تقدم الأميركيون خطوة مهمة جداً في التعاطي مع الشأن السوري، وأكدت مصادر المعارضة السورية أن قيادة المنطقة الوسطى الأميركية لديها خطة بوضع هيكلية للمعارضة السورية خصوصاً العسكرية، وتريد إنشاء "مجلس عسكري" جديد ويشمل قوى المعارضة السورية المسلحة، ويكون التعاطي من خلال المجلس في شؤون التدريب والتسليح.كان الجنرال لويد أوستن قائد المنطقة الوسطى أشار إلى هذا الأمر سريعاً في مؤتمر صحافي بواشنطن وجاء كلامه على شكل التحدث عن ضرورة أن يكون لدى المعارضة السورية السياسية والعسكرية بنية جديدة، لكن التفاصيل الإضافية تشير إلى أن القيادة العسكرية الأميركية جدية في الوصول إلى خريطة تنظّم المعارضة السورية وتؤهلها لتكون طرفاً كاملاً يحمي أراضي يسيطر عليها ويتلقى الدعم من وزارة الدفاع الأميركية.صعوباتلكن مصادر المعارضة السورية في واشنطن حذّرت من أن هذا التفويض من البيت الأبيض لوزارة الدفاع وقيادة المنطقة الوسطى دونه صعوبات، فالجنرال المكلف بهذه المهمة لم يكوّن فكرة متكاملة عن ما يجب أن يكون المجلس العسكري وما يجب أن تكون هيكلية المعارضة المسلحة السورية، كما أنه لم يلتق بقيادات المجموعات المسلحة الموجودة على الأرض وتحارب النظام السوري و"داعش" والقوى المتطرفة.وترى مصادر المعارضة السورية أيضاً أن وضع الأزمة السورية بعد العراق وفي الفصل الثاني من مواجهة "داعش"، يضعها عملياً على مسافة بعيدة من الحل الأساسي، أي يؤجل التغيير السياسي في سوريا ويؤجل نهاية النظام السوري وولادة سوريا جديدة.ويشبّه متحدثون باسم المعارضة السورية العمليات العسكرية الأميركية والمتحالفة في سوريا والوضع على الأرض بأنه مثل مسيرتين مختلفتين، فالغارات الجوية تضرب "داعش" ومراكز القيادة والسيطرة لدى التنظيم الإرهابي وتقتل من عناصره، لكن تدريب وتنظيم المعارضة المسلّحة لمواجهة "داعش" متأخرة بكيلومترات عديدة.يعطي المعارضون أمثلة كثيرة عن هذا الاختلاف، ويقولون إن وزارة الدفاع الأميركية ما زالت في الخطوات الأولى لوضع خطة تختار خلالها السوريين المؤهلين للتدريب من ضمن برنامج تستضيفه السعودية وتركيا وربما بلدان أخرى، لكن وزارة الدفاع الأميركية تميل إلى اختيار شباب من مخيمات اللاجئين في الثامنة عشرة من العمر، وليست لديهم أي ارتباطات بتنظيمات سابقة أو ميول متطرفة لتقبل بتدريبهم، وسيكون إيجاد الخمسة آلاف هؤلاء أمراً عسيراً نظراً لتشديد الشروط الأميركية في اختيار "المعارضة المقبولة"، كما أن النقاش بين واشنطن وأنقرة لم يتعدّ قبول تركيا بالمساعدة في تدريب المعارضة السورية، ولا خطوات عملية حتى الآن لبدء التدريب ولم يتمّ اختيار المواقع.التسليح المتأخريضاف إلى هذا أن وزارة الدفاع الأميركية، بحسب مصادر واشنطن، تميل إلى عدم التعامل مع تنظيمات موجودة على الأرض وسبق لها أن تعاملت مع وكالة الاستخبارات المركزية "سي أي إي CIA"، بل تفضل البدء من جديد في علاقة مع معارضة سورية جديدة، وربما يحرم هذا المعارضة السورية من تعاون وزارة الدفاع الأميركية مع آلاف العناصر الذين تسلموا مساعدات سابقة، أو أقله يؤخر هيكلة المعارضة السورية لأشهر طويلة لأن تنظيمات مثل "حزم" و"ثوار سوريا" وغيرها ستضطر للخضوع لعملية فحص جديدة لتقبل وزارة الدفاع الأميركية بضمها إلى مشروعها لإعادة بناء المعارضة السورية.ما يتسبب ببعض الإحباط للمعارضة السورية أن عملية التسليح ستكون متأخرة أيضاً ومصابة بتعقيدات المهمة السورية الأميركية، فالأميركيون يربطون التسليح بمحاربة الإرهاب وليس بمحاربة النظام السوري، وبدأت المعارضة السورية تشعر أن الخطة الأميركية ستتأخر لوقت طويل فيما يتعرض السوريون لهجمات النظام وأعوانه من حزب الله وإيرانيين وشيعة عراقيين، وقال معارض سوري على اطلاع بهذه القضية، إن الطريق المرسوم يبدأ بوضع الخطط ثم يمر بمرحلة طويلة من انتقاء الأفراد وتدريبهم وسيأخذ هذا أشهراً طويلة أيضاً، وبعد كل ذلك يأتي التسليح وسيأخذ أشهراً طويلة أخرى.