يمتاز القتل بالقنص ضمن المدن في كون القناص يتربص بالضحية ويراها جيداً عبر منظار سلاحه، ويستطيع التأكد من ضحيته قبل قتلها، وهو بهذا يتشابه مع عمليات الإعدام، إذ إن القاتل هنا يعلم تماماً هوية ضحيته ويتعمد قتلها، ولكن من دون أن يعلم أو يهتم بتهمته, ومن دون تفريق بين طفل أو كهل أو امرأة أو حتى عاجز.ويختار قناصة النظام السوري، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، المواقع الأكثر إشرافاً على المدينة وطرق المرور, كي يستطيع المراقبة وتعطيل حركة الحياة والقدرة على قنص أكبر عدد من المدنيين أو الثوار داخل المدن, كما تم استخدام أماكن عامة دينية أو تعليمية أو خدمية لأغراض القتل بسبب تميز موقعها مثل المساجد والمدارس والمشافي والمباني الإدارية والأبراج السكنية.وقد لجأ النظام السوري إلى القنص كأسلوب لمنع التظاهرات والاحتجاجات منذ بداية انطلاق الثورة السورية. فاستخدم عناصر الأمن أولاً كقناصين، ثم امتد الأمر وتطور، ليضطر إلى زيادة استخدامه لهذا السلاح على نطاق واسع، وأصبحت إشارة "انتبه قناص" هي أحدث الدلالات الطرقية في شوارع سوريا، حيث استخدم القناصون لفرض حظر تجول، أو إغلاق شوارع ومحاور محددة، خصوصا أيام الجمع.في البداية، كان النظام يكتفي بالقناصين السوريين، ولكن مع بداية العمل الثوري المسلح وانتشار المعارك، خصوصاً في المدن, اعتمد النظام وبشكل واسع على القناصين "المستوردين" والمرتزقة من عراقيين وإيرانيين ولبنانيين من عناصر الميليشيات الشيعية، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان حول الميليشيات الشيعية المقاتلة في سوريا.وبلغت حصيلة ضحايا قنص النظام وميليشياته حتى الآن 5307 مدنيين، بينهم 518 طفلاً و641 امرأة.ومع تصاعد وتيرة النزاع المسلح، تحولت مناطق كاملة من بعض المدن إلى ساحات حرب، سلاحها "القنص" وضحيتها "المدنيون"، وباتت تعرف بنقاط تمركز القناصين الموجودين فيها، ومن أشهر مواقع القناصة في برج الزبلطاني بدمشق، وقناصة معبر بستان القصر والقصر البلدي والإذاعة في حلب, وأبراج السكن الشبابي في حمص، وقناص المشفى الوطني في درعا.وأصبح المدنيون يتناقلون "طباع" القناصة ونوعية الضحايا الذين يفضلونها أو الإصابات التي يتقصدونها, فعُرف عن بعضهم أنه يتقصد إصابة النساء في مناطق معينة, أو تعمد استهداف الأطفال والعجائز, وهم الأكثر براءة وبعداً عن الحرب.وقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الكثير من حالات قنص مواطنين، وبقاء جثثهم لعدة أيام مرمية بالطرقات، إذ لا أحد يستطيع انتشالها خوفاً من قتلهم برصاص القناصة المنتشرين بشكل واسع. وحصلت عدة حالات قتل فيها المسعف أثناء محاولته إنقاذ أو سحب جثة القتيل.وتزايدت عمليات القتل والإجرام وعمليات الحصار والخناق المطبق على الأحياء لتبقى جثث الضحايا ملقاة في الشوارع، أياماً، لعدم قدرة أي من أصدقائهم أو ذويهم على انتشالهم لدفنهم أو حتى إسعاف من تبقى فيه رمق الحياة.