أكد علماء ومفكرون وأكاديميون إسلاميون أن الله كتب على نفسه الرحمة لقوله تعالى "كتب ربكم على نفسه الرحمة"، وكما جاء في الحديث النبوي الشريف "إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه إن رحمتي سبقت غضبي"، وبالتالي فلا يجوز المساواة بين السيف والغضب والرحمة، ولا يجوز أن تكون الرحمة منوطة بجملة "بعث بالسيف".وفي رسالة مفتوحة وجهها 126 عالما ومفكرا وأكاديميا إسلاميا من مختلف دول العالم إلى إبراهيم عواد البدري الملقب بـ"أبو بكر البغدادي" وإلى جميع المقاتلين والمنتمين إلى ما يسمى تنظيم داعش (الإرهابي)، ووصلت (بترا) نسخة منها فندوا "فكر (داعش) مستندين في ذلك إلى الفقه الإسلامي الحنيف والرأي العلمي"، مؤكدين أن "من المستحيل أن يكون إرسال الرسول صلى الله عليه وسلم منوطا ببعثه بالسيف لأنه يجعل (خطأ) السيف بمستوى الرحمة الإلهية"، ومؤكدين أن "الجهاد بدون سبب مشروع ليس جهادا بل حرابة وإجرام".وفصل هؤلاء العلماء رأيهم من خلال 24 محورا، هي: الأصول والتفسير، اللغة، الاستسهال، الاختلاف، فقه الواقع، قتل الأبرياء، قتل الرسل (السفراء)، الجهاد، التكفير، أهل الكتاب، الرق، الإكراه، النساء، الأطفال، الحدود، التعذيب، المُثلة، نسبة الجرائم إلى الله تعالى تحت عنوان التواضع، تدمير قبور الأنبياء والصحابة ومقاماتهم، الخروج على الحاكم، الخلافة، الانتماء إلى الأوطان، وأخيرا الهجرة.وشدد هؤلاء العلماء في محور التفسير على "أن جميع ما جاء في القرآن حق، وكل ما في الحديث الصحيح وحي، فلا يجوز أن يترك البعض، وبالتالي يجب التوفيق بين النصوص قدر المستطاع أو أن يكون هناك سبب واضح لترجيح أمر على أمر".وأضافوا أن "من أهم أركان الأصول فهم اللغة العربية، وهذا يعني فهم علوم اللغة والقواعد والنحو والصرف والبلاغة والشعر وأصل الكلمات والتفسير، وبدون هذه العلوم فإن الخطأ محتمل، بل مؤكد"، مشيرين إلى أن إعلان ما سميتموه (الخلافة) كان بعنوان (هذا وعد الله) وقصد صاحب الإعلان "بوعد الله" الآية الكريمة "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا، ومن كفر بعد ذلك فأؤلئك هم الفاسقون".وفي تفنيدهم لهذا الرأي قالوا إنه "لا يجوز أن تُحمل آية من آيات القرآن الكريم بشكل خاص على حدث حصل بعد 1400 عام من نزول القرآن، فكيف يقول أبو محمد العدناني بأن وعد الله هو الخلافة المزعومة، فعلى صحة زعمه كان عليه أن يقول (هذا من وعد الله)".واستشهدوا على خطأ الفكر الداعشي في هذه المسألة بقوله تعالى "عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون"، موضحين أن الاستخلاف يعني "أنهم حلوا في الأرض بدل قوم آخرين ولم يعن أنهم حكام على نظام معين سياسي".وبينوا أنه لا يجوز أن يؤخذ مقتطف من القرآن بدون فهمه في سياقه الكامل، خاصة في مسألة الجهاد، ولذلك كانت قلة قليلة فقط من الصحابة مؤهلة للإفتاء، لقوله تعالى "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، مشيرين إلى أنه "حينما يوجد اختلاف في الرأي فينبغي الأخذ بالأرحم ولا يشدد، ولا يظن أن الشدة هي معيار التقوى لقوله تعالى "واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم".ولفتوا إلى أن "معظم الناس الذين أسلموا عبر التاريخ أسلموا بالدعوة الحسنة مصداقا لقوله تعالى "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"، مشيرين إلى أن هناك دولا كبيرة أسلمت بدون فتوحات نتيجة الدعوة مثل إندونيسيا وماليزيا وإفريقيا الغربية والشرقية.وأكدوا أن كلمة الجهاد مصطلح إسلامي لا يصح أن يستعمل ضد أي مسلم، وهذا أصل وأساس، مشيرين إلى أن الجهاد مشروط بإذن الوالدين.وقالوا إن الجهاد في الإسلام نوعان: الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس، والجهاد الأصغر وهو الجهاد ضد العدو، لافتين إلى أنه ربما يأتي وضع معين على المسلمين لا يُستلزم فيه قتال ولا يجب فيه جهاد، وبالتالي فإن الجهاد بدون سبب مشروع وغاية مشروعة ومن غير أسلوب مشروع ومن دون نية مشروعة ليس جهادا بل حرابة وإجرام.وأشاروا إلى شدة حرمة قتل النفس بصفته من أكبر الموبقات لقوله تعالى "من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا".وأما في مسألة التكفير فقد أجمع هؤلاء العلماء على أن "الأصل في الإسلام أن من قال لا إله الا الله محمد رسول الله لا يجوز تكفيره"، لافتين إلى أن التكفير من أخطر المسائل، لأن فيه استحلالا لدماء المسلمين وحياتهم وانتهاكا لحرمتهم وأموالهم وحقوقهم، لقوله تعالى "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما".كما شددوا على عدم جواز الخروج على الحاكم إلا "بكفر بواح"، أي بكفر اعترف هو به صراحة مما انعقد على إجماع المسلمين على التكفير به أو بمنعه إقامة الصلاة.