ما أروع شباب الأمس كانوا يعشقون كتابة الكلمات ويعرفون كيف يعبرون بها عما في نفوسهم، كثير من شباب الأمس تعودوا أن ينهوا يومهم بكتابة أحداث هذا اليوم في صفحة من صفحات مذكراتهم اليومية، فعلى صفحة تخصص لكل يوم يؤرخون فيه تاريخ هذا اليوم ويسردون فيه أهم أحداث يومهم، وخلال هذا السرد يقيمون مواقفهم، ويكتبون تعليقاتهم، ويستخلصون ما تعلموه من يومهم، ثم يغلقون هذه الصفحة ويفتحون صفحة أخرى ليوم ثاني جديد وكلهم أمل أن تكون الصفحة الجديدة أكثر إشراقا من سابقتها، ومع مرور الشهور والسنين، يعاودون قراءة مذكراتهم السابقة وكأنهم يقيمون تجاربهم.
كم سخر منهم صغارهم، واعتبروا هذا التصرف مضيعة للوقت، وكم ألحوا عليهم بأسئلة. لمن تكتبون؟ ولِمَ تكتبون؟ لِمَ تكتبون أحداث حياة يومية عادية لا جديد فيها؟ فأحداث حياة الناس تتشابه؟ فتلك الأحداث لا تشكل إضافة لأحد، وليس لها أهمية، إن صناع التاريخ فقط هم الذين يستحقون كتابة مذكرات حياتهم.. لعمري ما أعجب الصراع بين الأجيال!!! فالصغار دائماً ينتقدون الكبار، لا يتقبلون تصرفاتهم، وربما يظنون أنها تصرفات رجعية لا معنى لها، لماذا يظن الصغار أنهم سيأتون بالجديد الأفضل. ولكنهم ما إن يكبروا حتى يكتشفوا أن سابقيهم كانوا على حق، فيعجزوا عن المجيئ بمثل ما جاء به سابقوهم، ويعجزوا عن الإتيان بالأفضل. غريب أمر صراع الأجيال هذا، أهو غرور أم هو عناد، ولعمري إن الإثنين لداء يرجى الشفاء منه.
لم يعلم هؤلاء الصغار أن الشباب عندما يكتبون مذكراتهم اليومية يكتبونها لأنفسهم وليس للآخرين، لذا تجدهم يغلقونها بمفتاح صغير فلا يقرأها أحد، وإن لم تغلق بمفتاح فيكفيهم أن يكتبوا على الغلاف عبارة «مذكراتي اليومية»، فيحترم من حولة خصوصية ما بداخل هذه المذكرة، وتأبى نفوسهم أن يفتحوا تلك المذكرات، فلا الفضول ينسيهم احترام خصوصية الآخرين، ولا حب الاستطلاع يبعثهم للتعدي على أسرار الآخرين، ذلك أدب تحلى به شباب الأمس.
نعم... هم يكتبون لأنفسهم.. ففي الكتابة نوع من الفضفضة، فأسرارهم مكنونة في صدورهم فإن ضاقت بها فاضت على صفحات المذكرات البيضاء، وباحوا بتلك الأسرار لهذه الصفحات... نعم فتلك الصفحات مستأمنة على أسرارهم فلا يخشون أن تفشي لهم سراً، فباتت كتابة المذكرات اليومية وسيلة مهمة للتخفيف من الضغوط، فيتجاوزن بها العديد من الأزمات النفسية.
هم يكتبون لأنفسهم.. فعندما يكتبون أحداث يومهم تشكل الكتابة، وقفة تأمل وتقييم فيكتشفون ما قد تعشى عيونهم عن رؤيته خلال زحمة الحياة، فتتغير نظرتهم للأمور، ويعيدون حساباتهم، وربما تهدأ نفوسهم من هم وغم هاج بداخلهم فيكتشفون أن تلك الهموم لم تكن إلا من وساوس الشيطان، وليس في أحداث يومهم ما يدعو لكل هذه الآلام والأحزان.
هم يكتبون يومياتهم لأنفسهم.. فبعد كتابة العشرات من الصفحات حول أحداث العشرات من الأيام، يقرؤون ماضيهم فيتأملون في حرث أيديهم، ويجيبون عن تساؤلات لطالما يطرحها الإنسان على نفسه، هل أنا إنسان ذو قيمة في هذه الحياة، وما هو دوري؟ ولماذا ولمن أعيش؟ وما غايتي؟ وهل أمضيت أيامي في الترفيه والاستمتاع أم في الإنجاز والعطاء؟ وهل الأحداث التي أصنعها في حياتي تقودني لأهدافي؟ فبالإجابة عن هذه التساؤلات يعدل الشاب منهم مسيرة حياته قبل أن تمر به السنوات فيكتشف أنه قد ضل الطريق وأنه يسير في طريق لا يوصله لغايته، فمذكراته هي بوصلته الحقيقية التي يهتدي بها للطريق الصحيح.
الفرنسي الحائز على جائزة نوبل «أندرية جيد André Gide»، أذكر هنا ما قاله «إن كتابة أفكارك تساعدك على اكتشاف ذاتك وتنظيم عقلك. ففي خضم الأحداث اليومية، نشعر أننا ممتلئون بالأفكار.. المشاعر.. والعواطف، وحين يُرخي الليل ستارة عتمته، يصل أحدنا نهاية يومه وعقله مشوّش، وتُعدّ كتابة اليوميات طريقة رائعة لتنظيف عقولنا من الأفكار الضبابية».
وأخيراً دعونا نستفيد من تجربة شباب الأمس، دعونا نعود للورقة والقلم، دعونا نختم يومنا برسم سطور على صفحات تحكي أحداث يومنا، ثم نتأملها ونقيمها ونصحح نظرتنا للحياة، فستجدون في هذه السطور متنفساً لكم.. ودمتم أبناء قومي سالمين.
كم سخر منهم صغارهم، واعتبروا هذا التصرف مضيعة للوقت، وكم ألحوا عليهم بأسئلة. لمن تكتبون؟ ولِمَ تكتبون؟ لِمَ تكتبون أحداث حياة يومية عادية لا جديد فيها؟ فأحداث حياة الناس تتشابه؟ فتلك الأحداث لا تشكل إضافة لأحد، وليس لها أهمية، إن صناع التاريخ فقط هم الذين يستحقون كتابة مذكرات حياتهم.. لعمري ما أعجب الصراع بين الأجيال!!! فالصغار دائماً ينتقدون الكبار، لا يتقبلون تصرفاتهم، وربما يظنون أنها تصرفات رجعية لا معنى لها، لماذا يظن الصغار أنهم سيأتون بالجديد الأفضل. ولكنهم ما إن يكبروا حتى يكتشفوا أن سابقيهم كانوا على حق، فيعجزوا عن المجيئ بمثل ما جاء به سابقوهم، ويعجزوا عن الإتيان بالأفضل. غريب أمر صراع الأجيال هذا، أهو غرور أم هو عناد، ولعمري إن الإثنين لداء يرجى الشفاء منه.
لم يعلم هؤلاء الصغار أن الشباب عندما يكتبون مذكراتهم اليومية يكتبونها لأنفسهم وليس للآخرين، لذا تجدهم يغلقونها بمفتاح صغير فلا يقرأها أحد، وإن لم تغلق بمفتاح فيكفيهم أن يكتبوا على الغلاف عبارة «مذكراتي اليومية»، فيحترم من حولة خصوصية ما بداخل هذه المذكرة، وتأبى نفوسهم أن يفتحوا تلك المذكرات، فلا الفضول ينسيهم احترام خصوصية الآخرين، ولا حب الاستطلاع يبعثهم للتعدي على أسرار الآخرين، ذلك أدب تحلى به شباب الأمس.
نعم... هم يكتبون لأنفسهم.. ففي الكتابة نوع من الفضفضة، فأسرارهم مكنونة في صدورهم فإن ضاقت بها فاضت على صفحات المذكرات البيضاء، وباحوا بتلك الأسرار لهذه الصفحات... نعم فتلك الصفحات مستأمنة على أسرارهم فلا يخشون أن تفشي لهم سراً، فباتت كتابة المذكرات اليومية وسيلة مهمة للتخفيف من الضغوط، فيتجاوزن بها العديد من الأزمات النفسية.
هم يكتبون لأنفسهم.. فعندما يكتبون أحداث يومهم تشكل الكتابة، وقفة تأمل وتقييم فيكتشفون ما قد تعشى عيونهم عن رؤيته خلال زحمة الحياة، فتتغير نظرتهم للأمور، ويعيدون حساباتهم، وربما تهدأ نفوسهم من هم وغم هاج بداخلهم فيكتشفون أن تلك الهموم لم تكن إلا من وساوس الشيطان، وليس في أحداث يومهم ما يدعو لكل هذه الآلام والأحزان.
هم يكتبون يومياتهم لأنفسهم.. فبعد كتابة العشرات من الصفحات حول أحداث العشرات من الأيام، يقرؤون ماضيهم فيتأملون في حرث أيديهم، ويجيبون عن تساؤلات لطالما يطرحها الإنسان على نفسه، هل أنا إنسان ذو قيمة في هذه الحياة، وما هو دوري؟ ولماذا ولمن أعيش؟ وما غايتي؟ وهل أمضيت أيامي في الترفيه والاستمتاع أم في الإنجاز والعطاء؟ وهل الأحداث التي أصنعها في حياتي تقودني لأهدافي؟ فبالإجابة عن هذه التساؤلات يعدل الشاب منهم مسيرة حياته قبل أن تمر به السنوات فيكتشف أنه قد ضل الطريق وأنه يسير في طريق لا يوصله لغايته، فمذكراته هي بوصلته الحقيقية التي يهتدي بها للطريق الصحيح.
الفرنسي الحائز على جائزة نوبل «أندرية جيد André Gide»، أذكر هنا ما قاله «إن كتابة أفكارك تساعدك على اكتشاف ذاتك وتنظيم عقلك. ففي خضم الأحداث اليومية، نشعر أننا ممتلئون بالأفكار.. المشاعر.. والعواطف، وحين يُرخي الليل ستارة عتمته، يصل أحدنا نهاية يومه وعقله مشوّش، وتُعدّ كتابة اليوميات طريقة رائعة لتنظيف عقولنا من الأفكار الضبابية».
وأخيراً دعونا نستفيد من تجربة شباب الأمس، دعونا نعود للورقة والقلم، دعونا نختم يومنا برسم سطور على صفحات تحكي أحداث يومنا، ثم نتأملها ونقيمها ونصحح نظرتنا للحياة، فستجدون في هذه السطور متنفساً لكم.. ودمتم أبناء قومي سالمين.