إعداد - د. في آل خليفة ود. نهال المرباطي*

تسمح تقنيات البناء والتصميم المعمارية الجديدة، مثل تصميم البارامترات "parametric design" أو التصميم الحدودي، بإنشاء عناصر معمارية غير عادية تتكون من أنماط متكررة.

فالتصميم الحدودي هو طريقة حديثة لتوليد الأفكار باستخدام خوارزميات رياضية تستند على مجموعة من القواعد الحدودية لتوليد الأشكال والتصاميم الجديدة، ومثال على ذلك: مبنى مركز الزوار في مراسي البحرين الموضح في الصور رقم "١" ذو الهندسة المعمارية الحديثة والواجهة البارامترية من الألمنيوم الأبيض بأشكالها المربعة المتكررة التي تلقي الظل والظلال على الأسطح الداخلية للمبنى في أوقات اليوم المختلفة.

على الرغم من جاذبية تلك التصاميم وانتشارها مؤخراً في عالم العمران، أظهرت الأبحاث التي أجراها مختبر أبحاث العمران الذكي المستدام بجامعة البحرين أن الصور ذات الخصائص المكانية المحددة، كما هو الحال في بعض الأنماط المتكررة في المباني الحديثة، أنها قد تسبب ردود فعل نفسية وفسيولوجية، والتي قد تولد في بعض الأحيان انزعاجاً شديداً للناظرين إليها، بل وتصل إلى حدّ نوبات من الفزع عند بعض الأشخاص.

إن الأنماط المتكررة الناتجة من تصاميم البارامترات تتكون عادة من مجموعات من الأشكال الدائرية تقريباً، والتي غالباً ما تكون مجوفة، كما هو موضح في الصورة رقم "2" لمبنى المساحات المكتبية في ألمانيا من تصميم شركة الهندسة Elf Architekten.

هذا، وقد أثبتت الأبحاث الحديثة في علم النفس أن تلك الأنماط الدائرية المتكررة تخلق ردود فعل مثل الشعور بالدوار والرغبة في الاستفراغ لدى بعض الأفراد. وتعرف هذه الظاهرة باسم الخوف من الثقوب أو الترايبوفوبيا - trypophobia - وهو مصطلح تمت صياغته في العام 2005. وأثبتت الأبحاث العلمية أيضاً أن المشربيات المتكررة والمشابهة لواجهة مركز زوار مراسي البحرين تسبب الصداع، خاصة عند الأفراد المصابين باللاَبُؤْرِيّة"Astigmatism" وهو عيب بصري تكون فيه الرؤية مشوشة وضبابية للأجسام البعيدة.

قام فريق البحث في مختبر أبحاث العمران الذكي المستدام بجامعة البحرين بمسح عينة تتألف من 405 مشاركين لدراسة تأثير عرض الأنماط المتكررة من الطبيعة مثل خلية النحل وقرنة زهرة اللوتس الموضَّحين في الصورة رقم "3" وتلك المصنوعة بتصميم البارامتري الموضَّحة في الصورة رقم "4"، وأشارت النتائج إلى أن ما نسبته 17.3٪ إلى 22.48٪ من العينة الممثلة للسكان في البحرين يعانون من التريبوفوبيا و27.9٪ يعانون من الصداع النصفي، وكلاهما أعلى من الانتشار العالمي المعادل لما بين 13-17٪ للترايبوفوبيا و14.3٪ للصداع النصفي.

بالإضافة إلى ذلك، فقد أشار البحث إلى أن نفور المشاركين كان أقوى للمنبِّهات في الصور الطبيعية المتمثلة في خلية النحل وقرنة زهرة اللوتس من تلك التي في التصاميم البار مترية الموضحة في صورة رقم "4". هذا يؤكد احتمال أن الرهاب يمكن أن ينتسب إلى بقايا تطوّرية في الإنسان كرد فعلٍ على الخوف من السم أو الأمراض الجلدية.

على الرغم من أن النفور كان أكبر للمنبِّهات الآتية من الطبيعة، فإن ردود الفعل على المحفزات التي يصنعها الإنسان لا تزال كبيرة بما يكفي لإثارة نقاش حول دور الثقوب الناتجة من تصميم البارامترات في العمارة الحديثة على صحة الإنسان. ويبدو أنه من المهم إجراء مزيد من الدراسات لخصائص الأشكال المعمارية التي تسبب الانزعاج لتجنب القلق على الصحة العامة.

* مساعدتا بحث وتدريس في قسم العمارة والتصميم الداخلي - كلية الهندسة - جامعة البحرين