موزة فريد

نظمت أسرة الأدباء والكتاب الأحد، بمقرها في منطقة الزنج - ضمن فعاليات احتفائها بيوبيلها الذهبي - محاضرة بعنوان "خمسون عاماً من الشعر" ألقاها الشاعر ذات الصوت الشاعري الفريد في البحرين علي عبدالله خليفة وبإدارة كريم رضي.

ويرى الشاعر علي خليفة، أن الشعر يعتبر هدية من الله يهبها لمن يشاء، وعلى من يملك هذه الموهبة الفريدة، أن يعتني بها ويصقلها، بجانب الظروف والحياة البيئية التي يعيشها.

وفي حديثه عن التجربة الشعرية ومكوناتها وظروفها وبما مرت به طيلة الخمسين عاماً الماضية قال "ماهي إلا مجموعة من التحديات والصعاب ومجموعة من الكد والانتثاب والتي استطاعت بأن ترتقي بقصائده وتجربته الشعرية، فحدث الجمهور عن العديد من المحطات التي اعتبرها تجربته الشعرية وكان للظروف بحياته دور مؤثر لمساعدته كصاحب موهبة بسيطة".

ويرى أن تلك الظروف والمجتمع وتأثير البيئة المحيطة عليه وتلقيه التعليم الأول من المنزل ويليها التعليم النظامي وكذلك التثقيف الذاتي ومن خلال الناس المؤثرين الذين قد يلتقي فيهم الشاعر ويزيد من ثقافته لها مساهمة كبيرة في صقل ودعم موهبته.

وعن بداياته في كتابة القصائد والأشعار قال الشاعر علي خليفة: "قمت بالجمع بين الشعر الفصيح والعامي، ففي أول قصيدة كتبتها بالعامية واجهت هجوماً من العديد من شعراء البحرين فيما يتعلق بطريقة كتابتي".

ويقول "كوني إنسان متعلم وفي تلك الحقبة من السبعينيات لم تكن الأوضاع كما هي عليه اليوم من تقبل للأشعار العاطفية والحب، وأذكر وجود محل "دكان" بجانب منزلي لشخص يسمى سعد بن خيري وكنا نتجمع عند المحل، باعتبار ذلك من العادات القديمة في حقبة الخمسينات والستينات، حيث يقوم العديد من الناس بالتجمع عند أحد محلات المنطقة "دكاكين الفريج" للتسامر وتبادل الأحاديث والمعلومات، فكان محله كالمدرسة بالنسبة لي للقراءة والنقاش وكنت على متابعة أسبوعية لحلقة مفتوحة على الإذاعة لبرنامج "صوت العرب" والاستماع له، فقمت بكتابة قصيدة له لما لهذا الرجل تأثير أساسي وكبير في حياتنا العلمية".

وأضاف الشاعر علي خليفة "كان هناك ترابط حميمي بيني وبين البحر لوجود منزل جدي في منطقة حالة بو ماهر على البحر، ففي هذا البيت استمعت للعديد من المواويل والأشعار العامية، وعملت عند أحد الخضارين الذين تم بيعي له على أثر تقليد موجود في الماضي وهو "النذر" الذي قامت به والدتي بأنها عندما تنجب صبياً ستقوم ببيعه في السوق وهو ماجعل روحي تتعلق وتتصل بالخضار".

وعمل الشاعر علي خليفة في أحد المحلات "دكان عبدالله الجامع"، حيث اكتشف وجود قسم أعلى المحل محتشد بالكتب التي أراد استعارتها من صاحب المحل للقراءة ولكن لم يأذن له ذلك فطلب الجلوس بالمحل وقراءتها دون إخراجها، فأصبح يجلس من الساعه 12 ظهراً إلى العصر.

ويحتوي "دكان عبدالله الجامع"، على كتب غنية بالمعلومات فقرأ فيها خليفة نهج البلاغة وديوان المتنبي وابن الفار، بجانب حفظه للقرآن الكريم والذي تعلم من خلاله التجريد وأعانه على تقطيع الشعر، فهذا التوازن الذي اكتسبه الشاعر من الظروف البيئية التي عاشها كان لها تأثير عظيم في أشعاره وقصائده ونضوجه الشعري.

وأكد علي خليفة، دور الإذاعة في حياته الممتدة لمدة 9 سنوات لبرنامج "ظما التورات" و"همسات الليل" باللغة الفصحى، إلى جانب العديد من قراءاتي المختارة للشعر التي قمت بتقديمها وقراءتها بصوتي لأكثر من دولة وثقافة كالشعر المصري واللبناني والعراقي، ولارتباطي بمنظمة الفن الشعبي دور في التعرف على الناس من مختلف الدول، حيث كونت صداقات استطاعت أن تفتح لي أبواب على ثقافات أخرى.

وأكد وجود، 3 أساسيات وبشكل واضح وصريح وبعض الأحيان بشكل رمزي في أشعاره وهي المرأة والنخل والوطن، فالمرأة عنصر مؤثر جدا في تجربته لما لها من إلهام وحب، مبيناً أن والدته كانت معلمة وامراة قوية زرعت احترام المرأة في نفوس أبنائها والحذر والاحترام بالتعامل معها.

وقال خليفة "لأسرة الأدباء والكتاب تأثير كبير على نضوج مشاعرهم السياسية وتجاربهم والتي تعلمنا من خلالها فهم التيارات السياسية والأحزاب والانتماء السياسي ونضوج التكوين السياسي".

وأكد أن الشاعر هو مخزن تجارب حتى وإن كانت صغيرة يخزنها وتأتي بعدها التجارب الأخرى التي يجمعها الشاعر في هذا المخزن، فتصبح مجموعة أمور مختلطة تنضج فتصبح تجربة شعرية فنية.

يذكر أن أول اغنية غنت للشاعر علي عبدالله خليفة كانت "خانوا بعدهم إلا انت" غناها عبدالله بو سالم، فهو لا يكتب نصاً غنائياً بل قصيدة تختلف كتابتها عن كتابة الأغاني يتم اختيارها من قبل الملحن.

يشار إلى أن الشاعر علي عبدالله خليفة منح الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة سيكلونا الدولية في العام 1989 وقام بتأسيس دار الغد للنشر والتوزيع في البحرين عام 1974 بجانب اصداره مجلة "كتابات" الأدبية الفصلية التي ترأس تحريرها ومجلة "المأثورات الشعبية".

كما أسهم في تأسيس مركز عبدالرحمن كانو الثقافي ويرأس حالياً الثقافة الشعبية للدراسات والبحوث والنشر ويرأس تحرير المجلة العلمية المحكّمة "الثقافة الشعبية" التي تصدر بست لغات وتوزع في 163 بلداً.