البحرين بحاجة إلى مجموعات ضغط قوية نعم، ووجود معارضة وأصوات ناقدة وشرسة تحسب لها الحكومة ألف حساب نعم، البحرين بحاجة إلى تنوع في الرؤى يفسح لها المجال من أجل أن تعطي للسلطة التنفيذية مجالات أوسع وخيارات أكثر لا أن تنفرد الحكومة في قراراتها، البحرين بحاجة لسلطة رقابية شعبية قوية على جميع منصاتها سواء كانت نيابية أو إعلامية أو على منصة وسائل التواصل الاجتماعي أو في المجالس أو أي منصة عامة كانت.

إنما لا يضحك علينا أحد ويقول لنا إن ما يحدث الآن على وسائل التواصل الاجتماعي يمثل ذلك المطلوب، بل هو عكسه تماماً، فما يصلنا عبارة عن فوضى وصراخ بأساليب لم نعهدها ولا نعرفها وغريبة علينا، فنحن لا نرفض الجديد إنما نرفض الاستهانة بالظلم والتقليل من ضرره علينا، وبنشر الأخبار المنقوصة والفيديوات المقتطعة والكذب والافتراء والتجني، فنحن أصبحنا كالوحوش ننهش في بعضنا البعض دون هوادة وبتلذذ دون حتى أن نتبين ومن المستفيد؟

ما يصلنا لا علاقة له بنصرة الضعيف وإنصاف المظلوم وبقوة النقد أو قوة الاعتراض أو بتعدد الآراء، ما يصلنا لا حجة فيه ولا منطق ولا أمانة نقل فتضيع المصداقية، بل أصبحنا نعين على الظلم وبوصلة العديد من الحسابات خاصة فرقة «شرشحوه» ضائعة، ولا يهمها أن يضيع الكل وراءها المهم أنها تصرخ بعلو صوتها (لحقوني) أنا من أقود تغريدتي أقوى تغريدة، نكتتي أقوى نكتة الصورة التي نشرتها حصلت على ... لايك الفيديو الذي منتجته شاهده .... مشاهدة حتى لو كان المحتوى فارغاً أو مسيئاً لبشر أو ظالماً له لا يهم، والمؤسف أنه ثبت أننا مجتمع يسهل إرشادنا إلى حيث لا ندري ونسير معه إلى ما هي النهاية؟ (أعرف أن فرقة شرشحوه ستحرض البحرينيين وتقول لهم انظروا إنها تتهم البحريني بالغباء) التضليل ليس بالضرورة بسبب محدودية الذكاء التضليل يسهل حين تكون الوسيلة ذكية حين يكون المتلقي عاطفياً، التضليل ممكن إن اخترنا التوقيت المناسب له والطريقة المناسبة، ذلك فن وعلم يدرس، إعادة الإرسال عندنا من أسهل الاختراعات التي تعلمناها بلا تفكر حتى للحظة أو ثانية، أو حتى سؤال للنفس لن يستغرق ثواني»هل سأأثم على ما أرسلت أم لا؟» وحين تنتشر قصة ما يعتبر انتشارها سبباً كافياً لتصديقها مع الأسف.

لو كنت مكان أي دولة عدواً للبحرين لفرحت أشد الفرح بفرقة «شرشحوه» وبطبيعة الشعب البحريني البسيطة، أنها فرقة وإن كانت على عدد أقل من أصابع اليد الواحدة إنما تقدم له أكبر خدمة وتقوم نيابة عنه بقطع نصف المسافة نحو الهدف المنشود، هي تقوم بالنصف الأول بخلق الفوضى ومن يتربص بنا يقوم بقيادتنا للنصف الثاني، ونحن نسير للهاوية وراءهم، وفي كل مرة يتحقق الهدف مع الأسف.

الهدف الأول:

لا يترك للبحرين أي مسؤول نظيف أو شريف أو من الذين ينجزون عملهم فهذا خطر علينا إلا وقد قضينا على سمعته وعلى إنجازه يجب أن لا يفكر الشرفاء بقبول التعيينات.

الثاني

لا نسمح للمسؤولين منهم بالتواصل مع الجماهير، لابد من منعهم، وقطع العلاقة بين المسؤولين والناس فحالة الصمت بين المسؤولين تنفعنا كلما بعدت المسافة بين المسؤول والناس فقدت الناس ثقتها في الحكومة.

الثالث

لا نترك مجالاً للبحرينيين للتفكير بصوت عالٍ وبهدوء ومنح الآراء المتعددة فرصة كي تظهر للعلن بأريحية ودون خوف فربما يستفيد البحرينيون ويصلون إلى رأي راجح يخدمهم، نريد من لديه كلمة تنفع الناس أن يصمت ويتوارى، اشغلوهم بما لا ينفعهم أثيروا القصص الفارغة ودعوهم يلهون بها.

الرابع

حين يكون هناك أمر مهم كمناقشة الميزانية مثلاً أو أي قضية حيوية اشغلوهم أثيروا ضجة فهم أسرع من يستثار ويجري وراء الإثارة وتضيع القضية التي تحتاج إلى تفكير هادئ وجدل صحي.

ما أكثر الأهداف التي حققناها لهم ومن انتفع وفاز من القصص التي أشغلتنا وأخذت وقتاً منا؟ هم من يتربصون بنا، و «فرقة شرشحوه».

وبعد أن تم إلهاؤنا بقصصهم وبمواضيعهم ظلت قضايانا المهمة بعيدة عن النقاش، فقدنا صوت المتخصصين الذين يمتلكون الخبرة، فرح الفاسدون الحقيقيون فقد ابتعدت الأضواء عنهم خسرنا العديد ممن يملكون راياً ممكن أن يخدمنا لأنه سيعد مجنوناً إن رفع صوته وتكلم في هذه الفوضى.

المطلوب من البحرينيين أن لا يتركوا لهذه الفرقة أولأعدائنا أن يتحكموا في مسارنا، أن يرتفع صوت العقل على كل محفل ومنصة وبجرأة للتصدي لهذه الأصوات، أن نفسح المجال للنقد والاعتراض الذي نستفيد منه والذي يملك الحجة والمنطق وتقديم البديل ويطرح الأسئلة التي نخرج من أجوبتها بفائدة تعود بالنفع علينا

المطلوب هو أن نبحث عن أصوات تشرفنا بجرأتها وقوة حجتها ومنطقها وتسلسل أفكارها والتي لا تحتاج أن يكون دمها (يهد) و تعتقد أن دمها خفيف.

نريد عقلاً مزوداً بالمعلومة و بالقدرة على إيصالها وسنع وجرأة لا تخشى في الحق لومة لائم معاً لنقول لدينا بحرينيون يمثلوننا، يخشاهم أعداؤنا لأنهم كالمرساة إن اهتزت السفينة أعادوها لحالة الاستقرار.

ملاحظة

نصحني الكثير بعدم المساس «بفرقة شرشحوه» أجبتهم أنني أخذت التطعيمات اللازمة منذ أكثر من ربع قرن!