براءة الحسن

في كل مرة يلعب النجم الأسطوري ليونيل ميسي مع الأرجنتين تشعر بأن هناك شيئاً مفقوداً معه، هي نفسها القضية القديمة التي يُعاني منها "البرغوث"، بين مجد كبير صنعه في كتالونيا، وآخر يبحث عنه مع بلاده، لينهي المقارنة التي لا تنتهي بينه وبين دييجو أرماندو مارادونا.

هذا التناقص الصارخ ظهر مؤخراً، ففي الأسبوع الماضي تألق ميسي وسجل هاتريك في شباك ريال بيتيس بالدوري الإسباني، لدرجة أن جمهور النادي المنافس صفق للنجم الأرجنتيني، قبل أن يعود للمنتخب الأرجنتيني ويخسر مباراة أمام فنزويلا 3/1.

وعندما خسرت الأرجنتين أمام فرنسا في دورالـ16 في مونديال 2018 في روسيا، ابتعد ميسي بهدوء عن منتخب بلاده، ولم يكن هذا هو الحال في عام 2016 عندما قرر اعتزال اللعب الدولي بعد إهداره لركلة ترجيح في المباراة النهائية لكوبا أمريكا أمام تشيلي. وهذه المرة كان هناك تفهم بأنه سيعود لقيادة راقصي التانجو في مرحلة ما.

وكما اتضح بعد ذلك، كانت العودة متأخرة أكثر مما كانت عليه بعد ما حدث في عام 2016، حيث عاد حينذاك بعد أقل من شهرين. أما هذه المرة، فقد ابتعد ميسي عن صفوف المنتخب الأرجنتيني لمدة تقترب من 9 أشهر.

وأعلن المنتخب الأرجنتيني أن ميسي تعرض لإصابة في فخذه خلال مباراة فنزويلا، ولن يسافر مع الفريق إلى مدينة طنجة لخوض لقاء ودي أمام منتخب المغرب. وكان من الواضح أن تصريحات مدير الكرة بمنتخب الأرجنتين، سيزار لويس مينوتي، هذا الأسبوع، بأنه يشعر بالقلق من معاناة ميسي من التعب والإرهاق، كانت تمهد الطريق لاستبعاد اللاعب من المباراة الودية أمام المغرب الأسبوع المقبل.

ولم يكن يجب استدعاء ميسي لصفوف المنتخب في الفترة الحالية على الإطلاق، خصوصًا وأن المنتخب الأرجنتيني يسعى الآن لتجربة عدد من اللاعبين الجدد والشباب لضخ دماء جديدة في صفوف الفريق، ورغم أن كوبا أمريكا سوف تنطلق بعد ثلاثة أشهر من الآن، يبدو من الواضح أن كرة القدم الأرجنتينية تعاني من حالة من الفوضى.

ولم يعمل سكالوني، الذي كان جزءاً من تشكيلة الأرجنتين في كأس العالم 2006 إلى جانب ميسي، مديراً فنياً من قبل، وتم تعيينه مديراً فنياً للمنتخب الأرجنتيني لمجرد أنه كان مساعدًا لخورخي سامباولي، الذي ترك منصبه بعد الخروج من كأس العالم 2018.

في البداية تولى سكالوني، الذي يستمر عقده حتى يونيو القادم، المنصب بشكل مؤقت، لكن بعد ذلك كان من الأسهل والأرخص إبقاؤه في منصبه، مع إضافة مدير فني محنك مثل مينوتي للعمل معه مديراً للكرة..

ولم تكن بداية سكالوني مع منتخب الأرجنتين سيئة، حيث حقق 4 انتصارات في 6 مباريات، ولم تهتز شباك الفريق سوى بهدف وحيد، وكان ذلك في المباراة التي خسرها أمام البرازيل.

لكنه حقق هذه النتائج في مباريات ودية، ومن المؤكد أن المباريات الرسمية ستكون مختلفة تماماً. ورغم كل التغيير الذي قام به سكالوني، من الصعب أن نتوقع أن المنتخب الأرجنتيني قد بات في وضع أفضل للفوز بأي بطولة للمرة الأولى منذ 26 عاماً (باستثناء دورة الألعاب الأولمبية).

وقد استبعد سكالوني بعض اللاعبين المخضرمين، فبالإضافة إلى خافيير ماسكيرانو الذي اعتزل اللعب الدولي، تم استبعاد جونزالو هيجواين بسبب انخفاض مستواه، كما تم استبعاد نيكولاس أوتامندي وآنخيل دي ماريا بسبب الإصابة، وبالتالي، يضم هذا المنتخب 11 لاعباً لم يلعبوا إلى جانب ميسي من قبل.

لكن هناك قضايا أخرى يصعب فهمها، فقد يكون من المنطقي أن يتم الدفع بلاوتارو مارتينيز في الخط الأمامي بسبب المشكلات التي يعاني منها زميله في فريق الإنتر ماورو إيكاردي منذ 6 أسابيع، وتجريده من شارة قيادة الفريق.

لكن السبب وراء عدم استدعاء نجم مانشستر سيتي سيرجيو أجويرو يظل لغزاً، في ظل الشائعات التي تشير إلى وجود خلاف بينه وبين سكالوني. لكن كان هذا دائماً هو حال أجويرو مع المنتخب الأرجنتيني في السنوات الأخيرة، فبينما كان يحصل هيجواين على الفرصة تلو الأخرى، كان يتم تجاهل أجويرو بشكل دائم ومثير للتساؤلات رغم أنه يعتلي حاليًا قائمة هدافي البريميرليغ.

لكن كما هو الحال دائماً، تظل الدراما الرئيسة تدور حول ميسي، الذي يبلغ الآن من العمر 31 عامًا، ليكون بذلك هو ثاني أكبر لاعبي المنتخب الأرجنتيني بعد حارس المرمى فرانكو أرماني، ويعني ذلك أن مسيرة ميسي الكروية تقترب من نهايتها، وأنه قد تتبقى له المشاركة في نسخة واحدة من كأس العالم وبطولتين لكوبا أمريكا على الأقل.

وهكذا عاد ليونيل ميسي للعب مع الأرجنتين للمرة الأولى منذ كأس العالم، لكنها كانت ليلة محبطة للمهاجم البارز، وأظهر ميسي لمحات من سحره، لكنها لم تكن ليلته إذ هزت فنزويلا شباك الأرجنتين 3 مرات لأول مرة، لكن مرة أخرى فقلة الجودة في الأرجنتين تعني أن ميسي قد يُعاني مرة أخرى، أو ربما تنتهي مسيرته دون أن يضع لقباً دولياً في دولابه المرصع بالألقاب والبطولات.