استقالة وزير خارجية النظام الإيراني محمد جواد ظريف ثم عودته عنها بعد رفض رئيس نظامه حسن روحاني لتلك الاستقالة، تكشف عمق الخلاف بين ما يسمون أنفسهم بالمتشددين والإصلاحيين في النظام، خاصة ما يتعلق بالسياسة الخارجية لإيران، ولعل زيارة الرئيس السوري لإيران كشفت ذلك الخلاف عندما تم تجاهل دور «الإصلاحي» جواد ظريف المسؤول الأول عن الشؤون الخارجية، وبروز «المتشدد» قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني خلال تلك الزيارة، وهذه الثغرات في النظام الإيراني أصبحت كبيرة وملحوظة أكثر، حيث لم يعد يستطيع مواجهة العالم الذي أصبح مدركاً لخطورة المشهد الإيراني على الساحة الإقليمية والدولية.
ظريف رغم ما يمثله من هدوء في شخصيته وتقبله لسياسة الحوار ونجاحه في إبرام الاتفاق النووي الذي يعد هو مهندسها، ولكنه لا يستطيع تلبية متطلبات النظام الإيراني القائم على العنف والبيروقراطية وحب السيطرة على الآخرين، وبحكم منصب ظريف كوزير لخارجية بلاده، فإنه لف العالم كله، ورأى أساليب إدارة السياسات الخارجية لكل الدول، وحاول ربما قدر المستطاع مجاراة تلك الأساليب والتناغم معها، ولكن لأنه يتبع نظاماً استبدادياً وطاغياً مثل النظام الإيراني فلم يستطع أن يكمل أكثر في «تمثيله لدور» وزير الخارجية، رغم براعته وإجادته هذا الدور، وقد يشهد على ذلك أعداؤه قبل أصدقائه.
صحيح أن الرئيس روحاني رفض استقالة ظريف، ونعم لقد عاد ظريف إلى منصبه، ولكن أن يقدم استقالته في زمن هو الأصعب على النظام الإيراني، فهذا بحد ذاته يعد فشلاً جديداً يضاف إلى سلسلة طويلة من الفشل لنظام أصبح الفشل العنوان الأبرز له خاصة في الفترات الأخيرة، كالفشل في تقديم حلول لإمكانية عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي بعد انسحابها منه، والفشل في إقناع أوروبا بتقديم الولايات المتحدة تنازلات عن شروطها لعودتها إلى الاتفاقية، والفشل في الانفتاح المالي والاقتصادي لإيران على العالم، والفشل في الحد من المعارضة الإيرانية الخارجية ومنظمة مجاهدي ومريم رجوي التي استحوذت على المشهد الأوروبي الشعبي، وكسبت تعاطف ودعم أطراف بارزة في البرلمان الأوروبي والكونغرس الأمريكي الذين يقفون مساندين وداعمين لمطالب «رجوي» بإسقاط النظام الإيراني الحالي، وكذلك الفشل في سيطرة النظام الإيراني على اليمن، والفشل المتواصل في العراق ولبنان، ولعل آخر السقطات للنظام الإيراني على المستوى الخارجي هو تصنيف بريطانيا لـ«حزب الله» منظمة إرهابية، والجميع يعلم من هو «حزب الله» بالنسبة للنظام الإيراني.
إن سلسة الفشل المذكورة أعلاه هو غيض من فيض، فهناك ما هو أكثر فشلاً من الخارج الإيراني، وأعني هنا داخل إيران، فالنظام الإيراني بسياسته الخارجية لم يستطع إقناع العالم بأن الثورة الشعبية التي تحدث في الداخل الإيراني منذ أكثر من عام هي تنظيم إرهابي أو جماعة خارجة على القانون، ولم تستطع السياسة الإيرانية الخارجية تصوير النظام الإيراني بأنه نظام قائم على الحرية والديمقراطية، ولم تستطع أيضاً كبت ولجم المعارضة الإيرانية في الخارج بقيادة مريم رجوي، حتى ولو كان باستخدام العنف، وهذا ما حدث فعلاً في يونيو الماضي عندما أقدمت إيران على تفجيرات كانت تستهدف مؤتمر المعارضة السنوي في باريس، ولكن النتائج جاءت عكسية لصالح المعارضة التي ارتفعت أسهمها وسمع صوتها أكثر لدى الغرب.
نعم ظريف عاد إلى مزاولة عمله، ولكن ما أحدثه من شرخ لنظامه لا يمكن التغافل عنه، وظريف بمجرد تقديمه للاستقالة فإنه يؤكد وجود تصدع كبير في الجدار الإيراني الذي لم يعد جداراً فولاذياً كما يظنه البعض، بل هذا الجدار الذي بني قبل 40 عاماً هو الآن في أقرب ما يكون إلى الانهيار، فتصدعاته كثيرة وشقوقه واضحة، وجواد ظريف يعلم ذلك جيداً، وما خفي أعظم.
ظريف رغم ما يمثله من هدوء في شخصيته وتقبله لسياسة الحوار ونجاحه في إبرام الاتفاق النووي الذي يعد هو مهندسها، ولكنه لا يستطيع تلبية متطلبات النظام الإيراني القائم على العنف والبيروقراطية وحب السيطرة على الآخرين، وبحكم منصب ظريف كوزير لخارجية بلاده، فإنه لف العالم كله، ورأى أساليب إدارة السياسات الخارجية لكل الدول، وحاول ربما قدر المستطاع مجاراة تلك الأساليب والتناغم معها، ولكن لأنه يتبع نظاماً استبدادياً وطاغياً مثل النظام الإيراني فلم يستطع أن يكمل أكثر في «تمثيله لدور» وزير الخارجية، رغم براعته وإجادته هذا الدور، وقد يشهد على ذلك أعداؤه قبل أصدقائه.
صحيح أن الرئيس روحاني رفض استقالة ظريف، ونعم لقد عاد ظريف إلى منصبه، ولكن أن يقدم استقالته في زمن هو الأصعب على النظام الإيراني، فهذا بحد ذاته يعد فشلاً جديداً يضاف إلى سلسلة طويلة من الفشل لنظام أصبح الفشل العنوان الأبرز له خاصة في الفترات الأخيرة، كالفشل في تقديم حلول لإمكانية عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي بعد انسحابها منه، والفشل في إقناع أوروبا بتقديم الولايات المتحدة تنازلات عن شروطها لعودتها إلى الاتفاقية، والفشل في الانفتاح المالي والاقتصادي لإيران على العالم، والفشل في الحد من المعارضة الإيرانية الخارجية ومنظمة مجاهدي ومريم رجوي التي استحوذت على المشهد الأوروبي الشعبي، وكسبت تعاطف ودعم أطراف بارزة في البرلمان الأوروبي والكونغرس الأمريكي الذين يقفون مساندين وداعمين لمطالب «رجوي» بإسقاط النظام الإيراني الحالي، وكذلك الفشل في سيطرة النظام الإيراني على اليمن، والفشل المتواصل في العراق ولبنان، ولعل آخر السقطات للنظام الإيراني على المستوى الخارجي هو تصنيف بريطانيا لـ«حزب الله» منظمة إرهابية، والجميع يعلم من هو «حزب الله» بالنسبة للنظام الإيراني.
إن سلسة الفشل المذكورة أعلاه هو غيض من فيض، فهناك ما هو أكثر فشلاً من الخارج الإيراني، وأعني هنا داخل إيران، فالنظام الإيراني بسياسته الخارجية لم يستطع إقناع العالم بأن الثورة الشعبية التي تحدث في الداخل الإيراني منذ أكثر من عام هي تنظيم إرهابي أو جماعة خارجة على القانون، ولم تستطع السياسة الإيرانية الخارجية تصوير النظام الإيراني بأنه نظام قائم على الحرية والديمقراطية، ولم تستطع أيضاً كبت ولجم المعارضة الإيرانية في الخارج بقيادة مريم رجوي، حتى ولو كان باستخدام العنف، وهذا ما حدث فعلاً في يونيو الماضي عندما أقدمت إيران على تفجيرات كانت تستهدف مؤتمر المعارضة السنوي في باريس، ولكن النتائج جاءت عكسية لصالح المعارضة التي ارتفعت أسهمها وسمع صوتها أكثر لدى الغرب.
نعم ظريف عاد إلى مزاولة عمله، ولكن ما أحدثه من شرخ لنظامه لا يمكن التغافل عنه، وظريف بمجرد تقديمه للاستقالة فإنه يؤكد وجود تصدع كبير في الجدار الإيراني الذي لم يعد جداراً فولاذياً كما يظنه البعض، بل هذا الجدار الذي بني قبل 40 عاماً هو الآن في أقرب ما يكون إلى الانهيار، فتصدعاته كثيرة وشقوقه واضحة، وجواد ظريف يعلم ذلك جيداً، وما خفي أعظم.