ما هي المهن التي سوف تتلاشى في المستقبل؟ وما هي مهن المستقبل؟ هذه التساؤلات تلقي بظلال عالم متغير نتيجة دخول التقنية لفضاءات جديدة.
تشكل التقنيات الحديثة هاجساً حول فرص العمل في المستقبل والخوف من ازدياد البطالة نتيجة دخول الروبوت والذكاء الصناعي إلى ميدان العمل. فقد أشارت دراسة في جامعة أكسفورد إلى أن حوالي 47% من الوظائف في أمريكا و54% من الوظائف في أوروبا قد تكون مهددة بأن تحل محلها الآلة. مما لا شك فيه أن هذا الخوف ليس جديداً بل بدأ منذ بزوغ الثورة الصناعية من أكثر من 200 عام، لكن المتأمل لتاريخ التقنية والزراعة في أمريكا يلاحظ أن الزراعة كانت تمثل حوالي 74% من الوظائف عام 1800، لكن هذه تناقصت إلى حوالي 31% عام 1900 ثم وصلت 3% فقط عام 2000. لكن رغم هذا التناقض الكبير في حجم الأيدي العاملة في قطاع الزراعة في أمريكا إلا أن ذلك لم يؤدي إلى البطالة بل قاد إلى توليد فرص عمل جديدة ومبتكرة مثل المعلوماتية والبرمجية والذكاء الصناعي والطاقة المتجددة والتعليم عن بعد.
وستبقى المهن التي تحتاج إلى تفاعل إنساني مثل التعليم والتمريض لها قيمة اجتماعية واقتصادية في مجتمع متغير. لكن هناك حاجة ملحة للتفكير بمعنى العمل وقيمته في تحقيق الرفاه الاجتماعي والاستدامة. وأشارت دراسات في ظل أوروبا عن إشكالية لدى العاملين حول معنى الوظيفة والغاية منها في ظل الثورة الصناعية الرابعة واقتصاد المعرفة. وهذا يقودنا لمراجعة فكرة التقدم ومعناها وضرورة تقديم مقياس جديد غير الدخل القومي «GDP» يراعي معايير الاستدامة والصحة.
هناك جملة من الحلول المقترحة للتصدي من الخوف من البطالة لدور التقنية في وظائف المستقبل:
أولاً: إعادة التفكير في منظومة التعليم، لأنه في ظل تحدي دخول الآلة والروبورت لمكان العمل وعالم الإنترنت والنقل الذكي، لابد من تطوير مناهج وطرق التعليم لتمكين الفرد من تعلم مهارات جديدة لا تستطيع الآلة عملها مثل الخيال والتعاطف والتواصل. كذلك التعليم مدى الحياة يعد مرتكزاً للتحول في المستقبل، ففي كل يوم يحتاج السوق تطبيقات للهاتف النقال على صعيد الخدمات العامة والخاصة والألعاب الإلكترونية الجديدة وتطبيقات الاقتصاد التشاركي ومثل Uber مما يوفر علاقات جديدة بين المواطن والدولة والمؤسسة.
ثانيا: تطوير مهارات جديدة للموظف بحيث تكون متعدد المواهب وقادر على التكييف والتعلم المستمر، حيث يعاني الموظف في الدول الصناعية من إشكالية التقدم التقني في ظل العولمة والاستهلاك وممكن وصف هذه الإشكالية بالمقولة «نعمل في الوظائف التي لا تروق لنا، كي نشتري أشياء لا نحتاجها». ولذا هناك علماء اقتصاد ممن توقع أن تقل ساعات العمل لتصبح 15 ساعة أسبوعياً خلال العقد القادم. ومن المتوقع أن يتم إنجاز الكثير من المهام عبر العمل خلال مدة محدودة ومن مكان خارج بيئة العمل «free lance and out sourcing»، وهذا يقتضي مهارات متعددة لموظف المستقبل والقدرة على التعلم مدى الحياة والعمل في بيئات جديدة.
ثالثاً: تطوير نماذج مبتكرة لأسلوب العمل وثقافة المؤسسة، أننا مما نواجه تقنيات جديدة ستحدث إرباكاً لنموذج الأعمال وثقافة المؤسسة مما يستدعي مرونة في أوقات وأسلوب العمل والسماح للموظف في العمل من المنزل أو ضمن مجموعات عمل خارج المؤسسة. وهذا ما بدأنا نشهده من أعمال جديدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي من مدونين ومخرجين وفنانين وكتاب في الفضاء الافتراضي الرحب.
ختاماً، لقد كان التحول الكبير في الفكر الاقتصادي والسياسي من العبودية إلى الديمقراطية يعد حلماً بعيد المنال وقريباً من الخيال ولكن رحلة التقنية والابتكار تعلمنا درساً بسيطاً أن التقدم العلمي يرتكز على الخيال وقوة الفكرة. لذا نستلهم المقولة من الحكمة العربية القائلة «ربوا أولادكم على غير ما تربيتم عليه، فإنهم قد خلقوا لزمان غير زمانكم».
* رئيس قسم الابتكار وإدارة التقنية بكلية الدراسات العليا بجامعة الخليج العربي
تشكل التقنيات الحديثة هاجساً حول فرص العمل في المستقبل والخوف من ازدياد البطالة نتيجة دخول الروبوت والذكاء الصناعي إلى ميدان العمل. فقد أشارت دراسة في جامعة أكسفورد إلى أن حوالي 47% من الوظائف في أمريكا و54% من الوظائف في أوروبا قد تكون مهددة بأن تحل محلها الآلة. مما لا شك فيه أن هذا الخوف ليس جديداً بل بدأ منذ بزوغ الثورة الصناعية من أكثر من 200 عام، لكن المتأمل لتاريخ التقنية والزراعة في أمريكا يلاحظ أن الزراعة كانت تمثل حوالي 74% من الوظائف عام 1800، لكن هذه تناقصت إلى حوالي 31% عام 1900 ثم وصلت 3% فقط عام 2000. لكن رغم هذا التناقض الكبير في حجم الأيدي العاملة في قطاع الزراعة في أمريكا إلا أن ذلك لم يؤدي إلى البطالة بل قاد إلى توليد فرص عمل جديدة ومبتكرة مثل المعلوماتية والبرمجية والذكاء الصناعي والطاقة المتجددة والتعليم عن بعد.
وستبقى المهن التي تحتاج إلى تفاعل إنساني مثل التعليم والتمريض لها قيمة اجتماعية واقتصادية في مجتمع متغير. لكن هناك حاجة ملحة للتفكير بمعنى العمل وقيمته في تحقيق الرفاه الاجتماعي والاستدامة. وأشارت دراسات في ظل أوروبا عن إشكالية لدى العاملين حول معنى الوظيفة والغاية منها في ظل الثورة الصناعية الرابعة واقتصاد المعرفة. وهذا يقودنا لمراجعة فكرة التقدم ومعناها وضرورة تقديم مقياس جديد غير الدخل القومي «GDP» يراعي معايير الاستدامة والصحة.
هناك جملة من الحلول المقترحة للتصدي من الخوف من البطالة لدور التقنية في وظائف المستقبل:
أولاً: إعادة التفكير في منظومة التعليم، لأنه في ظل تحدي دخول الآلة والروبورت لمكان العمل وعالم الإنترنت والنقل الذكي، لابد من تطوير مناهج وطرق التعليم لتمكين الفرد من تعلم مهارات جديدة لا تستطيع الآلة عملها مثل الخيال والتعاطف والتواصل. كذلك التعليم مدى الحياة يعد مرتكزاً للتحول في المستقبل، ففي كل يوم يحتاج السوق تطبيقات للهاتف النقال على صعيد الخدمات العامة والخاصة والألعاب الإلكترونية الجديدة وتطبيقات الاقتصاد التشاركي ومثل Uber مما يوفر علاقات جديدة بين المواطن والدولة والمؤسسة.
ثانيا: تطوير مهارات جديدة للموظف بحيث تكون متعدد المواهب وقادر على التكييف والتعلم المستمر، حيث يعاني الموظف في الدول الصناعية من إشكالية التقدم التقني في ظل العولمة والاستهلاك وممكن وصف هذه الإشكالية بالمقولة «نعمل في الوظائف التي لا تروق لنا، كي نشتري أشياء لا نحتاجها». ولذا هناك علماء اقتصاد ممن توقع أن تقل ساعات العمل لتصبح 15 ساعة أسبوعياً خلال العقد القادم. ومن المتوقع أن يتم إنجاز الكثير من المهام عبر العمل خلال مدة محدودة ومن مكان خارج بيئة العمل «free lance and out sourcing»، وهذا يقتضي مهارات متعددة لموظف المستقبل والقدرة على التعلم مدى الحياة والعمل في بيئات جديدة.
ثالثاً: تطوير نماذج مبتكرة لأسلوب العمل وثقافة المؤسسة، أننا مما نواجه تقنيات جديدة ستحدث إرباكاً لنموذج الأعمال وثقافة المؤسسة مما يستدعي مرونة في أوقات وأسلوب العمل والسماح للموظف في العمل من المنزل أو ضمن مجموعات عمل خارج المؤسسة. وهذا ما بدأنا نشهده من أعمال جديدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي من مدونين ومخرجين وفنانين وكتاب في الفضاء الافتراضي الرحب.
ختاماً، لقد كان التحول الكبير في الفكر الاقتصادي والسياسي من العبودية إلى الديمقراطية يعد حلماً بعيد المنال وقريباً من الخيال ولكن رحلة التقنية والابتكار تعلمنا درساً بسيطاً أن التقدم العلمي يرتكز على الخيال وقوة الفكرة. لذا نستلهم المقولة من الحكمة العربية القائلة «ربوا أولادكم على غير ما تربيتم عليه، فإنهم قد خلقوا لزمان غير زمانكم».
* رئيس قسم الابتكار وإدارة التقنية بكلية الدراسات العليا بجامعة الخليج العربي