دبي - (العربية نت): تواصل محكمة ساوث وارك الملكية البريطانية نظر قضية القرن المصرفية المرتبطة ببنك "باركليز"، المتهم فيها 4 من كبار المصرفيين السابقين في البنك، والذين وجهت إليهم تهم الكذب والتدليس والتزوير بالتواطؤ مع رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم، حسبما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز"، البريطانية.

ويبدأ ممثل الادعاء إدوارد براون، عن الطرف المدعي مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الكبرى SFO البريطاني، استدعاء شهود الإثبات إلى المنصة للإدلاء بأقوالهم أمام هيئة المحلفين، بعدما انتهت مرافعته الافتتاحية التي استمرت 6 أيام، من متابعة الأدلة وتفريغ لمكالمات هاتفية ورسائل بريد إلكتروني تكشف أن المدعى ضدهم قاموا بدفع عمولات سرية، بلغت 322 مليون جنيه إسترليني، شركة قطر القابضة، التابعة لصندوق الثروة السيادي إلى قطر في مقابل الاستثمار في بنك باركليز إبان الأزمة المالية عام 2008. وينفي المتهمون الأربعة ارتكاب أي مخالفات، وفقا لما نشرته صحيفة "ذا غارديان".

ويتهم مكتب SFO أن كلا من جون فارلي، الرئيس التنفيذي السابق لباركليز والمديرون التنفيذيون السابقون روجر جنكنز وريتشارد بوث وتوم كالاريس، اقترفوا جريمة الكذب على سوق الأوراق المالية والمستثمرين الآخرين بشأن رسوم دفعها بنك باركليز إلى قطر على مدار عمليتين لجمع إيداعات نقدية عاجلة، تبلغ قيمتها أكثر من 11 مليار جنيه إسترليني.

وأن المتهمين، أربعة وتم إعفاء خامس أصيب بمرض باركنسون، والرجال الأربعة دفعوا مبالغ بنسب أكبر من التي حصل عليها باقي المستثمرين وتم إخفاء هذا الأمر من خلال تزوير "اتفاقيتي خدمات استشارية" يتم بموجبها تحويل المبالغ الإضافية، التي طلبها الشيخ حمد بن جاسم كعمولات مقابل الموافقة على إيداعات نقدية من صندوق قطر السيادي ومن شركة خاصة يمتلكها الشيخ حمد بن جاسم في أحد الملاذات الآمنة ضريبيا، بجزر فيرجن أيلاندز.

في سياق عرض تفريغ تحريري لما دار خلال محادثة هاتفية تم تسجيلها في أكتوبر 2008، وعرضت على لجنة التحكيم، تبين أنه كان هناك تحركات محمومة واتصالات متلاحقة من أجل تجنب تأميم بنك باركليز، وخضوعه لخطة إنقاذ أعدتها الحكومة البريطانية مع بزوغ الأزمة المالية لمنع انهيار المصارف وحماية أموال المودعين.

وتظهر المكالمات الهاتفية أن دافع المديرين التنفيذيين السابقين من وراء تجنب خطة الإنقاذ الحكومية يرجع إلى خوفهم على مستقبلهم الوظيفي أو على أقل تقدير الحرمان من امتيازات مالية وحوافز مبالغ فيها كانوا سيفقدونها إذا ما خضع البنك للإشراف والتدقيق الحكومي، وبالتالي أذعنوا لمطالب الشيخ حمد بن جاسم، الذي استغل احتياجهم الشديد للتحويلات المالية، ليحصل على نسبة أعلى من باقي المستثمرين مقابل الأموال القطرية كما حصل على مبالغ إضافية لنفسه مقابل استغلاله لنفوذه ومناصبه المتعددة كرئيس للوزراء ووزير للمالية ورئيس لهيئة الاستثمار القطرية ورئيس شركة قطر القابضة، بالإضافة إلى نفس المميزات للشركة الخاصة Challenger Universal Ltd، التي أسسها الشيخ حمد بن جاسم خصيصا للاستحواذ على أسهم تقدر بـ4 مليارات جنيه إسترليني في بنك باركليز أوائل شهر يونيو 2008، أثناء مرحلة التفاوض مع جنكنز، المدير السابق لإدارة الشرق الأوسط في باركليز.

وقال جنكنز، الذي يلقبه زملاؤه من كبار الموظفين السابقين بـ"الكلب الكبير"، "تعبيرا عن مدى ولائه التام وشراسته أحيانا في الدفاع عن المصالح القطرية"، في باركليز، إن فارلي كان "يموت رعباً من أن الحكومة ستظهر صباح الغد".

وفي مكالمة أخرى في أكتوبر 2008 بين جنكنز وبوث، ومصرفي ثالث هو جيف فايس، قال جنكنز إنه أصابه الأرق وظل مستيقظًا حتى الساعة الثانية صباحًا "من الذعر مما كان على وشك الحدوث "خطة الإنقاذ الحكومية""، واستطرد قائلا: "لأن الحكومة البريطانية" لن تنظر بعين الرضا لحوافز وامتيازات تزيد عن مليون دولار".

وقال فايس لزميليه إنه لم يصب بالذعر لكن "كان يعتقد فقط أن المرتبات والمزايا المالية لكل من فارلي وبوب دايموند "رئيس باركليز آنذاك"، سيتم تخفيضها إلى مبلغ معقول"، أما "الموظفون الصغار مثلنا، الذين لا يلتقطهم الرادار، سيكونون على ما يرام".

سمعت هيئة المحلفين بالمحكمة أيضًا أنه بعد موافقة بنك باركليز على الاتفاق مع الجانب القطري، وتدبير الموافقة على طلبات الشيخ حمد بن جاسم، والذي أوعز للمديرين التنفيذيين السابقين بأن يتم دفع المبالغ الإضافية والمبالغ الشخصية الخاصة به إلى شركة قطر القابضة، في صورة أتعاب عن "خدمات استشارية"، طلب جنكنز، الذي حصل على مبلغ 37.5 مليون جنيه إسترليني في عام 2007، مبلغًا إضافيًا بقيمة 25 مليون جنيه إسترليني نظير دوره في الحصول على الأموال من الشيخ حمد بن جاسم.

وكما بالأقوال المأثورة بأن "النصاب يخدع الطماع"، فإن جنكنز، الذي رضخ في مفاوضاته لكل طلبات الشيخ حمد بن جاسم، المبالغ فيها وغير نزيهة ولا شريفة في الكثير من جوانبها وتفاصيلها، مما أدى لتورطه هو و3 من زملائه كبار المسؤولين في بنك باركليز السابقين، كان هو الآخر جشعا وطماعا، ففي بريد إلكتروني أرسله جنكنز في نوفمبر 2008 إلى ريتش ريتشي المدير التنفيذي لإدارة رؤوس الأموال ببنك باركليز، قال جنكنز: "حققت هذه التحويلات الخدعة المطلوبة، إذن لماذا لا يقوم جون فارلي وبوب دايموند بالطلب من رينكو "لجنة المكافآت"، مكافأة خاصة لجنكنز، ويقولا إننا بحاجة إلى منح مكافأة خاصة عن إنجاز هذه المهمة الآن".

كما تم تسليط الضوء على دور قطر بعد مداخلة من القاضي روبرت جاي، الذي أخبر هيئة المحلفين الخميس الماضي أنه إذا كانت حجة الادعاء صحيحة، فيجب اتهام الكيانات القطرية بـ"عدم النزاهة" مثلها مثل باقي المتهمين الأربعة.

وأضاف القاضي جاي، "إذا كان الطرف المقابل في اتفاقات "الخدمات الاستشارية" كيانا قطريا، فإن منطق الدعوى، التي رفعها SFO، يقول إن المنتمين للكيان القطري سواء كانوا فردا واحدا أو أكثر، "بلا شرف"، ومتساوون في المسؤولية عن ارتكاب الجرم الشائن من وجهة النظر الجنائية، وأنه لا توجد مساحة يمكن من خلالها الالتفاف على هذا الجرم".