كما هو حال أوراق الشجرة لا تظل عالقة في الأغصان لوقت طويل فما تبرح أن تتساقط أو تقرضها الحشرات، أو تذبل مع مرور الأيام.. هو حالنا الذي غفلنا عنه في حياة دنيوية قصيرة جداً.. كنت بالأمس ألملم شتات تلك السطور المبعثرة التي كتبتها في أوراقي.. أحاول أن أرتبها مرات ومرات.. لم أستطع.. لأني لم أفقه بعد ذلك السر العجيب الذي جعلنا نلهث في الدنيا، ونزعم أننا خالدون فيها إلى الأبد.. كنت أحاول ترتيب أفكاري التي لم تترتب بعد، ولم أضعها في مكانها الصحيح.. وفجأة أستيقظ على صوت منادٍ ينادي أن أعد العدة ليوم الحساب قبل أن تتصرم لحظات عمرك بلا ميعاد.. استيقظت على صوت ذلك الضمير الذي هز قلبي المكلوم، وكتب لي عبارة واحدة فقط.. «انتهى زمن الغفلة وآن الأوان لتشد على نفسك وتوقظ ضميرك وترتقي بعزائم حياتك حتى تدرك المقصود في لحظات عمرك الآنية.. فلا تسوف أبداً فإنما أنت على موعد مع ساعة تنتظرك في الغيب.. حينها سينتهي عملك ولن تقوى على العودة مجدداً في ميدان الاختبار». لم أستوعب ما قرأت أبداً.. لأن ذلك العام الذي كتبت فيه الكثير.. قد مر علي مرور الكرام دون أن أنجز تلك الأهداف العظام التي كتبتها في فصول حياتي.. أخجل أن أعدد تلك الإنجازات الطفيفة التي قمت بها.. ولكني أثق كل الثقة في ميزان الملك العلام الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.. فأرفع حينها كفوف الضراعة بأن يتقبل مني ذلك العمل القليل، ويغفر لي كل تقصير في جنبه عز وجل.. أثق بأني عملت ما في وسعي بأن أكون في مقدمة ركب الخير.. ليس من أجل إرضاء البشر، ولا إرضاء كائن من كان، وإنما لإرضاء ربي الكريم المنان الذي لا يبخل في إجابة دعوة الداعين في الظلم..
صحوت بلا استئذان فإذا عام آخر من أعوام حياتي قد انقضى.. وإذا بساعات قد غادرت بلا عودة، وإذا بمواقف حياتية كثيرة، وأسماء كثيرة قد غادرت من حياتي بلا استئذان، وآن لها أن ترحل سريعاً حتى لا تسبب لي الضرر في حياتي، وتقلقني وتعطل من مسير حياتي وإنجازاتي التي رسمتها منذ سنين عديدة.. رحل هذا العام الذي كنا نرسم في لوحته تلك الدوائر المتشابكة عل وعسى نحقق بعضها ونحتفل بإنجازها في سماء الخير.. رحل العام ورحلت معه مواقف الألم، ومواقف التمحيص والتجارب التي كتبها الله عز وجل لنا لحكمة لا يعلمها إلا هو.. خرجنا منها أقوى مما سبق، وتعلمنا فيها الدروس الكثيرة التي آن لنفوسنا المقصرة أن تستلهم منها العظات حتى تسير بثبات في طريق الخير، وتتنسم فيها نسائم العطاء، وترتشف من ماء الثقة، وترتقي في مدارج الثبات، وتطير فرحاً بتلك الراحة النفسية والطمأنينة التي غرسها المولى الكريم في قلبها.. لم لا وهي ماضية في دروبها ترسم الأمل وتنشر الخير وتسعى في حاجة الآخرين.. لم لا وهي قد قررت أن تكون البصمة الباقية في حياة البشر في كل ميدان..
مع بداية عام جديد، لسنا بحاجة لإرسال رسائل التهنئة والتبريكات، ولسنا بحاجة للبكاء على الأطلال والتحسر على ما فات.. لنضع النقاط على الحروف ونعد العدة لقادم جميل نلبس فيه أجمل ثياب الخير، ونكون على موعد متجدد مع إشراقات العطاء الجميلة.. ونحذر من فوات الساعات بلا عطاء أو بصمة خير، فقد انمحت بركة الأوقات ولاحت في الأفق علامات الساعة فقد أضحت سنوات عمرنا وكأنها ساعات معدودة لا نحس فيها بأعمارنا.. ولله در القائل:
إنا لنفرح بالأيام نقطعها
وكل يوم مضى يدنى من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً
فإنما الربح والخسران في العمل
قال الفضيل بن عياض لرجل: كم أتى عليك؟ قال: ستون سنة. قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك؟ يوشك أن تبلغ. فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون. قال الفضيل: أتعرف تفسيره، تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون! فمن علم أنه لله عبد، وأنه إليه راجع؛ فليعلم أنه موقوف، ومن علم أنه موقوف، فليعلم أنه مسؤول، فليعد للسؤال جواباً. فقال الرجل: فما الحيلة؟ قال: يسيرة. قال: وما هي؟ قال: تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى، فإنك إن أسأت فيما بقى، أخذت بما مضى وما بقى، والأعمال بالخواتيم.
في كل عام لك حياة جديدة من عمرك، أنت من تختارها وتختار من يصحبك فيها، ولكل مرحلة من حياتك أبطال جدد يخطون معك خطوط المجد والخير، ويشيدون معك منارات العطاء في بحرين المحبة، لذا فكن على الموعد دائماً أن تحتضن كل محب، وتقدر كل متابع ومتواصل معك، وتمجد كل أثر يبصمه كل من أحبك، ويرتفع في حياتك معدل العطاء، وتخالط الناس وتصبر على أذاهم، وتحضر مجالسهم وتقبل رأس الكبير وتسمع من الصغير وترحم كل من حولك، وتبتسم لكل محتاج وتمشي في حاجته، وترجع مياه المودة لأناس تمنوا أن يصحبوك في ميادين الحياة، وتمحو من قاموس حياتك كل أثر سيئ، وكل مواقف الهموم والغموم والكدر، وتفتح صفحات جديدة مفعمة بالمحبة والعطاء والمشاعر الجياشة.. فإنما الإسلام محتاج إلى جهدك مرضاة للكريم المنان.. والوطن محتاج إلى همتك حتى تكون فيه شامة يشار إليها بالبنان وتتحدث عنها الأجيال حباً بما أعده الله تعالى لعباده الأخيار.. ارسم رسمة جميلة تتفاءل كلما شاهدتها بألوانها الجذابة وملامحها التي تبشر بالخير، ومزق كل لوحات الماضي الأليم فإنك إن أبقيتها خسرت الكثير.. احرص أن تكون قريباً إلى ربك تسترجع كل مواقف الإيمان التي قصرت فيها، ومن خلالها تستطيع أن تكون ذلك القوي الذي يمد يده لكل الناس بلا استثناء ويمشي معهم في ركاب المحبة والوئام.. أنت الفارس الذي نراك في المقدمة.. فلا تتأثر بأوضاع الحياة..
* ومضة أمل:
اللهم اجعل يومنا خيراً من أمسنا، وغدنا خيراً من يومنا، وتقبل منا ما مضى، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا ومن عذاب الآخرة، وأحسن خاتمتنا يا رب العالمين.
صحوت بلا استئذان فإذا عام آخر من أعوام حياتي قد انقضى.. وإذا بساعات قد غادرت بلا عودة، وإذا بمواقف حياتية كثيرة، وأسماء كثيرة قد غادرت من حياتي بلا استئذان، وآن لها أن ترحل سريعاً حتى لا تسبب لي الضرر في حياتي، وتقلقني وتعطل من مسير حياتي وإنجازاتي التي رسمتها منذ سنين عديدة.. رحل هذا العام الذي كنا نرسم في لوحته تلك الدوائر المتشابكة عل وعسى نحقق بعضها ونحتفل بإنجازها في سماء الخير.. رحل العام ورحلت معه مواقف الألم، ومواقف التمحيص والتجارب التي كتبها الله عز وجل لنا لحكمة لا يعلمها إلا هو.. خرجنا منها أقوى مما سبق، وتعلمنا فيها الدروس الكثيرة التي آن لنفوسنا المقصرة أن تستلهم منها العظات حتى تسير بثبات في طريق الخير، وتتنسم فيها نسائم العطاء، وترتشف من ماء الثقة، وترتقي في مدارج الثبات، وتطير فرحاً بتلك الراحة النفسية والطمأنينة التي غرسها المولى الكريم في قلبها.. لم لا وهي ماضية في دروبها ترسم الأمل وتنشر الخير وتسعى في حاجة الآخرين.. لم لا وهي قد قررت أن تكون البصمة الباقية في حياة البشر في كل ميدان..
مع بداية عام جديد، لسنا بحاجة لإرسال رسائل التهنئة والتبريكات، ولسنا بحاجة للبكاء على الأطلال والتحسر على ما فات.. لنضع النقاط على الحروف ونعد العدة لقادم جميل نلبس فيه أجمل ثياب الخير، ونكون على موعد متجدد مع إشراقات العطاء الجميلة.. ونحذر من فوات الساعات بلا عطاء أو بصمة خير، فقد انمحت بركة الأوقات ولاحت في الأفق علامات الساعة فقد أضحت سنوات عمرنا وكأنها ساعات معدودة لا نحس فيها بأعمارنا.. ولله در القائل:
إنا لنفرح بالأيام نقطعها
وكل يوم مضى يدنى من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً
فإنما الربح والخسران في العمل
قال الفضيل بن عياض لرجل: كم أتى عليك؟ قال: ستون سنة. قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك؟ يوشك أن تبلغ. فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون. قال الفضيل: أتعرف تفسيره، تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون! فمن علم أنه لله عبد، وأنه إليه راجع؛ فليعلم أنه موقوف، ومن علم أنه موقوف، فليعلم أنه مسؤول، فليعد للسؤال جواباً. فقال الرجل: فما الحيلة؟ قال: يسيرة. قال: وما هي؟ قال: تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى، فإنك إن أسأت فيما بقى، أخذت بما مضى وما بقى، والأعمال بالخواتيم.
في كل عام لك حياة جديدة من عمرك، أنت من تختارها وتختار من يصحبك فيها، ولكل مرحلة من حياتك أبطال جدد يخطون معك خطوط المجد والخير، ويشيدون معك منارات العطاء في بحرين المحبة، لذا فكن على الموعد دائماً أن تحتضن كل محب، وتقدر كل متابع ومتواصل معك، وتمجد كل أثر يبصمه كل من أحبك، ويرتفع في حياتك معدل العطاء، وتخالط الناس وتصبر على أذاهم، وتحضر مجالسهم وتقبل رأس الكبير وتسمع من الصغير وترحم كل من حولك، وتبتسم لكل محتاج وتمشي في حاجته، وترجع مياه المودة لأناس تمنوا أن يصحبوك في ميادين الحياة، وتمحو من قاموس حياتك كل أثر سيئ، وكل مواقف الهموم والغموم والكدر، وتفتح صفحات جديدة مفعمة بالمحبة والعطاء والمشاعر الجياشة.. فإنما الإسلام محتاج إلى جهدك مرضاة للكريم المنان.. والوطن محتاج إلى همتك حتى تكون فيه شامة يشار إليها بالبنان وتتحدث عنها الأجيال حباً بما أعده الله تعالى لعباده الأخيار.. ارسم رسمة جميلة تتفاءل كلما شاهدتها بألوانها الجذابة وملامحها التي تبشر بالخير، ومزق كل لوحات الماضي الأليم فإنك إن أبقيتها خسرت الكثير.. احرص أن تكون قريباً إلى ربك تسترجع كل مواقف الإيمان التي قصرت فيها، ومن خلالها تستطيع أن تكون ذلك القوي الذي يمد يده لكل الناس بلا استثناء ويمشي معهم في ركاب المحبة والوئام.. أنت الفارس الذي نراك في المقدمة.. فلا تتأثر بأوضاع الحياة..
* ومضة أمل:
اللهم اجعل يومنا خيراً من أمسنا، وغدنا خيراً من يومنا، وتقبل منا ما مضى، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا ومن عذاب الآخرة، وأحسن خاتمتنا يا رب العالمين.