لا أعلم الى أين يريد أن يوصلنا الغرب في دعواته المستمرة منذ عقود لتحرير المرأة لكن ما أعرفه جيداً أن ما يصلنا منه «يضيع في الترجمة» ولا يتم استيعابه بشكله المكتمل.
وإذا عدنا للوراء سنرى أن دعوات تحرير المرأة خرجت إلى العالم في الستينات من القرن الفائت من خلال ثورة على الأعراف والتقاليد الغربية التي كانت حتى تلك الأيام طابعها محافظ ورزين وتطغى عليها تعاليم الكنيسة.
ويرجع المؤرخون أسباب تلك الثورة -قد لا تكون متداولة بوضوح لدينا هنا- إلى حبوب منع الحمل التي أعطت المرأة الغربية ثقة كبيرة و«الأمان» في إقامة العلاقات الحميمية خارج إطار الزوجية دون أن تحمل وتسبب العار لها ولأهلها. نعم، فالمرأة الغربية قبل الستينات كان ينظر لها كناشز ينبذها محيطها إذا تجرأت وأقامت علاقة حميمة خارج الإطار الشرعي.
ولمن لا يصدق ولا يحب البحث والقراءة ما عليه سوى متابعة مسلسل يسمى Mad Men، الذي تناول حقبة الخمسينات والستينات في أمريكا.
وقد جاءت حبوب منع الحمل في وقت انحسر فيه دور الكنيسة والدين في المجتمعات الغربية وتلاقى ظهورها مع خروج المرأة للعمل والتي أدت كلها مجتمعة إلى الثورة النسوية. حيث أصبحت المرأة لا تهاب العادات والتقاليد ولا تخشى تعاليم الكنيسة وكذلك لديها مصدر للدخل يغنيها نسبياً عن الارتباط برجل يعيلها.
ومنذ تلك الأيام ونحن -أي العالم أجمع- نجري وراء ما يقوله الغرب عن حقوق المرأة وحرياتها والمساواة العمياء بينها وبين الرجل. فالكل يخشى أن يعارض الغرب في موضوع المرأة خوفاً من الاتهام بالرجعية والتخلف وخوفاً من قوانين وأنظمة وضعها الغرب لنفسه يريد أن يطبقها على الجميع.
الحضارات الشرقية المحافظة تعاني «الصينيون واليابانيون والهنود»، والعرب والمسلمون يعانون وكذلك الأفارقة من القيم الغربية الجديدة والمستحدثة في ملف المرأة لدرجة أننا كلنا أصبحنا لا نفرق بين ما هو مناسب وغير مناسب في هذا الموضوع بالتحديد. أصبحنا مشوشين وغير قادرين على الفهم.
جزء في داخلنا يستوعب مسألة الحقوق والتحرر والانطلاق إلى آفاق أوسع وجزء آخر يذكرنا أننا شرقيون لا نشابه الغرب كثيراً وديننا وعاداتنا متجذرون في نشأتنا.
وأكثر من يعاني في مجتمعاتنا الشرقية هو المرأة نفسها. فالغرب بتأثيره الإعلامي والثقافي الطاغيين يدعوها إلى التحرر التام والتخلص من «عقد» العادات والتقاليد والدين. يدعوها لأن تعمل ما تريد وتلبس ما تشتهي وتخرج وتدخل دون استئذان وإلى آخره من هذه الأسطوانة. فهو يقدم لها وصفة نجاح حسب ما تعتقد. وهنا تبدأ المرأة عندنا في مشوار التناقضات.
فالمرأة الشرقية ولأنها مثلنا جميعاً مشوشة تمسك العصا من النصف. فإذا كان الأمر لصالحها تمسكت به وإذا كان العكس رجعت للعادات والدين.
على سبيل المثال، تتمسك الكثير من النساء الشرقيات المسلمات بطموحهن الوظيفي لأنه يوفر لهن المدخول، ولأنه حق من حقوقهن كما وضح لها الغرب وإعلامه ونظرياته مراراً وتكراراً ورددناه نحن وراءه هذا الاعتقاد آلاف المرات. لكن عندما يطلب منهن المساهمة المادية -ولو بسيطة- في بيت الزوجية رجعن إلى الدين والعادات بل وأكدن أن مصاريف البيت من واجب الرجل ومال المرأة لها وحدها، تعمل به ما تشاء.
ألا يعتبر ذلك تناقضاً؟
نعلم أن المرأة الغربية التي تعمل تساهم بمالها في بيت الزوجية ولا ترى في ذلك عيباً أو خطأ بل وتتشارك مع «بعلها» في كل شيء حتى مهام المنزل.
خوفي الأكبر أن يستسلم الرجل لدينا لهذه التناقضات ويقبل بها خوفاً من خرقه للعادات والدين وخوفاً بشكل أكبر من انتقاص رجولته.
ويحدثني أحد الإخوة من أتباع «الحداثيون الجدد» أن بعض الفتيات هنا أصبحن يتمنين أن يمتلك زوج المستقبل مهارات الطبخ كي يسحرهن بطبق ستيك على العشاء بعد رجوعهن من يوم عمل شاق. لماذا؟ لأنه أصبح شبه عيب أن تجيد المرأة الموظفة فنون الطبخ، فهذا أمر لا يتناسب مع الصورة الغربية الحديثة للمرأة ولا يطابق صورتها الذهنية لنفسها!
علينا أن نحذر بشكل جدي من كل ما يصدر لنا من الخارج خاصة في الأمور التي تتعلق بتركيبة المجتمع وبنيته الأساسية، فالغرب مازال يجرب للعلم وتجاربه لم يمضِ عليها الوقت الكافي كي نعرف آثارها وانعكاساتها. والأفضل ألا نهرول سريعاً تجاه أي تغيرات أخرى دون أن نترجم الفكر الغربي بدقة تامة ونستوعبه بوضوح، فالكثير من أفكاره في جانب المجتمع والأسرة قد تسبب لنا حالة عدم التوازن أو حتى الانفلات.
وإذا عدنا للوراء سنرى أن دعوات تحرير المرأة خرجت إلى العالم في الستينات من القرن الفائت من خلال ثورة على الأعراف والتقاليد الغربية التي كانت حتى تلك الأيام طابعها محافظ ورزين وتطغى عليها تعاليم الكنيسة.
ويرجع المؤرخون أسباب تلك الثورة -قد لا تكون متداولة بوضوح لدينا هنا- إلى حبوب منع الحمل التي أعطت المرأة الغربية ثقة كبيرة و«الأمان» في إقامة العلاقات الحميمية خارج إطار الزوجية دون أن تحمل وتسبب العار لها ولأهلها. نعم، فالمرأة الغربية قبل الستينات كان ينظر لها كناشز ينبذها محيطها إذا تجرأت وأقامت علاقة حميمة خارج الإطار الشرعي.
ولمن لا يصدق ولا يحب البحث والقراءة ما عليه سوى متابعة مسلسل يسمى Mad Men، الذي تناول حقبة الخمسينات والستينات في أمريكا.
وقد جاءت حبوب منع الحمل في وقت انحسر فيه دور الكنيسة والدين في المجتمعات الغربية وتلاقى ظهورها مع خروج المرأة للعمل والتي أدت كلها مجتمعة إلى الثورة النسوية. حيث أصبحت المرأة لا تهاب العادات والتقاليد ولا تخشى تعاليم الكنيسة وكذلك لديها مصدر للدخل يغنيها نسبياً عن الارتباط برجل يعيلها.
ومنذ تلك الأيام ونحن -أي العالم أجمع- نجري وراء ما يقوله الغرب عن حقوق المرأة وحرياتها والمساواة العمياء بينها وبين الرجل. فالكل يخشى أن يعارض الغرب في موضوع المرأة خوفاً من الاتهام بالرجعية والتخلف وخوفاً من قوانين وأنظمة وضعها الغرب لنفسه يريد أن يطبقها على الجميع.
الحضارات الشرقية المحافظة تعاني «الصينيون واليابانيون والهنود»، والعرب والمسلمون يعانون وكذلك الأفارقة من القيم الغربية الجديدة والمستحدثة في ملف المرأة لدرجة أننا كلنا أصبحنا لا نفرق بين ما هو مناسب وغير مناسب في هذا الموضوع بالتحديد. أصبحنا مشوشين وغير قادرين على الفهم.
جزء في داخلنا يستوعب مسألة الحقوق والتحرر والانطلاق إلى آفاق أوسع وجزء آخر يذكرنا أننا شرقيون لا نشابه الغرب كثيراً وديننا وعاداتنا متجذرون في نشأتنا.
وأكثر من يعاني في مجتمعاتنا الشرقية هو المرأة نفسها. فالغرب بتأثيره الإعلامي والثقافي الطاغيين يدعوها إلى التحرر التام والتخلص من «عقد» العادات والتقاليد والدين. يدعوها لأن تعمل ما تريد وتلبس ما تشتهي وتخرج وتدخل دون استئذان وإلى آخره من هذه الأسطوانة. فهو يقدم لها وصفة نجاح حسب ما تعتقد. وهنا تبدأ المرأة عندنا في مشوار التناقضات.
فالمرأة الشرقية ولأنها مثلنا جميعاً مشوشة تمسك العصا من النصف. فإذا كان الأمر لصالحها تمسكت به وإذا كان العكس رجعت للعادات والدين.
على سبيل المثال، تتمسك الكثير من النساء الشرقيات المسلمات بطموحهن الوظيفي لأنه يوفر لهن المدخول، ولأنه حق من حقوقهن كما وضح لها الغرب وإعلامه ونظرياته مراراً وتكراراً ورددناه نحن وراءه هذا الاعتقاد آلاف المرات. لكن عندما يطلب منهن المساهمة المادية -ولو بسيطة- في بيت الزوجية رجعن إلى الدين والعادات بل وأكدن أن مصاريف البيت من واجب الرجل ومال المرأة لها وحدها، تعمل به ما تشاء.
ألا يعتبر ذلك تناقضاً؟
نعلم أن المرأة الغربية التي تعمل تساهم بمالها في بيت الزوجية ولا ترى في ذلك عيباً أو خطأ بل وتتشارك مع «بعلها» في كل شيء حتى مهام المنزل.
خوفي الأكبر أن يستسلم الرجل لدينا لهذه التناقضات ويقبل بها خوفاً من خرقه للعادات والدين وخوفاً بشكل أكبر من انتقاص رجولته.
ويحدثني أحد الإخوة من أتباع «الحداثيون الجدد» أن بعض الفتيات هنا أصبحن يتمنين أن يمتلك زوج المستقبل مهارات الطبخ كي يسحرهن بطبق ستيك على العشاء بعد رجوعهن من يوم عمل شاق. لماذا؟ لأنه أصبح شبه عيب أن تجيد المرأة الموظفة فنون الطبخ، فهذا أمر لا يتناسب مع الصورة الغربية الحديثة للمرأة ولا يطابق صورتها الذهنية لنفسها!
علينا أن نحذر بشكل جدي من كل ما يصدر لنا من الخارج خاصة في الأمور التي تتعلق بتركيبة المجتمع وبنيته الأساسية، فالغرب مازال يجرب للعلم وتجاربه لم يمضِ عليها الوقت الكافي كي نعرف آثارها وانعكاساتها. والأفضل ألا نهرول سريعاً تجاه أي تغيرات أخرى دون أن نترجم الفكر الغربي بدقة تامة ونستوعبه بوضوح، فالكثير من أفكاره في جانب المجتمع والأسرة قد تسبب لنا حالة عدم التوازن أو حتى الانفلات.