استمتعت يوم أمس وأنا أشارك في دورة قيادية متقدمة، معنية بالدبلوماسية والتفاوض والارتباط الإعلامي بهما.
أومن بقوة بأن الإنسان يتعلم حتى آخر أنفاسه، والتدريب ودخول الدورات بتدرجها من ناحية المستوى وتطورها، مسألة هامة جداً في صقل المهارات المتكسبة، وفي زيادة المعلومات، وفي تعلم طرائق وتكتيكات جديدة يمكن استخدامها سواء في الحياة الاجتماعية أو العملية.
المحاضر البريطاني الذي قدم الدورة، استعرض لنا عشرة صور لرؤساء دول ورؤساء وزراء، بعضهم عرب وبعضهم أجانب، ويمتدون على حقب زمنية، تبدأ من صلاح الدين الأيوبي، وتنتهي بالرئيس الأمريكي جيمي كارتر، وهو الوحيد الذي مازال على قيد الحياة من بين صور الرؤساء المعروضين.
كانت المناقشة تتركز على النوعيات المختلفة للقيادات، ومن منهم نرى فيهم قياساً على تاريخه، صفات القائد القوي الناجح، بحجم إنجازاته وسماته القيادية، أو العكس.
وجهت للمحاضر البريطاني والذي كان يوماً من الأيام عضوا في البرلمان سؤالاً بشأن سبب اختياره لصورة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر، بدلاً من رئيس وزراء بريطانيا في منتصف القرن الماضي ونستون تشرشل، باعتبار أن الأخير يجمع عليه كثير من البريطانيين على أنه أقوى رئيس حكومة عرفه عصرهم الحديث؟!
أجابني بأنه اختار تاتشر لرغبته في تنويع الصور بين الرجال والنساء، خاصة وأنه وضع صورة أخرى تاريخية للملكة إليزابيث الأولى.
هنا تعمدت توجيه سؤال له، وقلت في مقدمته إننا في المجتمع العربي يوجد لدينا كثيرون معجبون بمارجريت تاتشر، وإننا نطلق عليها «المرأة الحديدية»، وحينما جاءت تيريزا ماي خلفاً لديفيد كاميرون كُتبت مانشيتات في الصحف تتساءل إن كانت ماي هي «المرأة الحديدية» الجديدة التي ستعيد للأذهان صورة مارجريت تاتشر؟! وواصلت بسؤاله: نحن نعتبر تاتشر نموذجاً ناجحاً للقيادي، لكن هل الشعب البريطاني يشاركنا في هذا الانطباع عن المرأة الحديدية؟!
ابتسم وأجابني بشكل دبلوماسي واضح بأن هناك تبايناً في وجهات النظر، هنا تداخلت معه لأبعد أي حرج ولألخص له المشهد الذي عايشته بنفسي حين درست في لندن قبل سنوات، وهو أن غالبية المجتمع البريطاني ينظرون لحقبة تاتشر رغم الإنجازات التي حققتها، ينظرون لها بأنها حقبة صعبة، كانت فيها صعوبات اقتصادية، ونشبت فيها حرب الفوكلاند مع الأرجنتين، بالتالي يصعب أن تقول للبريطانيين بأن تاتشر هي أفضل رئيسة وزراء مرت عليهم!
سألني المحاضر: ما هو هدفك من طرح هذا المثال؟!
أجبته بأنني أريد بيان نقطة بالغة الأهمية، تتمثل بأن شعوب البلدان هم أفضل من يعطيك تقييماً حقيقياً عن أوضاعهم الداخلية وعن أداء أنظمتهم السياسية، بالتالي عملية الحكم التي يصدرها أحياناً «أشخاص من الخارج» أو حتى «منظمات لا وجود لها على الأرض المعنية» تكون منحازة أو مغلوطة، ويمكن إدراك ذلك من خلال مقارنتها بما تقوله شعوب تلك الدول أو مؤسساتها الرسمية أو منظماتها.
نحن في بلداننا تعرضنا لإطلاق أحكام وإصدار بيانات وشن حملات من الغرب، سواء بعض الدول، أو بعض المنظمات، تتهم بلداننا بأمور ليست فيها، تجزم بأن لدينا أموراً ليست دقيقة بسبب المعلومات المغلوطة، وكلها بسبب صناعة رأي عام «خارجي» لا يمت للواقع بصلة، ولا يستقي معلوماته بنفسه عبر تواجده على الأرض، أو يعتمد على مصادر «غير منحازة» أو «مسيسة» أو «ذات أجندة» أو «عميلة» لجهات خارجية معادية!
خلاصة القول أنك من الصعوبة أن تحكم على واقع لا تعايشه ولا توجد فيه، من الصعوبة أن تقدم تقييماً لوضع أنت بعيد عنه تماماً، وتكتفي بما ينقل لك سواء من جهات لها أهدافها، أو وسائل إعلام لم تتعب نفسها في تحري الدقة. بالتالي الحقيقة تتكشف أمامك حينما يقارعك أهل البلد بحججهم وشواهدهم ومعلوماتهم مقابل ادعاءاتك أو رؤاك الجازمة.
في النهاية، نحن أدرى ببلادنا، وتحديداً نحن أعلم بالحقيقة فيها، وندرك ما يروج ضدها في الغرب كذباً وزوراً وبهتاناً، وقادرون أن نرد عليه ونكشف زيفه.
أومن بقوة بأن الإنسان يتعلم حتى آخر أنفاسه، والتدريب ودخول الدورات بتدرجها من ناحية المستوى وتطورها، مسألة هامة جداً في صقل المهارات المتكسبة، وفي زيادة المعلومات، وفي تعلم طرائق وتكتيكات جديدة يمكن استخدامها سواء في الحياة الاجتماعية أو العملية.
المحاضر البريطاني الذي قدم الدورة، استعرض لنا عشرة صور لرؤساء دول ورؤساء وزراء، بعضهم عرب وبعضهم أجانب، ويمتدون على حقب زمنية، تبدأ من صلاح الدين الأيوبي، وتنتهي بالرئيس الأمريكي جيمي كارتر، وهو الوحيد الذي مازال على قيد الحياة من بين صور الرؤساء المعروضين.
كانت المناقشة تتركز على النوعيات المختلفة للقيادات، ومن منهم نرى فيهم قياساً على تاريخه، صفات القائد القوي الناجح، بحجم إنجازاته وسماته القيادية، أو العكس.
وجهت للمحاضر البريطاني والذي كان يوماً من الأيام عضوا في البرلمان سؤالاً بشأن سبب اختياره لصورة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر، بدلاً من رئيس وزراء بريطانيا في منتصف القرن الماضي ونستون تشرشل، باعتبار أن الأخير يجمع عليه كثير من البريطانيين على أنه أقوى رئيس حكومة عرفه عصرهم الحديث؟!
أجابني بأنه اختار تاتشر لرغبته في تنويع الصور بين الرجال والنساء، خاصة وأنه وضع صورة أخرى تاريخية للملكة إليزابيث الأولى.
هنا تعمدت توجيه سؤال له، وقلت في مقدمته إننا في المجتمع العربي يوجد لدينا كثيرون معجبون بمارجريت تاتشر، وإننا نطلق عليها «المرأة الحديدية»، وحينما جاءت تيريزا ماي خلفاً لديفيد كاميرون كُتبت مانشيتات في الصحف تتساءل إن كانت ماي هي «المرأة الحديدية» الجديدة التي ستعيد للأذهان صورة مارجريت تاتشر؟! وواصلت بسؤاله: نحن نعتبر تاتشر نموذجاً ناجحاً للقيادي، لكن هل الشعب البريطاني يشاركنا في هذا الانطباع عن المرأة الحديدية؟!
ابتسم وأجابني بشكل دبلوماسي واضح بأن هناك تبايناً في وجهات النظر، هنا تداخلت معه لأبعد أي حرج ولألخص له المشهد الذي عايشته بنفسي حين درست في لندن قبل سنوات، وهو أن غالبية المجتمع البريطاني ينظرون لحقبة تاتشر رغم الإنجازات التي حققتها، ينظرون لها بأنها حقبة صعبة، كانت فيها صعوبات اقتصادية، ونشبت فيها حرب الفوكلاند مع الأرجنتين، بالتالي يصعب أن تقول للبريطانيين بأن تاتشر هي أفضل رئيسة وزراء مرت عليهم!
سألني المحاضر: ما هو هدفك من طرح هذا المثال؟!
أجبته بأنني أريد بيان نقطة بالغة الأهمية، تتمثل بأن شعوب البلدان هم أفضل من يعطيك تقييماً حقيقياً عن أوضاعهم الداخلية وعن أداء أنظمتهم السياسية، بالتالي عملية الحكم التي يصدرها أحياناً «أشخاص من الخارج» أو حتى «منظمات لا وجود لها على الأرض المعنية» تكون منحازة أو مغلوطة، ويمكن إدراك ذلك من خلال مقارنتها بما تقوله شعوب تلك الدول أو مؤسساتها الرسمية أو منظماتها.
نحن في بلداننا تعرضنا لإطلاق أحكام وإصدار بيانات وشن حملات من الغرب، سواء بعض الدول، أو بعض المنظمات، تتهم بلداننا بأمور ليست فيها، تجزم بأن لدينا أموراً ليست دقيقة بسبب المعلومات المغلوطة، وكلها بسبب صناعة رأي عام «خارجي» لا يمت للواقع بصلة، ولا يستقي معلوماته بنفسه عبر تواجده على الأرض، أو يعتمد على مصادر «غير منحازة» أو «مسيسة» أو «ذات أجندة» أو «عميلة» لجهات خارجية معادية!
خلاصة القول أنك من الصعوبة أن تحكم على واقع لا تعايشه ولا توجد فيه، من الصعوبة أن تقدم تقييماً لوضع أنت بعيد عنه تماماً، وتكتفي بما ينقل لك سواء من جهات لها أهدافها، أو وسائل إعلام لم تتعب نفسها في تحري الدقة. بالتالي الحقيقة تتكشف أمامك حينما يقارعك أهل البلد بحججهم وشواهدهم ومعلوماتهم مقابل ادعاءاتك أو رؤاك الجازمة.
في النهاية، نحن أدرى ببلادنا، وتحديداً نحن أعلم بالحقيقة فيها، وندرك ما يروج ضدها في الغرب كذباً وزوراً وبهتاناً، وقادرون أن نرد عليه ونكشف زيفه.