- أكدت نظم الانتخاب المعمول بها في البحرين على التقاليد والأعراف العالمية
- البحرين انتهجت نظاماً فريداً لترسيخ ثقافة الاختيار والتعبير عن إرادة الناس
...
تعتبر الانتخابات مجرد آلية أو أداة لضمان مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار، ولتأكيد أحقيتهم في اختيار من يرونه الأفضل والأنسب في تمثيلهم والتعبير عنهم أمام الأجهزة، ولتجسيد حقيقة إرادة الأمة، وأن الشعب هو مصدر السلطات جميعها.
لذلك اتفقت الأنظمة المعمول بها والسائدة في العالم المعاصر على أمرين مهمين، أحدهما كفالة حق الانتخاب دون نقص باعتباره ركنا ركينا لرابطة المواطنة التي تضمن للجميع دون تمييز الإدلاء بآرائهم ما دامت تتوفر فيهم الشروط المقررة في قوانين مباشرة الحقوق السياسية.
والأمر الآخر يتعلق بمحورية دور العملية الانتخابية بكافة مراحلها وإجراءاتها في رفع مستوى الحس الوطني بالشؤون العامة، وكيفية الانخراط في أتونها، والتي تسهم بالتأكيد في دعم ثقافة الانتماء والولاء، وفي تنمية وعي المجتمع بالمصالح الحيوية للأوطان، والسبل المناسبة لتحقيقها عبر ترسيخ مبادئ الرقابة والمساءلة والشفافية.
ولم تكن مملكة البحرين ببعيدة عن هذه الثقافة، وأكدت نظم الانتخاب المعمول بها في المملكة على هذه التقاليد والأعراف والمبادئ التي تعلي من شأن قيمة الديمقراطية النيابية، ويكون فيها للمواطنين الحق في اختيار وانتخاب ممثلين لهم للبت في المسائل والملفات المهمة التي تعنيهم وتؤثر في شؤونهم ومستقبل أبنائهم.
وتستند هذه الثقافة الديمقراطية في المملكة على ركيزتين يمكن تلمسهما من الواقع الاجتماعي والسياسي المعاش، إحداها: عمق وتاريخية فكرة الديمقراطية المباشرة بالبلاد، والتي تعبر عنها التقاليد المتبعة، وتبدو ملامحها واضحة ليس فقط في اللقاءات المباشرة والمجالس التي يعقدها كبار المسؤولين مع المواطنين، وإنما خلال اتصالات ولقاءات المواطنين ببعضهم البعض عبر الديوانيات والمجالس الشعبية التي تنتشر في ربوع البلاد.
أما الركيزة الأخرى فتتعلق بمستوى الوعي الجمعي لشعب البحرين والمدركات التي يحملها بشأن الأدوار التي يتعين عليه القيام بها إزاء شؤونه العامة، وهو وعي قديم نسبيا يعود لعشرينيات القرن الماضي، وزاد ثقله مع التطور السياسي والاقتصادي الذي شهدته البلاد طوال العقود السابقة، ويمكن
التعرف على مظاهره بالنظر لانخراط الرأي العام ومشاركات رموزه المختلفة في التعبير والتعليق على الأحداث وتداول الآراء والمواقف، وبخاصة عبر وسائل الإعلام والاتصال الحديثة.
وقد انتهجت مملكة البحرين، وضمن أطر ممارساتها للديمقراطية النيابية، نظاماً ربما يكون فريدا لترسيخ ثقافة الاختيار والانتخاب وللتعبير عن إرادة الناس، واتبعت في سبيل ذلك، وبحسب ما تحدده القوانين المنظمة، عدة آليات مهمة كانت وما زالت تجسد حقيقة تفرد وتميز تجربتها النيابية ومشروعها الإصلاحي الذي دشنه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وهي:
أولا: تأكيد أهمية الاقتراع الحر السري المباشر، مثلما يؤكد على ذلك الدستور المعدل الصادر في 14 فبراير 2002 وتعديلاته عام 2012، حيث تنص المادة 56 منه على أن أعضاء مجلس النواب ينتخبون بطريق الاقتراع العام السري المباشر.
ويحمل هذا النص العديد من المعاني التي تعلي من قيمة تجربة الديمقراطية البحرينية، منها: أن من تتوافر فيهم شروط مباشرة الحقوق السياسية من الناخبين يختارون "وحدهم ودون وسيط" ممثليهم، ما يعني أن عملية الانتخاب تتم بدرجة واحدة، وليس درجتين، حيث تتبع بعض الدول انتخاب نوابها بطريق الانتخاب غير المباشر أو على درجتين، حيث يُنتخب في الدرجة الأولى المندوبون، ويقوم هؤلاء في الدرجة الثانية بانتخاب النواب من المرشحين المتقدمين.
وهذه الطريقة في الانتخاب التي تنتهجها البحرين، وأقرها الدستور والقوانين المعمول به طوال السنوات الماضية، تؤكد حقيقة كون الديمقراطية البحرينية تعول على المواطنين مباشرة في مسؤولية اختيار ممثليهم، ما يعني الإيمان بأحقية أفراد الشعب وحدهم، وحريتهم في ممارسة أدوارهم السياسية كاملة، ورقي وعيهم الذاتي ومستوى اهتمامهم ومسؤولياتهم بضرورة أن يتولوا جميعاً ودون غيرهم مهمة حق الانتخاب.
ثانياً: التعويل على مبدأ "فردية" الانتخاب، وذلك مثلما حدد المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 2002 المعدل بشأن مجلسي الشورى والنواب وتعديلاته بالمرسوم بقانون رقمه 39 لسنة 2012، والذي أشار إلى أن نظام انتخاب أعضاء مجلس النواب يكون طبقا لنظام الانتخاب الفردي (المادة 9)، وكذلك الأمر بالنسبة لانتخاب أعضاء المجالس البلدية.
ويجسد هذا المبدأ في نظم الانتخابات عدة حقائق مهمة، فإضافة إلى بساطته وسهولة فهمه والتعامل معه دون عقبات من جانب الناخبين، فهو يقيم صلة اتصال مباشرة بين المواطن كناخب والمواطن كمرشح، ما يعطي زخماً للعملية الانتخابية برمتها، ويفتح قنوات عديدة للتعارف الشخصي بين الجانبين، ويحمِّل المرشح مسؤولية أكبر للاهتمام بكتلة ناخبيه في الدائرة التي يمثلها، الأمر الذي يتضح جلياً خلال الحملات الانتخابية ووسط المقار والخيام الانتخابية ـ تحديدا ـ التي يجتمع فيها الناخبون مع مرشح دائرتهم وجها لوجه ودون أي وسطاء.
هذا في الوقت الذي تتباين فيه نظم الانتخاب الفردي المتبعة في البحرين عن نظم الانتخاب بالقائمة المتبعة في دول أخرى، والتي يضطر فيها الناخب إلى انتخاب مجموعة من المرشحين، ربما لا يعرف بعضهم أثناء أدائه لحق التصويت، وربما لا يعرف البرنامج الذي يقدمونه، ومدى اهتمامهم بملفات الدائرة التي يمثلونها.
ولا يغفل النظام المتبع في البحرين حقيقة التطور السياسي، وطبيعة التقاليد الاجتماعية السائدة على اعتبار أن المجتمع في المملكة لا يخلو من المجالس الدائمة والمؤقتة، فضلاً عن اللقاءات المباشرة المنتظمة بين الناس عبر المجالس، والتي أشير إليها سلفاً، وتبدو أهميتها وجدوى العمل بها بالنظر لحجم السكان الصغير نسبياً الذي تتمتع به البلاد، والتقارب الجغرافي فيما بين مناطقها وأقاليمها ودوائرها المحلية، ما يعطي أولوية قصوى للدوائر الانتخابية التي لا يزيد عدد ناخبيها عن الـ10 آلاف، ما يسهل عليهم التعرف على مرشحيهم أو ممثليهم المحتملين وجها لوجه، ومساءلتهم والرقابة على أدائهم إن لزم الأمر.
ثالثا: الارتكاز على رأي أغلبية المصوتين دون غيرهم (ممن أدلوا بأصواتهم، وشاركوا فعليا في الحضور لمراكز الاقتراع) في تحديد نتيجة الانتخابات النهائية، ومن هو المرشح الفائز بتأييد كتلة التصويت الأكبر، حيث تنص المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 2002 المعدل بشأن مجلسي الشورى والنواب وتعديلاته بالمرسوم بقانونه رقم 39 لسنة 2012 على أن انتخاب أعضاء النواب يكون بالأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة، ويُعاد الانتخاب بين أكثر المرشحين الحاصلين على أكبر عدد من الأصوات، ويُعتبر فائزاً من حصل على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الثانية، وكذلك الأمر بالنسبة لانتخابات المجالس البلدية.
ويختلف هذا النظام المتبع في البحرين (الأغلبية المطلقة)، والذي يُعول على الأغلبية الأكبر لعدد الأصوات الصحيحة في المرحلة الأولى من التصويت (أكثر من نصف المصوتين) والأغلبية البسيطة في حال الإعادة (أكثر الأصوات الصحيحة)، عن نظام آخر يُعرف بنظام (التمثيل النسبي) الذي يرتبط في العادة بنظام الانتخاب بالقائمة.
والمعروف أن نظام التمثيل النسبي يوزع عدد المقاعد النيابية بحسب نسبة عدد الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة انتخابية متنافسة، ما قد يتسبب في شيء من الغموض لدى بعض الناخبين، ويعوق الوصول إلى الحد الأدنى من التناغم المفترض أن يوجد فيما بين المرشحين الفائزين.
ويتناسب هذا النظام المعمول به في مملكة البحرين، والذي يرتكز على أغلبية الأصوات الصحيحة مع طبيعة الظروف والتحديات التي تواجهها المملكة، خاصة أنه يأخذ برأي هذه الأغلبية التي أدلت برأيها، كما أنه لا يتجاهل دور أي كتلة تصويتية لم تستطع أن توصل مرشحها للفوز بالانتخابات، حيث يحق لأكثر ثلاثة مرشحين لم ينالوا الأغلبية المطلقة في الجولة الأولى الدخول للمنافسة في جولة ثانية، وهو ما يعني التعويل على دور الناخبين وقدرتهم وحدهم على حسم نتيجة الانتخابات، ومن ثم مدى مشاركتهم في تحديد الفائزين بالدوائر الانتخابية والمقاعد النيابية بالتالي.
كتب: محمد شحات
- البحرين انتهجت نظاماً فريداً لترسيخ ثقافة الاختيار والتعبير عن إرادة الناس
...
تعتبر الانتخابات مجرد آلية أو أداة لضمان مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار، ولتأكيد أحقيتهم في اختيار من يرونه الأفضل والأنسب في تمثيلهم والتعبير عنهم أمام الأجهزة، ولتجسيد حقيقة إرادة الأمة، وأن الشعب هو مصدر السلطات جميعها.
لذلك اتفقت الأنظمة المعمول بها والسائدة في العالم المعاصر على أمرين مهمين، أحدهما كفالة حق الانتخاب دون نقص باعتباره ركنا ركينا لرابطة المواطنة التي تضمن للجميع دون تمييز الإدلاء بآرائهم ما دامت تتوفر فيهم الشروط المقررة في قوانين مباشرة الحقوق السياسية.
والأمر الآخر يتعلق بمحورية دور العملية الانتخابية بكافة مراحلها وإجراءاتها في رفع مستوى الحس الوطني بالشؤون العامة، وكيفية الانخراط في أتونها، والتي تسهم بالتأكيد في دعم ثقافة الانتماء والولاء، وفي تنمية وعي المجتمع بالمصالح الحيوية للأوطان، والسبل المناسبة لتحقيقها عبر ترسيخ مبادئ الرقابة والمساءلة والشفافية.
ولم تكن مملكة البحرين ببعيدة عن هذه الثقافة، وأكدت نظم الانتخاب المعمول بها في المملكة على هذه التقاليد والأعراف والمبادئ التي تعلي من شأن قيمة الديمقراطية النيابية، ويكون فيها للمواطنين الحق في اختيار وانتخاب ممثلين لهم للبت في المسائل والملفات المهمة التي تعنيهم وتؤثر في شؤونهم ومستقبل أبنائهم.
وتستند هذه الثقافة الديمقراطية في المملكة على ركيزتين يمكن تلمسهما من الواقع الاجتماعي والسياسي المعاش، إحداها: عمق وتاريخية فكرة الديمقراطية المباشرة بالبلاد، والتي تعبر عنها التقاليد المتبعة، وتبدو ملامحها واضحة ليس فقط في اللقاءات المباشرة والمجالس التي يعقدها كبار المسؤولين مع المواطنين، وإنما خلال اتصالات ولقاءات المواطنين ببعضهم البعض عبر الديوانيات والمجالس الشعبية التي تنتشر في ربوع البلاد.
أما الركيزة الأخرى فتتعلق بمستوى الوعي الجمعي لشعب البحرين والمدركات التي يحملها بشأن الأدوار التي يتعين عليه القيام بها إزاء شؤونه العامة، وهو وعي قديم نسبيا يعود لعشرينيات القرن الماضي، وزاد ثقله مع التطور السياسي والاقتصادي الذي شهدته البلاد طوال العقود السابقة، ويمكن
التعرف على مظاهره بالنظر لانخراط الرأي العام ومشاركات رموزه المختلفة في التعبير والتعليق على الأحداث وتداول الآراء والمواقف، وبخاصة عبر وسائل الإعلام والاتصال الحديثة.
وقد انتهجت مملكة البحرين، وضمن أطر ممارساتها للديمقراطية النيابية، نظاماً ربما يكون فريدا لترسيخ ثقافة الاختيار والانتخاب وللتعبير عن إرادة الناس، واتبعت في سبيل ذلك، وبحسب ما تحدده القوانين المنظمة، عدة آليات مهمة كانت وما زالت تجسد حقيقة تفرد وتميز تجربتها النيابية ومشروعها الإصلاحي الذي دشنه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وهي:
أولا: تأكيد أهمية الاقتراع الحر السري المباشر، مثلما يؤكد على ذلك الدستور المعدل الصادر في 14 فبراير 2002 وتعديلاته عام 2012، حيث تنص المادة 56 منه على أن أعضاء مجلس النواب ينتخبون بطريق الاقتراع العام السري المباشر.
ويحمل هذا النص العديد من المعاني التي تعلي من قيمة تجربة الديمقراطية البحرينية، منها: أن من تتوافر فيهم شروط مباشرة الحقوق السياسية من الناخبين يختارون "وحدهم ودون وسيط" ممثليهم، ما يعني أن عملية الانتخاب تتم بدرجة واحدة، وليس درجتين، حيث تتبع بعض الدول انتخاب نوابها بطريق الانتخاب غير المباشر أو على درجتين، حيث يُنتخب في الدرجة الأولى المندوبون، ويقوم هؤلاء في الدرجة الثانية بانتخاب النواب من المرشحين المتقدمين.
وهذه الطريقة في الانتخاب التي تنتهجها البحرين، وأقرها الدستور والقوانين المعمول به طوال السنوات الماضية، تؤكد حقيقة كون الديمقراطية البحرينية تعول على المواطنين مباشرة في مسؤولية اختيار ممثليهم، ما يعني الإيمان بأحقية أفراد الشعب وحدهم، وحريتهم في ممارسة أدوارهم السياسية كاملة، ورقي وعيهم الذاتي ومستوى اهتمامهم ومسؤولياتهم بضرورة أن يتولوا جميعاً ودون غيرهم مهمة حق الانتخاب.
ثانياً: التعويل على مبدأ "فردية" الانتخاب، وذلك مثلما حدد المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 2002 المعدل بشأن مجلسي الشورى والنواب وتعديلاته بالمرسوم بقانون رقمه 39 لسنة 2012، والذي أشار إلى أن نظام انتخاب أعضاء مجلس النواب يكون طبقا لنظام الانتخاب الفردي (المادة 9)، وكذلك الأمر بالنسبة لانتخاب أعضاء المجالس البلدية.
ويجسد هذا المبدأ في نظم الانتخابات عدة حقائق مهمة، فإضافة إلى بساطته وسهولة فهمه والتعامل معه دون عقبات من جانب الناخبين، فهو يقيم صلة اتصال مباشرة بين المواطن كناخب والمواطن كمرشح، ما يعطي زخماً للعملية الانتخابية برمتها، ويفتح قنوات عديدة للتعارف الشخصي بين الجانبين، ويحمِّل المرشح مسؤولية أكبر للاهتمام بكتلة ناخبيه في الدائرة التي يمثلها، الأمر الذي يتضح جلياً خلال الحملات الانتخابية ووسط المقار والخيام الانتخابية ـ تحديدا ـ التي يجتمع فيها الناخبون مع مرشح دائرتهم وجها لوجه ودون أي وسطاء.
هذا في الوقت الذي تتباين فيه نظم الانتخاب الفردي المتبعة في البحرين عن نظم الانتخاب بالقائمة المتبعة في دول أخرى، والتي يضطر فيها الناخب إلى انتخاب مجموعة من المرشحين، ربما لا يعرف بعضهم أثناء أدائه لحق التصويت، وربما لا يعرف البرنامج الذي يقدمونه، ومدى اهتمامهم بملفات الدائرة التي يمثلونها.
ولا يغفل النظام المتبع في البحرين حقيقة التطور السياسي، وطبيعة التقاليد الاجتماعية السائدة على اعتبار أن المجتمع في المملكة لا يخلو من المجالس الدائمة والمؤقتة، فضلاً عن اللقاءات المباشرة المنتظمة بين الناس عبر المجالس، والتي أشير إليها سلفاً، وتبدو أهميتها وجدوى العمل بها بالنظر لحجم السكان الصغير نسبياً الذي تتمتع به البلاد، والتقارب الجغرافي فيما بين مناطقها وأقاليمها ودوائرها المحلية، ما يعطي أولوية قصوى للدوائر الانتخابية التي لا يزيد عدد ناخبيها عن الـ10 آلاف، ما يسهل عليهم التعرف على مرشحيهم أو ممثليهم المحتملين وجها لوجه، ومساءلتهم والرقابة على أدائهم إن لزم الأمر.
ثالثا: الارتكاز على رأي أغلبية المصوتين دون غيرهم (ممن أدلوا بأصواتهم، وشاركوا فعليا في الحضور لمراكز الاقتراع) في تحديد نتيجة الانتخابات النهائية، ومن هو المرشح الفائز بتأييد كتلة التصويت الأكبر، حيث تنص المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 2002 المعدل بشأن مجلسي الشورى والنواب وتعديلاته بالمرسوم بقانونه رقم 39 لسنة 2012 على أن انتخاب أعضاء النواب يكون بالأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة، ويُعاد الانتخاب بين أكثر المرشحين الحاصلين على أكبر عدد من الأصوات، ويُعتبر فائزاً من حصل على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الثانية، وكذلك الأمر بالنسبة لانتخابات المجالس البلدية.
ويختلف هذا النظام المتبع في البحرين (الأغلبية المطلقة)، والذي يُعول على الأغلبية الأكبر لعدد الأصوات الصحيحة في المرحلة الأولى من التصويت (أكثر من نصف المصوتين) والأغلبية البسيطة في حال الإعادة (أكثر الأصوات الصحيحة)، عن نظام آخر يُعرف بنظام (التمثيل النسبي) الذي يرتبط في العادة بنظام الانتخاب بالقائمة.
والمعروف أن نظام التمثيل النسبي يوزع عدد المقاعد النيابية بحسب نسبة عدد الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة انتخابية متنافسة، ما قد يتسبب في شيء من الغموض لدى بعض الناخبين، ويعوق الوصول إلى الحد الأدنى من التناغم المفترض أن يوجد فيما بين المرشحين الفائزين.
ويتناسب هذا النظام المعمول به في مملكة البحرين، والذي يرتكز على أغلبية الأصوات الصحيحة مع طبيعة الظروف والتحديات التي تواجهها المملكة، خاصة أنه يأخذ برأي هذه الأغلبية التي أدلت برأيها، كما أنه لا يتجاهل دور أي كتلة تصويتية لم تستطع أن توصل مرشحها للفوز بالانتخابات، حيث يحق لأكثر ثلاثة مرشحين لم ينالوا الأغلبية المطلقة في الجولة الأولى الدخول للمنافسة في جولة ثانية، وهو ما يعني التعويل على دور الناخبين وقدرتهم وحدهم على حسم نتيجة الانتخابات، ومن ثم مدى مشاركتهم في تحديد الفائزين بالدوائر الانتخابية والمقاعد النيابية بالتالي.
كتب: محمد شحات