الجزائر - جمال كريمي

فاجأ حزبا السلطة بالجزائر جبهة التحرير الوطني الديمقراطي، والتجمع الوطني الديمقراطي، الرأي العام بإعلانهما "الالتحاق بالحراك الشعبي" الرافض لاستمرار الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في الحكم. وبدأ الحزبان الكبيران المهيمنان على مقاليد الحكم "نشر الغسيل" وتوجيه الاتهامات لبعضهما البعض بالتسبب في الأزمة التي دخلتها البلاد، ليجد الرئيس بوتفليقة نفسه وحيدا في مواجهة مصيره.

وخالف منسق هيئة تسيير جبهة التحرير الوطني، رئيس البرلمان، معاذ بوشارب، التوقعات، بإعلانه أن "أبناء جبهة التحرير الوطني يساندون الحراك الشعبي"، وهو الذي قال بعد أول مسيرة شعبية ضد ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة في 22 فبراير الماضي، إن الساسة الذين ينادون بالتغيير "يحلمون"، وسخف منهم بالقول كذلك "أحلام سعيدة". وقبل ذلك جمع اكثر من 20 ألف شخص في مهرجان خطابي للإعلان الرسمي عن ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة، وما قاله حينها في حق بوتفليقة، إنه "رسول من الله لإنقاذ البلاد من محنتها".

لكن بوشارب في كلمة ألقاها في اجتماع مع أمناء محافظات الحزب، الأربعاء، أكد أن "جبهة التحرير تحيي المسيرات السلمية التي تشهدها البلاد"، واللافت كذلك في تصريحات بوشارب قوله إن "حزب جبهة التحرير الوطني الذي يرأسه بوتفيلقة، يضم "حركى"، ويُقصد "بالحركى الأشخاص الذين خدموا مع الاستعمار الفرنسي فترة احتلال البلاد، ضد الثورة التحريرية".

والتحول الكبير في المواقف كذلك، عبَر عنه الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديمقراطي، الذي يقوده رئيس الوزراء المستقيل أحمد أويحيى، والذي قال في حوار تلفزيوني لقناة محلية خاصة، مساء الثلاثاء "ترشيح بوتفليقة فقدان بصيرة ومغامرة خطيرة في حق البلاد".

وشكلت تصريحات شهاب صديق الذي يشغل منصب نائب رئيس البرلمان، "رجة" كبيرة، وصفها المتابعون بأن "الراكبين في سفينة بوتفليقة الغارقة بدؤوا في النجاة بأنفسهم".

وذكر المتحدث، أن "الحزب لم يكن راغبا في ترشح بوتفليقة ولم يكن مقتنعا بهذا الخيار، لكن مسايرة للتحالف الرئاسي - التحالف يضم أحزاب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية الجزائرية - تركنا ندعم ترشيح بوتفليقة.

وأشار شهاب صديق، الى أن "الجزائر تسير بقوى غير دستورية منذ سنوات"، وفي هذه الجزئية إشارة إلى شقيق الرئيس بوتفليقة المدعو سعيد، وهو مستشار في الرئاسة بمرسوم غير منشور في الجريدة الرسمية، وتحول منذ مرض الرئيس سنة 2013 وإصابته بجلطة دماغية إلى الحاكم الفعلي للبلاد".

ومع هذه التحولات، وبقاء معسكر الرئيس بوتفليقة بدون حلفاء، كشفت مصادر مطلعة لـ"الوطن"، أن "السعيد بوتفليقة الذي كان يحكم خيوط اللعبة، قد انزوى، ولم يعد يتحدث للوزراء المقربين منه، وهو "معتكف"، مع رجل الأعمال الأكثر نفوذا في البلاد كريم كونيناف، للبحث عن "خروج آمن" من المشهد السياسي".