عندما حدث تسونامي إندونيسيا لأول مرة.. فزع العالم كله، وقال الجميع إن ما حلّ بهذه البلاد كان بلاءً، ولكن هذا البلاء عاد بالنفع على كثيرين لا سيما في الخليج العربي، عندما تكشفت كثير من الأوزار هناك وفتحت أحجبة وفكت عقد لسحر أصاب الناس، وقد تكرر الأمر في إندونيسيا ودول أخرى على نفس الغرار، فكان في ذلك فرج وخير كثير. عند هذا ورغم الوضع الكارثي.. نقول خيرة.

عندما أصابت الأمطار والسيول الكويت، فزعنا جميعاً، وطوقنا أحبتنا هناك بدعوات الحماية والحفظ، ورغم أن الأمر تسبب بهجمة كبيرة على البنية التحتية الكويتية وسوء التخطيط لها، إلاَّ أن ذلك كشف عن ألغام ومتفجرات كادت أن تودي بحياة الناس في الأراضي الصحراوية لا سيما وأن موسم التخييم قد حان أو يكاد. وعندما نصل إلى ذلك الاكتشاف الهام.. لا نملك إلاَّ أن نقول عن سيول الكويت رغم ما أحدثته من ضرر، خيرة.

عندما تبذل قصارى جهدك لتحقيق أمر ما، وتجد كل السبل مغلفة في وجهك، قد يدفعك طموحك وإرادتك للاستمرار والمحاولة مراراً وتكراراً، حتى يأتي منعطف جارف يسحق كل ما قمت به ويضيع جهودك كلها سدى، وتظن أن مؤامرة كونية قد حدثت ضدك، فتيأس لأن ما أردته لم يتحقق، وكنت تظن أن فيه خيراً كثيراً، وتظل تردد لو حدث كذا لكان كذا، ولكنك تكتشف بعد زمن قد يطول أو يقصر، أن ما حدث لك «خيرة» وأن من مشوا دربك لم يصلوا جميعهم للهدف الذي أرادوه، وقد تاه منهم البعض أو تضرر آخرون عقب الوصول لمبتغاهم، فتعلم أن الله انتشلك من ضر لم تكن تعلمه، وتكتشف أن في الأمر «خيرة» وإن غابت عنك في بادئ الأمر.

تصلي الاستخارة لموضوع ما أنت مقبل عليه، وتجد الأمور كلها ميسرة، فتتفاءل وتنتشي فرحاً، وتتيقن أن الحياة قد التفتت إليك ضاحكة بعدما كانت قد أدارت لك ظهرها لسنوات ربما، ومن ثم تحدث انتكاسة في طريقك، وتظن أنها قد جرت بعد فوات الأوان، وأنك دفعت ثمن التجربة باهظاً، وتتساءل كيف حدث كل هذا وكنت قد صليت الاستخارة وقد وجدت في الأمر راحة وتيسيراً، وهل يعقل أن الله يدفعني لما فيه شر وخسران لي؟.. وتكتشف بعد حين أنك لو لم تتعثر لما اكتسبت الخبرة الكافية للتجربة التالية، أو لربما لم تكن لتصل للطريق الصحيح الذي أنت عليه اليوم، وأن فشلك هذا كان مرحلة للوصول لنقطة أفضل في وقت لاحق، فتوقن من جديد أن في الأمر خيرة.

* اختلاج النبض:

ما من بلاء يحل علينا إلاَّ وفيه خير كامن ستعرفه في وقت لاحق، وكل ما نحتاجه في هذه الحياة التسلح بالإيمان، وبأن الله معنا على الدوام، وأن كل أمور حياتنا، سواء جرت في الاتجاه الذي نريد أو الذي لا نريد، هي «خيرة»، فالحمد لله.