يؤخذ على أهداف التنمية المستدامة عدة مآخذ يتمثل أهمها في كثرة وسعة أهدافها التي تصل بمجملها إلى 169 هدفاً تشغيلياً بما يجعل من تحقيقها أمراً يصعب ضبطه وقياس إنجازاته، لا سيما وأننا نتحدث عن اثنتي عشرة سنة قادمة التي نتمنى جميعاً ألا تكون سنوات شح خاصة في المنطقة العربية. وعلى هامش جلسات مؤتمر المنتدى العربي للبيئة الذي انعقد في بيروت بالفترة من 8-9 نوفمبر الجاري الذي بحث في موضوع تمويل التنمية المستدامة يتبادر إلى الذهن سؤال، من أين ستغطى تكاليف تمويل هذه الأهداف جميعاً، لا سيما وأننا نتحدث عن بلايين الدولارات اللازمة، حيث يتطلب تحقيقها على مستوى العالم بحلول عام 2030 باستثمارات سنوية تقدر بحوالي 5-7 تريليونات دولار وهو ما يمثل 7-10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و25% من الاستثمار العالمي السنوي. من نافلة القول الاعتراف بصعوبة أو حتى استحالة تمويل هذه الأهداف جميعاً، لا بل يصعب تمويل أولوياتها وذلك بسبب التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تمر بها كثير من دول المنطقة. لا شك من وجود اختلافات بين الدول العربية من حيث الإمكانات الاقتصادية، لكن تبقى مستلزمات هذا التحول موضع شك في كثير من الدول إذ لا تكفي الإمكانات المادية حال توفرها لتحقيق هذه الأهداف بل يتطلب الأمر تحولات عميقة في حوكمة الموارد وتحول اجتماعي ومؤسساتي وتقني مرافق وتوفر للكوادر المؤهلة، فضلاً عن التمويل المستدام للسير قدماً نحو هذه الغايات التي ربما تكون مجرد أمنيات في غالبيتها. والأهم من ذلك لا بد من توفر المناخ السياسي الإيجابي الدولي العام فضلاً عن الخاص لتيسير هذا العملية.
إن ما يشهده العالم اليوم من تجاذبات سياسية وحروب تجارية وتفشي النزاعات المسلحة في مناطق مختلفة من العالم وخاصة العربي منها لأمر يبعث على القلق ويهدد بطبيعته التنمية المستدامة بما فيه أساليب تمويلها. ولقد تم التعويل على القطاع الخاص لسد فجوة الاستثمارات السنوية والتي تقدر بنحو 2.5 تريليون دولار في البلدان النامية. في هذا الإطار لا بد من التساؤل، كيف يعول على القطاع الخاص أن يستثمر أمواله في ظل هذا الغموض وحالة عدم الاستقرار وغياب آليات التمويل والمعوقات الاستثمارية المرتبطة بدورة رأس المال. وحتى لو حسنت النوايا وتوفر التمويل وبدأ في الاستثمار فسيكون في مجالات محددة تمس بشكل مباشر الجانب الإنساني كتصفير الفقر والجوع وربما تأمين المياه النظيفة، لكن من سيستثمر في المحافظة على الحياة الفطرية فوق اليابسة ومحيطاتها مثلاً.
إن التمويل بل المستدام منه واحد من التحديات الرئيسة التي تواجه تحقيق أهداف التنمية، ويتطلب تعاون جميع الأطراف ودمج مصادر التمويل المختلفة من قطاع عام وخاص على المستوى الوطني والدولي، كما أن إيجاد مصادر مبتكرة للتمويل يعد الأساس الفعال الذي يمكن أن تقوم عليه فعاليات وآليات التمويل. أعتقد أن كثيراً من استراتيجيات التمويل المقترحة تبدو وكأنها منفصلة عن الواقع إن لم تقم على ركن متين واتجاه سديد يأخذ بالأولويات المتوازنة في الاختيار بتآزر جهود الحكومات والقطاع الخاص وإجراء تحولات جذرية في أنماط الإنتاج والاستهلاك وخلق فرص للاستثمار تحقق غايته وتعظم أثره في المجتمع والبيئة.
* أستاذ في كلية الدراسات العليا - جامعة الخليج العربي
إن ما يشهده العالم اليوم من تجاذبات سياسية وحروب تجارية وتفشي النزاعات المسلحة في مناطق مختلفة من العالم وخاصة العربي منها لأمر يبعث على القلق ويهدد بطبيعته التنمية المستدامة بما فيه أساليب تمويلها. ولقد تم التعويل على القطاع الخاص لسد فجوة الاستثمارات السنوية والتي تقدر بنحو 2.5 تريليون دولار في البلدان النامية. في هذا الإطار لا بد من التساؤل، كيف يعول على القطاع الخاص أن يستثمر أمواله في ظل هذا الغموض وحالة عدم الاستقرار وغياب آليات التمويل والمعوقات الاستثمارية المرتبطة بدورة رأس المال. وحتى لو حسنت النوايا وتوفر التمويل وبدأ في الاستثمار فسيكون في مجالات محددة تمس بشكل مباشر الجانب الإنساني كتصفير الفقر والجوع وربما تأمين المياه النظيفة، لكن من سيستثمر في المحافظة على الحياة الفطرية فوق اليابسة ومحيطاتها مثلاً.
إن التمويل بل المستدام منه واحد من التحديات الرئيسة التي تواجه تحقيق أهداف التنمية، ويتطلب تعاون جميع الأطراف ودمج مصادر التمويل المختلفة من قطاع عام وخاص على المستوى الوطني والدولي، كما أن إيجاد مصادر مبتكرة للتمويل يعد الأساس الفعال الذي يمكن أن تقوم عليه فعاليات وآليات التمويل. أعتقد أن كثيراً من استراتيجيات التمويل المقترحة تبدو وكأنها منفصلة عن الواقع إن لم تقم على ركن متين واتجاه سديد يأخذ بالأولويات المتوازنة في الاختيار بتآزر جهود الحكومات والقطاع الخاص وإجراء تحولات جذرية في أنماط الإنتاج والاستهلاك وخلق فرص للاستثمار تحقق غايته وتعظم أثره في المجتمع والبيئة.
* أستاذ في كلية الدراسات العليا - جامعة الخليج العربي