وأنت تتنقل بين صفحات التواصل الاجتماعي، قد تكون الحسابات الأكثر جذباً واستيقافاً لك هي حسابات أصحاب «العنتريات». شخصياتهم القوية، وأسماؤهم المعروفة، وتاريخهم المشاغب، وخطاباتهم عالية السقف، توحي لك بقدرتهم على استثمار الحرية بشجاعة يعجز عنها غيرهم. وقد تستمر في متابعتهم، وتتعمد البحث عن كل ما ينشرونه، لا لشيء إلا لأن متابعتهم تخلق عندك شعوراً بالحماس والرضا. إنك ربما.. تعتبرهم صوتك المبحوح الذي يريد أن يعبر.. ولا يعرف كيف يعبر.
في مجال الحديث عن الحريات، فإنه من الصعب التغافل عن قيود مجتمعاتنا المحافظة التي تحول دون حرية التعبير عن الآراء تجاه قضايا كثيرة. ولكن.. من جهة أخرى، فإن مسألة قبول بعض السلطات السياسية في بعض الدول بفتح المجال واسعاً أمام كل من يريد التعبير عن آرائه في مقابل عدم الاستجابة لها، فتح المجال واسعاً أمام فوضى التعبير وغذّى «ظاهرتي المزايدات والعنتريات». وهو الأمر الذي أدى إلى تسرب تصورات خاطئة عند عامة الناس حول واقع المجتمع وتوصيف مشكلاته وآليات مناقشتها وسبل علاجها. وكان المستهدف الأول من خطاب «العنتريات»، الذي ضجت به الدول العربية إبان أحداث ما عرف بـ «الربيع العربي»، مع نهايات سنة 2010، كان المستهدف الأول هم عامة الناس من البسطاء المحرومين والطامحين. ولذلك جاءت هبات عام 2011 عاطفية غاضبة، وبعضها أقرب إلى الغرائزية التي أخرجت أسوأ ما في الثقافة العربية من العنصرية والطائفية والخلافات المتجذرة في قراءتنا للتاريخ والسياسة. والتي نتج عنها في بعض الدول العربية، المأزومة حالياً، واقع يعكس سوء رؤيتنا للمستقبل، وسوء إدارة لمفاهيم الحرية والديمقراطية والشراكة الوطنية.
البسطاء هم هدف خطاب العنتريات، لأنها خطابات تحريضية، تثير الإحباط من الواقع، وتحفز الغضب المطلوب ادخاره مستقبلاً لينفجر من جديد. ودائماً خطاب العنتريات يتكئ على التوعد بأن الهدوء الحالي سينتهي بانفجار، كما انتهى الهدوء الذي قبله. ففي خطاب العنتريات ستتعرف على وجود مشكلة هنا، ومخالفة هناك، وأحدهم تضرر في موقع ما، وآخر وقع عليه الظلم من أحد المتنفذين. إنها أخبار على شاكلة تصميم صفحة الحوادث قديماً. ولكنها أخبار لا تعطيك تصوراً واضحاً عن الواقع الكلي للمشكلات التي يواجهها مجتمعنا. ولا تفسر لك مكمن المشكلات إلا في تعبيرات عامة ومثيرة للعواطف فقط. وبالطبع.. خطاب العنتريات ليس معنياً باقتراح الحلول، أو طرح البدائل!!
ظاهرة «خطاب العنتريات» في تراوح بين الصعود والهبوط استناداً إلى الحالة المزاجية للمجتمع، فأصحاب هذا الخطاب يقتنصون الأزمات الجديدة ليعيدوا استثارة الجماهير، ثم يعودون مرة أخرى لانتظار حدث جديد. وهم، في كل هذه الأثناء، يقاومون حالة السأم التي قد تسقط جماهيرهم في فتورها. والسبب الرئيس في انتعاش أصحاب العنتريات بين فترة وأخرى، هو شبه العجز الذي صارت تعاني منه مؤسسات المجتمع المدني، وبقائها في تقليديتها وعدم قدرتها على تحديث أفكارها وخطابها بما يتوافق مع متطلبات الواقع. كما أن المؤسسات الثقافية الأهلية تعاني هي الأخرى من سطحية الأداء والاكتفاء بالبرامج المقولبة التي لا تثير حواراً ولا تفتح نقاشاً، مما ترك تناول قضايا المجتمع ما بين ضمور التغافل عنها، أو وقوعها نهباً بين أيدي المزايدين.
من المؤشرات الجيدة أن ظروف مجتمعنا تمكن الكثيرين من التعبير عما يريدون قوله. ولكن ونحن نتأمل كل ما يقال علينا ألا ننجر وراء «الجوقات» المصنوعة لأصحاب العنتريات الذين سنجدهم يثيرون ضجيج التأييد والاحتفاء بعد كل تغريدة أو منشور يصدره أحدهم. علينا معالجة ما يقال منطقياً، واستيعاب حجمه في مشكلات الوطن، فلدينا الكثير لنخسره إذا انفجرت نوبة غضب تغذيها بعض الأطراف التي يقع الوطن في آخر همومها.
في مجال الحديث عن الحريات، فإنه من الصعب التغافل عن قيود مجتمعاتنا المحافظة التي تحول دون حرية التعبير عن الآراء تجاه قضايا كثيرة. ولكن.. من جهة أخرى، فإن مسألة قبول بعض السلطات السياسية في بعض الدول بفتح المجال واسعاً أمام كل من يريد التعبير عن آرائه في مقابل عدم الاستجابة لها، فتح المجال واسعاً أمام فوضى التعبير وغذّى «ظاهرتي المزايدات والعنتريات». وهو الأمر الذي أدى إلى تسرب تصورات خاطئة عند عامة الناس حول واقع المجتمع وتوصيف مشكلاته وآليات مناقشتها وسبل علاجها. وكان المستهدف الأول من خطاب «العنتريات»، الذي ضجت به الدول العربية إبان أحداث ما عرف بـ «الربيع العربي»، مع نهايات سنة 2010، كان المستهدف الأول هم عامة الناس من البسطاء المحرومين والطامحين. ولذلك جاءت هبات عام 2011 عاطفية غاضبة، وبعضها أقرب إلى الغرائزية التي أخرجت أسوأ ما في الثقافة العربية من العنصرية والطائفية والخلافات المتجذرة في قراءتنا للتاريخ والسياسة. والتي نتج عنها في بعض الدول العربية، المأزومة حالياً، واقع يعكس سوء رؤيتنا للمستقبل، وسوء إدارة لمفاهيم الحرية والديمقراطية والشراكة الوطنية.
البسطاء هم هدف خطاب العنتريات، لأنها خطابات تحريضية، تثير الإحباط من الواقع، وتحفز الغضب المطلوب ادخاره مستقبلاً لينفجر من جديد. ودائماً خطاب العنتريات يتكئ على التوعد بأن الهدوء الحالي سينتهي بانفجار، كما انتهى الهدوء الذي قبله. ففي خطاب العنتريات ستتعرف على وجود مشكلة هنا، ومخالفة هناك، وأحدهم تضرر في موقع ما، وآخر وقع عليه الظلم من أحد المتنفذين. إنها أخبار على شاكلة تصميم صفحة الحوادث قديماً. ولكنها أخبار لا تعطيك تصوراً واضحاً عن الواقع الكلي للمشكلات التي يواجهها مجتمعنا. ولا تفسر لك مكمن المشكلات إلا في تعبيرات عامة ومثيرة للعواطف فقط. وبالطبع.. خطاب العنتريات ليس معنياً باقتراح الحلول، أو طرح البدائل!!
ظاهرة «خطاب العنتريات» في تراوح بين الصعود والهبوط استناداً إلى الحالة المزاجية للمجتمع، فأصحاب هذا الخطاب يقتنصون الأزمات الجديدة ليعيدوا استثارة الجماهير، ثم يعودون مرة أخرى لانتظار حدث جديد. وهم، في كل هذه الأثناء، يقاومون حالة السأم التي قد تسقط جماهيرهم في فتورها. والسبب الرئيس في انتعاش أصحاب العنتريات بين فترة وأخرى، هو شبه العجز الذي صارت تعاني منه مؤسسات المجتمع المدني، وبقائها في تقليديتها وعدم قدرتها على تحديث أفكارها وخطابها بما يتوافق مع متطلبات الواقع. كما أن المؤسسات الثقافية الأهلية تعاني هي الأخرى من سطحية الأداء والاكتفاء بالبرامج المقولبة التي لا تثير حواراً ولا تفتح نقاشاً، مما ترك تناول قضايا المجتمع ما بين ضمور التغافل عنها، أو وقوعها نهباً بين أيدي المزايدين.
من المؤشرات الجيدة أن ظروف مجتمعنا تمكن الكثيرين من التعبير عما يريدون قوله. ولكن ونحن نتأمل كل ما يقال علينا ألا ننجر وراء «الجوقات» المصنوعة لأصحاب العنتريات الذين سنجدهم يثيرون ضجيج التأييد والاحتفاء بعد كل تغريدة أو منشور يصدره أحدهم. علينا معالجة ما يقال منطقياً، واستيعاب حجمه في مشكلات الوطن، فلدينا الكثير لنخسره إذا انفجرت نوبة غضب تغذيها بعض الأطراف التي يقع الوطن في آخر همومها.