اتهامات خطيرة ساقها التحقيق الصحفي الذي أجرته الزميلة أخبار الخليج أمس على الصفحة 8 و 9 حول مستشفى السلمانية بشكل خاص ووزارة الصحة بشكل عام، أحدها اتهام بالإخلال بأصول المهنة أدى إلى الوفاة!!

عناوينها كانت كالتالي «الكشف عن مأساة شابة لفظت أنفاسها في سبتمبر الماضي»، «الأدوية تنفذ قبل وصولها الصيدليات» «جودة الخدمات الطبية أصبحت كارثية».

تحقيق مفاده أن هناك وفيات بسبب الإهمال وهناك تلاعب في الأدوية وإهمال متعمد في الطوارئ و قصور في اتخاذ الإجراءات العقابية ونقص في الميزانية ترتب عليه نقص في الأسرة واحتياجاتها من كادر تمريضي وطبي وإداري وغيرها وغيرها من الاتهامات أرجعت مقدمة التحقيق إلى أن أحد الأسباب هو الضغط المتزايد على الخدمات بسبب الزيادة السكانية.

المصادر التي استند عليها التحقيق كانت لأطباء لم تعلن أسماؤهم وموظفة متقاعدة وعدد من النواب وأهالي سيدة متوفاة وتقرير ديوان الرقابة المالية وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي دون وجود تعقيب أو تعليق على تلك الاتهامات من وزارة الصحة أو إدارة المستشفى!!

و لنا تعليق

الصحافة بحاجة إلى تحقيقات موسعة وجريئة، بحاجة إلى قصص تمس احتياجات الناس ومعيشتهم، بحاجة إلى أن يكون لصحافتنا أنياب مشاكسة تكشف عن الحقائق.

والخدمات الطبية والعلاج تأتي على رأسها، وقد اجتهدت الصحيفة والصحافي في هذا التحقيق لتعدد مصادر القصة المذكورة، وهو جهد كبير بلا شك، ولكن نظراً لخطورة الاتهامات التي أوردها التحقيق فإن المهنية تقتضي أن أكلف الصحفي باستكمال جميع جوانب القصة لأخدم قضيتي التي أعرضها بشكل يحقق الأهداف المرجوة وهي إصلاح القصور وتطوير الخدمات ومحاسبة من كان إهماله متعمداً.

الإهمال في القضايا الطبية ليس خطأً طبياً، الإهمال يعد قتلاً متعمداً، عدم وصول الأدوية للصيدلية لاعلاقة له بالزيادة السكانية هنا تلميح لجريمة سرقة، تلك مسألة تختلف عما أورده تقرير ديوان الرقابة المالية من الهدر المالي في أدوية منتهية الصلاحية يتجاوز 4 مليون دينار.

و دعك من الاتهامات بقصور في أعداد الأسرة أو أعداد الأطباء أو كادر التمريض أو مواقف السيارات أو غيره فهو قصور مرتبط بالميزانية، ميزانية المستشفى أو ميزانية الدولة وفتح الشواغر للتوظيف.

إنما التهم الخطيرة السابقة هي تهم جنائية تحتاج إلى التعاطي معها بمهنية عالية ولا ندعو إلى أن تتجنبها الصحافة، بل بالعكس نحن ندعو إلى أن تنشط صحافتنا لمثل هذا النوع من التحقيقات وفي دول عديدة كانت الصحافة سبباً في الكشف عن جرائم و عن القبض على متنفذين، حتى لو كانت الجريمة هي إهمال وتقصير فالمادة 342 تنص على «أن العقوبة هي الحبس إذا وقعت جريمة نتيجة إخلال الجاني بما تفرضه عليه أصول مهنته» وقصة كالتي أوردها التحقيق حافلة تفاصيلها باتهامات خطيرة وعادة ما يكلف بها فريق تحقيق صحافي، لا يختلف أبداً عن أي فريق للتحقيق الجنائي فالقصة متشعبة والاتهامات خطيرة جداً.

فريق يعمل على جمع التهم وأدلتها ويتأنى في النشر إلى أن يتحقق من الأقوال المرسلة ويقارنها بالأدلة المضادة ويطلب من الأطراف الأخرى التعليق عليها ومن ثم يمكنه النشر.

لو استطاعت صحافتنا أن تقوى وترتقي بمهنيتها واستمرت على رفع السقف والتجرؤ على فتح ملفات معقدة كهذه فإن دورها سيكون سلطة رابعة بالفعل.