع والده علاقة صداقة قوية مع المرحوم عبدالله بن جبر الدوسري بقيام والدي ببناء منزله المطل على البحر وكان والدي يتفقد المنزل وباقي مشاريعه المعمارية العديدة يوميا في تلك المنطقة الممتدة من المطارالبحري إلى قصرالقضيبية السابق وموقعه الآن قصر القضيبية العامر المقر الرسمي لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وكان البحر محاذيا للساحل الممتد على الجهة اليمنى إلى قرية الجفير التى اشتهرت بساكنها االمرحوم الشيخ عبدالرحمن بن عبدالوهاب آل خليفة الذي عين في عام 1888 وزيرا لحاكم البحرين أنذاك المغفور له بإذن الله صاحب السمو الشيخ عيسى بن على آل خليفة حاكم البحرين آنذاك وقرية قزقز التي لا تذكر الأن رغم أنها مشهورة في تاريخ البلاد بالموقعة التاريخية الخالدة في الدفاع عن البلاد وميناء سلمان الذي لم يتم إنشائه في ذلك الوقت ويمتد كذلك البحر والساحل على الجهة اليسرى من القضيبية إلى حالة ابن أنس والتي تعرف الآن بالحورة حتى جسر الشيخ حمد الممتد من منطقة راس الرمان إلى جزيرة المحرق والذي تم افتتاحه رسمياً في 18 ديسمبر 1941 رغم أن الشروع في ردم الطريق إلى الجسر بدأ في عام 1929.

وأضاف يوسف صلاح الدين أنه كان يتابع الطيارات البحرية الكبيرة التي عرفت في ذلك الوقت باسم "القارب الطائر" ذات أربع محركات أثناء هبوطها وإقلاعها وكانت تخلف وراءها رذاذاً واضحاً من مياه البحر في بحر كان يسمى آنذاك خور قليعة وبحسب اللهجة الشعبية "الجليعة" يبدأ من موقع بالقرب من ميناء سلمان إلى مبنى المطارالبحري وتلك المنطقة في ذلك الوقت كانت تحتوي على ثلاث نتوءات كأنها رؤوس بارزة في البحر وهي الجفير ورأس حالة ابن أنس المعروفة الأن بالحورة وبعدها منطقة رأس الرمان وكان يوجد في ذلك الوقت نبع ماء عذب فى البحر وكان هناك بعض من الزوارق مهمتها نقل المسافرين من الطائرة إلى المبنى وتزويدها بالأكل والشراب والأمتعة والبضائع وكان المطار فى بدايته يستقبل رحلة أو رحلتين أسبوعيا في رحلة الذهاب شرقاً إلى الهند والإياب غرباً إلى أنكلترا حيث كان بداية استخدام المطارالبحري للطائرات المائية المدنية في عام 1937 عن طريق رحلات قصيرة تعتمد على الهبوط على المسطحات المائية وكانت الرحلة تستغرق عادة من لندن إلى الهند سبعة أيام في ذلك الوقت وبذلك أصبحت البحرين من أوائل الدول في المنطقة التى يمكنها استقبال الطائرات المدنية البحرية لسنوات معدودة حتى تم إيقاف استخدام جميع الطائرات المدنية خلال الحرب العالمية الثانية والتي بدأت في عام 1939 .

وقال يوسف صلاح أن " المرحوم الأخ عبدالرحمن قاسم الشيراوي سافر إلى القاهرة في بعثة من حكومة البحرين ومعه المرحوم الدكتور إبراهيم يعقوب بالطائرة البحرية إلى البصرة وسكنا في فندق اسمه "شط العرب" وكان من أشهر الفنادق في ذلك الوقت. وكان الطيران يتم نهارا لا ليلاً. ومن الطرائف أن د.إبراهيم تعجب من حنفيتي الماء البارد والحار. في اليوم التالي طارت الطائرة إلى الحبانية وبعدها إلى مطار اللد فى البحر الميت وبعدها إلى روض الفرج على نهر النيل بالقاهرة ".

وألف إبراهيم محمد بن عبدالله الحسن كتاباً وثائقياً قيماً بعنوان "على متن الطائرة المائية، حج إلى بيت الله الحرام 1945، مستعيناً بأحداث ومدونات وتفاصيل ممتعة وموثقة عن سفر جده المرحوم عبدالله بن خليل الحسن مع رفيقيه في السفر المرحومين عبدالعزيز حمزة وعبدالرحمن رشيد المير إلى الحج بواسطة الطائرة المائية وتظهر الصور المنشورة عن المطار البحري أن اسم مطار البحرين البحري كان يكتب بالحروف اللاتينية BAHRIEN بدلاً من BAHRAIN كما هو الآن .

دموع على جزيرة

وخلال فترة استخدام المطار البحري وقعت كارثة بتحطم طائرة بي أو أيه سي البريطانية " BOAC " أثناء هبوطها فوق سطح البحر في العام 1947 وكانت ذات أربعة محركات وتم دفن بعض ضحايا الطائرة في مقبرة المسيحيين في الحورة التي تعتبر أحد الشواهد التاريخية على حقبة زمنية أظهرت وما زالت تظهر البعد الإنساني والحضاري لمملكة البحرين وشعبها. وضمت المقبرة كذلك رفات عدد من الجنود البريطانيين. وذكر تفاصيل ذلك الحادث د.عبدالعزيز يوسف حمزة وكيل وزارة الصحة السابق في كتابه الوثائقي "دموع على جزيرة" الذي أرخ فيه بالصورة والكلمة الدموع التي سالت على شواطئ جزر البحرين. وتم تحويل الكتاب إلى فيلم وثائقي .

ويذكر كثير من البحرينيين عموماً وسكان منطقة الحورة خصوصاً فترة دفان البحر المقابل للمنطقة من جهة الشرق التي بدأت تتصاعد مع نهاية السبعينات ونشطت أكثر مطلع الثمانينات بدفان كل المنطقة الممتدة بين وزارة الأشغال حتى المبنى القديم للمؤسسة العامة للشباب الذي كان قبلها بستاناً واستملكته الحكومة ليكون سكناً لمدير شركة بابكو وبعدها أصبح مقراً لمؤسسة النقد وأصبح الآن مجلس النواب والشورى. وكذلك تم دفان الساحل الممتد إلى قصر الضيافة وفندق الخليج ومنطقة الجفير حتى ميناء سلمان .