متجرئاً على الفتوى أرسل رسالته متهماً إياي بالكفر والنفاق ودليله في فريته أني حليق اللحية وأرتدي «البدلة» في البرنامج -وتلك هيئة الكفار-والمرء يحشر مع من أحب- هكذا قال!!
لم أشأ حينها أن أجعل من قالته موضوعاً كبيراً يستغرق الحلقة، واكتفيت بتذكيره والمشاهدين أنه لا يوجد في الدين لباس خاص بالمسلم فقد تركت الشعوب المفتوحة حرة في المحافظة على موروثاتها من ملبس ومأكل وتراث وثقافة، وأستبعد فقط ما تعارض مع الثوابت والأركان الجديدة للدين الوليد، فالمسلم الإنجليزي والهندي والصيني والماليزي وغيرهم أحرار في ارتداء ملابسهم وتناول أطعمتهم وإحياء تقاليدهم وتراثهم من دون حرج، ولم أرَ من الفقهاء من جعل من هذا الأمر أصلاً من أصول الدين، كما أن حلق اللحية من السنن التي فيها للفقهاء أكثر من رأي، فهناك من تشدد وهناك من تيسر، والمسألة برمتها فرع يسير لا يجب أن نجعلها قضية نهدر فيها الوقت والعقل معاً، ولكني لم أشأ أن يفلت مثل هذا المتشنج من تذكيره بما أعد له ولأمثاله ممن يسارعون إلى تكفير الناس وهم كثر، فأخبرته أنني سأطالبه بحقي أمام الملك الديان يوم يفصل الله في الحقوق بين الخلائق في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
لقد امتطى الخطاب الإعلامي كثير من الغلاة الذين غابت عنهم وسطية هذا الدين التي هي أهم خصائصه وميزاته ولولاها ما انتشر أو امتد ولو لفراسخ معدودة في جزيرة العرب بل لربما قضي عليه في مهده وأمسى أثراً بعد عين، وقد أمضى هؤلاء زمناً طويلاً يشغبون فيه على كل رأي وسط، ولم يسلم من تطرفهم بر ولا فاجر، وظلوا يقتاتون على اختلافات عادية بين الفقهاء تارة وعلى تأويلات متطرفة للنصوص تارة أخرى، بل واجتزاء النصوص من سياقها وفصلها عن بيئتها أحياناً كثيرة، وكان المزاج العام ابتداء من السبعينات من القرن الماضي، حتى العقد الأول من هذا القرن، مهيأ كي يعمل الخارجون على وسطية الخطاب براحة تامة، ومن دون أن يواجههم أو يفند تخريجاتهم أحد، وهكذا سيطر التنطع والتطرف على عقول كثيرة، وكان ومازال من اليسير تجنيد العقول الغضة للشباب ضمن حبائل التطرف أو في شباك تنظيمات الإرهاب المحلية أو العابرة للحدود.
إن الإسلام عقيدة بسيطة جداً تقبلها الفطرة، ويقتنع بها العقل الصافي في سلاسة من دون عنت، فلا كهنوت ولا غموض ولا خطيئة ولا واسطة بين الخالق والمخلوق، ولذلك أكد القرآن لجميع الأنبياء والرسل الذين حملوا رسالة التوحيد ألا إكراه في الدين، فمنذ سيدنا نوح كان الخطاب «أنلزمكموها وأنتم لها كارهون؟»، وظل ذلك منهجاً إلهياً سارياً حتى خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، إذ خاطبه القرآن في سورة يونس، «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين»، وفي سورة الكهف «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، فجميع آيات القرآن تدعو إلى اللين والرفق والرحمة والحكمة، كما أن السنة النبوية أكدت مبدأ اليسر والتوسط في الأمر، ونهت عن البطش والخشونة، «ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما كان العنف في شيء إلا شانه»، هذا هو منهج الإسلام، ومصدر قوته، وسر انتشاره بين الناس شرقاً وغرباً، قديماً وحديثاً، حتى وإن كان أهله قد أصابهم العطب والوهن. وللحديث بقية.
لم أشأ حينها أن أجعل من قالته موضوعاً كبيراً يستغرق الحلقة، واكتفيت بتذكيره والمشاهدين أنه لا يوجد في الدين لباس خاص بالمسلم فقد تركت الشعوب المفتوحة حرة في المحافظة على موروثاتها من ملبس ومأكل وتراث وثقافة، وأستبعد فقط ما تعارض مع الثوابت والأركان الجديدة للدين الوليد، فالمسلم الإنجليزي والهندي والصيني والماليزي وغيرهم أحرار في ارتداء ملابسهم وتناول أطعمتهم وإحياء تقاليدهم وتراثهم من دون حرج، ولم أرَ من الفقهاء من جعل من هذا الأمر أصلاً من أصول الدين، كما أن حلق اللحية من السنن التي فيها للفقهاء أكثر من رأي، فهناك من تشدد وهناك من تيسر، والمسألة برمتها فرع يسير لا يجب أن نجعلها قضية نهدر فيها الوقت والعقل معاً، ولكني لم أشأ أن يفلت مثل هذا المتشنج من تذكيره بما أعد له ولأمثاله ممن يسارعون إلى تكفير الناس وهم كثر، فأخبرته أنني سأطالبه بحقي أمام الملك الديان يوم يفصل الله في الحقوق بين الخلائق في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
لقد امتطى الخطاب الإعلامي كثير من الغلاة الذين غابت عنهم وسطية هذا الدين التي هي أهم خصائصه وميزاته ولولاها ما انتشر أو امتد ولو لفراسخ معدودة في جزيرة العرب بل لربما قضي عليه في مهده وأمسى أثراً بعد عين، وقد أمضى هؤلاء زمناً طويلاً يشغبون فيه على كل رأي وسط، ولم يسلم من تطرفهم بر ولا فاجر، وظلوا يقتاتون على اختلافات عادية بين الفقهاء تارة وعلى تأويلات متطرفة للنصوص تارة أخرى، بل واجتزاء النصوص من سياقها وفصلها عن بيئتها أحياناً كثيرة، وكان المزاج العام ابتداء من السبعينات من القرن الماضي، حتى العقد الأول من هذا القرن، مهيأ كي يعمل الخارجون على وسطية الخطاب براحة تامة، ومن دون أن يواجههم أو يفند تخريجاتهم أحد، وهكذا سيطر التنطع والتطرف على عقول كثيرة، وكان ومازال من اليسير تجنيد العقول الغضة للشباب ضمن حبائل التطرف أو في شباك تنظيمات الإرهاب المحلية أو العابرة للحدود.
إن الإسلام عقيدة بسيطة جداً تقبلها الفطرة، ويقتنع بها العقل الصافي في سلاسة من دون عنت، فلا كهنوت ولا غموض ولا خطيئة ولا واسطة بين الخالق والمخلوق، ولذلك أكد القرآن لجميع الأنبياء والرسل الذين حملوا رسالة التوحيد ألا إكراه في الدين، فمنذ سيدنا نوح كان الخطاب «أنلزمكموها وأنتم لها كارهون؟»، وظل ذلك منهجاً إلهياً سارياً حتى خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، إذ خاطبه القرآن في سورة يونس، «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين»، وفي سورة الكهف «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، فجميع آيات القرآن تدعو إلى اللين والرفق والرحمة والحكمة، كما أن السنة النبوية أكدت مبدأ اليسر والتوسط في الأمر، ونهت عن البطش والخشونة، «ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما كان العنف في شيء إلا شانه»، هذا هو منهج الإسلام، ومصدر قوته، وسر انتشاره بين الناس شرقاً وغرباً، قديماً وحديثاً، حتى وإن كان أهله قد أصابهم العطب والوهن. وللحديث بقية.