هناك نوعيات من البشر «خطرة» جدا من ناحية التعامل مع الآخرين.

المهتمون في العلوم الإنسانية، ينصحون دائما بالابتعاد من نوعيات معينة من هؤلاء البشر، وحينما ننصح الآخرين بذلك، نعني أكثر البشر الذين تخالطهم اجتماعيا، خاصة تلك النوعيات التي «تشع» منها السلبية، أو تكون مركزاً لـ«تصدير الإحباط»، أو أولئك الذين تنحصر «متعتهم» في خلق الاستياء الذاتي للأشخاص الآخرين، وذلك عبر وسائل مختلفة وطرق متنوعة.

لكن المشكلة الحقيقة التي قد تواجه الشخص، تتمثل في حتمية التعامل مع أشخاص مثل هذه النوعيات في مواقع العمل، إذ في الحياة الاجتماعية يمكنك إيجاد الحلول بسهولة، من خلال تجنب الاختلاط معهم، وعدم ترك الفرص لفتح مواضيع نقاشية معهم، أو عدم مجالستهم أو مد العلاقات الاجتماعية أبعد من الرسميات.

في المخالطات الاجتماعية أنت صاحب القرار، أنت من يقرر قبولك بالجلوس مع هؤلاء الذين يسببون لك الإحباط، ويمررون لك الطاقة السلبية، أو الذين يستهدفون معنوياتك فيهوون بها للقاع.

لكن في مواقع العمل قد تكون مضطراً للتعامل مع هذه النوعيات من البشر، وقد لا يكون لك حول ولا قوة في اختيار الذين تعمل معهم، بالتالي أنت تحتاج لاستراتيجيات تواصل حتى يمكنك العمل في بيئة محفوفة بالإزعاج والمزعجين والسلبيين لكن دون التأثير على مستوى عملك، والأهم دون أن تتضرر نفسيتك.

لن أتحدث عن النوع الأول، وهم المزعجون اجتماعياً، ولا النوع الثاني، وهم المزعجون مهنياً، لكن الحديث عن النوع الثالث وهو الأخطر نظراً لنسبة تأثيره، وهو النوع الذي قد يكون معه الموظف بالفعل «عاجزاً» عن فعل أي شيء بخلاف إتيانه بردات فعل خطيرة لها عواقب غير محمودة.

أتحدث عن سيناريو يجعلك تفترض أنك تعمل تحت إدارة مسؤول أو مدير أو أي صاحب قرار وسلطة في موقع العمل، وتكون صفات هذا الشخص مثل الفئات التي أشرنا لها، بل يكون متفوقاً عليهم في مسألة «صعوبة الإرضاء» أو «انقراض التقدير» الصادر منه تجاه الموظفين، أو «تلذذه» بتعذيبهم إدارياً، أو «التفنن» في إحباطهم إداريا.

هناك نوعيات من هؤلاء المسؤولين توجد في مختلف مواقع العمل، نوعيات لا ترضى بأي شيء، يستفزها أن تجد نوعيات من الموظفين قادرين ومؤهلين وكفوئين، بالتالي يكون شغلها الشاغل التقليل من نتاج عملها، الانتقاص من أفكارها، الحط من قدراتها، والأخطر السعي لتحطيمها وكسر نفسياتها.

هذه النوعية من المسؤولين خطرة جداً، ويفضل في أي منظومة إدارية صحية لها أهدافها السامية، ألا تمنح فرصة تملك القرار لمثل هؤلاء، خاصة إن كانوا مسؤولين على موظفين بينهم الكفاءات والقدرات والطاقات التي تمتلك سمات الابتكار الإبداع والرغبة في التطوير والتجديد، لأن وجودهم له ضرره على عمل المنظومة ككل، وكذلك على موظفيها، ويمكن بسبب شخص واحد من هذه النوعية أن يدمر كل شيء، يدمر العمل، ويدمر نفسيات الموظفين، ويحول الوسط المهني لبيئة طاردة، تقتصر على «الشلليات» و«اللوبيات» من الحاشية والمطبلين والمنافقين.

هؤلاء مهما تفعل معهم، مهما تحقق الإنجازات لهم، لن يبادلوك ذلك بالتقدير وفتح الأبواب للتطوير، لأنك أولاً خطر عليهم، وثانياً لأنهم يعانون من أمراض نفسية سادية، تجده يبتسم في وجهك، ويقول لك في نفس اللحظة: «اسمح لي بأن أحطمك»!

ابعدوا هؤلاء عن قطاعاتنا، فلسنا في حاجة لمن يدمر العمل ويحطم الطاقات لأجل نزعاته الشخصية، بل نريد من يحقق الإنجازات ويطور البشر ليكونوا امتداداً للمستقبل.