إن كان مجلس النواب قد عزم فعلاً على أن يصوت في جلسته اليوم الثلاثاء على تشكيل لجنة التحقيق الأولى بشأن الوظائف وبحرنتها، فإننا نذكرهم هنا بأن مسؤوليتهم ستكون كبيرة جداً، لأن هذا الملف يحتاج إلى «نسم طويل» بحيث يتم استكمال المشوار فيه، وتحقيق الغاية من هذه اللجنة.
طبعاً حين نتحدث عن الغاية فإننا نعني النتيجة البديهية التي تقول بأن «عيال البلد أولى» بوظائفها، ما يعني أن علينا اليوم العمل «فعلاً» لا «قولاً» على تمكين أبناء البلد من الفرص الموجودة في بلادهم.
نسبة الأجانب التي ارتفعت بشكل رهيب في السنوات الأخيرة، وأصبح تعدادهم اليوم أكثر من تعداد البحرينيين، هذه نسبة تطرق ناقوس خطر لا يجب التهاون معه، فنحن لسنا نتحدث هنا عن وظائف لا يشغلها البحريني فقط، خاصة تلك الوظائف العليا في الشركات التي تملك الحكومة أسهماً فيها، أو حتى القطاعات الرسمية التي تضم نسبة أجانب بعقود أو غيرها، بل نتحدث عن «نمط حياة» يتغير في البحرين، نتحدث عن مناطق بعضها تجاري وسياحي قلما تجد البحرينيين فيها.
لسنوات طويلة لم أحاول الذهاب للسير في أزقة سوق المنامة القديم، لكن حين ذهبت، ورغم ما تم القيام به من نواح جمالية وأخرى تحافظ على الشكل التراثي لباب البحرين، إلا أنني وجدت نفسي غريباً في المنطقة، وكأنني في بلد آسيوي.
ليس الاستياء من المشهد بحد ذاته، فمناطق البحرين مفتوحة، والمناطق الحيوية كالأسواق الشعبية تجد فيها كثافة متوقعة، لكن الاستياء كان بسبب سؤال تردد في ذهني بشأن كيفية توظيف هذه الأعداد الهائلة من الأجانب في مختلف الوظائف في البحرين؟! طبعاً أتحدث عن القطاع الخاص أولاً كونه يستقطب عشرات الآلاف من الأجانب العاملين في حقل البناء والنظافة والخدمات وغيرهم، وبعدها بدرجة أقل الأجانب الكثر الذين نجدهم في المجمعات، أو في بعض المناطق السكنية المغلقة في المحافظات، إذ النوع الأخير ليس ممن يعمل في وظائف تشغلها الأيدي العاملة الرخيصة، بل كثير منهم يشغل مناصب ذات أجور عالية.
من لديه أبناء في مدارس خاصة رسومها باهظة سيدرك ما أعنيه، إذ غالبية الأجانب تجد الجهات التي تستقطبهم تمنح بدلات ومزايا من ضمنها تدريس الأبناء وفي أفضل المدارس، بحيث يتم دفع رسومها من قبل هذه الشركات أو الجهات.
هذه أرزاق وفرص عمل، نعم لا اعتراض، لكن الاعتراض يكون حينما نبحث ونتقصى ونسأل عن السبب الذي يجعلنا بعد مرور سنوات طويلة على فكرة البحرنة وتطبيقها، وعلى شعارات «تفضيل» المواطن في مواقع العمل، وعلى عملية «الإحلال» التي يتكرر ذكرها، السبب الذي يجعلنا مازلنا في حاجة لأعداد كبيرة من الخبرات الأجنبية في الوظائف التي يمكن أن يشغلها البحرينيون؟!
نقول ونردد دائماً بأن لدينا طاقات وكوادر، لدينا برامج تركز على تهيئة شبابنا، وتفتح لهم مجالات لتلقي أفضل وأجود أنواع التعليم، عبر البعثات التي تقدمها الدولة من خلال برامجها، بل لدينا حزم عديدة من الفعاليات التي تستهدف الشباب. لدينا برامج تدريبية معتمدة ومبرمجة هدفها الارتقاء بطاقات البلد وإعدادهم ليكونوا قادة للمستقبل.
لدينا الأرضية الجاهزة، لكن السؤال الأهم: هل لدينا الرغبة الكاملة في منح البحريني الثقة ليحل محل الأجنبي المختص؟!
إجابة السؤال إن كانت بـ»نعم» فسنقول شكراً لكم، وما سيفعله البرلمان اليوم من تشكيل لجنة تحقيق، لو تشكلت، سيكون داعماً لهذه الرغبة، ولربما سيكون بمثابة الانطلاقة الفعلية لتحقيق شعاراتنا أعلاه وأبرزها خيار «البحريني أولى»، أما إن كانت الإجابة بـ»لا» بذرائع أننا مازلنا بحاجة للخبرات الأجنبية، فإننا نتحدث هنا عن تخبطنا في عملية إعداد الكوادر البحرينية، عن عجزنا في تأهيلهم بشكل صحيح ليصلوا لمستوى الأجنبي ويتفوقوا عليه، لم ننجح في عملية «نقل الخبرة» من الأجنبي الخبير إلى البحريني القابل لنهل هذه الخبرة، بالتالي نحن المسؤولون عن ذلك.
أخشى ما أخشاه أن يركز مجلس النواب في التحقيق المزمع على عمليات «التلويم» و»توجيه أصابع المسؤولية» للجهات الحكومية المعنية «فقط»، وتضيع بالتالي عمليات التصحيح المطلوبة.
هذا الملف هام جداً، ويرتبط بمصير البحرين والبحرينيين، نأمل أن يكون فتحه ذا نتيجة ملموسة وتحقق الهدف منه.
أكتب ذلك وأنا أكرر بأن «عيال البلد أولى» ولا بد أن يكونوا هم الخيار دائماً.
طبعاً حين نتحدث عن الغاية فإننا نعني النتيجة البديهية التي تقول بأن «عيال البلد أولى» بوظائفها، ما يعني أن علينا اليوم العمل «فعلاً» لا «قولاً» على تمكين أبناء البلد من الفرص الموجودة في بلادهم.
نسبة الأجانب التي ارتفعت بشكل رهيب في السنوات الأخيرة، وأصبح تعدادهم اليوم أكثر من تعداد البحرينيين، هذه نسبة تطرق ناقوس خطر لا يجب التهاون معه، فنحن لسنا نتحدث هنا عن وظائف لا يشغلها البحريني فقط، خاصة تلك الوظائف العليا في الشركات التي تملك الحكومة أسهماً فيها، أو حتى القطاعات الرسمية التي تضم نسبة أجانب بعقود أو غيرها، بل نتحدث عن «نمط حياة» يتغير في البحرين، نتحدث عن مناطق بعضها تجاري وسياحي قلما تجد البحرينيين فيها.
لسنوات طويلة لم أحاول الذهاب للسير في أزقة سوق المنامة القديم، لكن حين ذهبت، ورغم ما تم القيام به من نواح جمالية وأخرى تحافظ على الشكل التراثي لباب البحرين، إلا أنني وجدت نفسي غريباً في المنطقة، وكأنني في بلد آسيوي.
ليس الاستياء من المشهد بحد ذاته، فمناطق البحرين مفتوحة، والمناطق الحيوية كالأسواق الشعبية تجد فيها كثافة متوقعة، لكن الاستياء كان بسبب سؤال تردد في ذهني بشأن كيفية توظيف هذه الأعداد الهائلة من الأجانب في مختلف الوظائف في البحرين؟! طبعاً أتحدث عن القطاع الخاص أولاً كونه يستقطب عشرات الآلاف من الأجانب العاملين في حقل البناء والنظافة والخدمات وغيرهم، وبعدها بدرجة أقل الأجانب الكثر الذين نجدهم في المجمعات، أو في بعض المناطق السكنية المغلقة في المحافظات، إذ النوع الأخير ليس ممن يعمل في وظائف تشغلها الأيدي العاملة الرخيصة، بل كثير منهم يشغل مناصب ذات أجور عالية.
من لديه أبناء في مدارس خاصة رسومها باهظة سيدرك ما أعنيه، إذ غالبية الأجانب تجد الجهات التي تستقطبهم تمنح بدلات ومزايا من ضمنها تدريس الأبناء وفي أفضل المدارس، بحيث يتم دفع رسومها من قبل هذه الشركات أو الجهات.
هذه أرزاق وفرص عمل، نعم لا اعتراض، لكن الاعتراض يكون حينما نبحث ونتقصى ونسأل عن السبب الذي يجعلنا بعد مرور سنوات طويلة على فكرة البحرنة وتطبيقها، وعلى شعارات «تفضيل» المواطن في مواقع العمل، وعلى عملية «الإحلال» التي يتكرر ذكرها، السبب الذي يجعلنا مازلنا في حاجة لأعداد كبيرة من الخبرات الأجنبية في الوظائف التي يمكن أن يشغلها البحرينيون؟!
نقول ونردد دائماً بأن لدينا طاقات وكوادر، لدينا برامج تركز على تهيئة شبابنا، وتفتح لهم مجالات لتلقي أفضل وأجود أنواع التعليم، عبر البعثات التي تقدمها الدولة من خلال برامجها، بل لدينا حزم عديدة من الفعاليات التي تستهدف الشباب. لدينا برامج تدريبية معتمدة ومبرمجة هدفها الارتقاء بطاقات البلد وإعدادهم ليكونوا قادة للمستقبل.
لدينا الأرضية الجاهزة، لكن السؤال الأهم: هل لدينا الرغبة الكاملة في منح البحريني الثقة ليحل محل الأجنبي المختص؟!
إجابة السؤال إن كانت بـ»نعم» فسنقول شكراً لكم، وما سيفعله البرلمان اليوم من تشكيل لجنة تحقيق، لو تشكلت، سيكون داعماً لهذه الرغبة، ولربما سيكون بمثابة الانطلاقة الفعلية لتحقيق شعاراتنا أعلاه وأبرزها خيار «البحريني أولى»، أما إن كانت الإجابة بـ»لا» بذرائع أننا مازلنا بحاجة للخبرات الأجنبية، فإننا نتحدث هنا عن تخبطنا في عملية إعداد الكوادر البحرينية، عن عجزنا في تأهيلهم بشكل صحيح ليصلوا لمستوى الأجنبي ويتفوقوا عليه، لم ننجح في عملية «نقل الخبرة» من الأجنبي الخبير إلى البحريني القابل لنهل هذه الخبرة، بالتالي نحن المسؤولون عن ذلك.
أخشى ما أخشاه أن يركز مجلس النواب في التحقيق المزمع على عمليات «التلويم» و»توجيه أصابع المسؤولية» للجهات الحكومية المعنية «فقط»، وتضيع بالتالي عمليات التصحيح المطلوبة.
هذا الملف هام جداً، ويرتبط بمصير البحرين والبحرينيين، نأمل أن يكون فتحه ذا نتيجة ملموسة وتحقق الهدف منه.
أكتب ذلك وأنا أكرر بأن «عيال البلد أولى» ولا بد أن يكونوا هم الخيار دائماً.