في محاولة يائسة من النظام المسيطر على السلطة في إيران منذ أربعة عقود لمنع انتشار فضائحه وتقصيره في حق إيران والشعب الإيراني أعلن الادعاء العام الإيراني أنه طلب من الشرطة الإلكترونية الإيرانية رصد ناشطين «يعملون على نشر الأخبار من المناطق المتضررة من كارثة فيضانات تضرب البلاد منذ نحو أسبوع»، وقال مساعد المدعي العام الإيراني لشؤون الإنترنت «جواد جاويد نيا» في تصريح صحافي إن «الادعاء العام طلب من الشرطة الخاصة بمراقبة الإنترنت رصد من ينتجون وينشرون مواد خبرية «كاذبة» حول الفيضانات وأوضاع المناطق المتضررة». ولأنه يصعب الحكم على المواد في التو والحال وتمييز الكاذب وغير الكاذب منها لذا فإن الرصد والمنع يطال كل ما ينشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يؤكد تخوف النظام من انكشاف أمره وتبين الشعب الإيراني والعالم حجم الضرر الذي تسبب به على إيران بإهماله الداخل وصرف ثروة الشعب على مغامراته التي يأمل بها أن تتيح له فرصة أطول للسيطرة على زمام الحكم في إيران.

ما زاد من حرج النظام هو أن الفيضانات طالت 25 محافظة من أصل 31 مع عطلة النوروز التي تمتد أسبوعين، وهي أطول فترة تشهد توقف إصدار الصحف وتوقفاً نسبياً لوسائل الإعلام والوكالات الإيرانية، ولأن شبكتي التواصل الاجتماعي «إنستغرام» و»تليغرام» الأكثر شعبية في إيران وتشكلان تحدياً كبيراً لوسائل الإعلام الإيرانية المملوكة للحكومة و»الحرس الثوري» والتيارين المحافظ والإصلاحي، لذا فإنه لم يعد أمام النظام سوى أن يصدر أوامره بمراقبة كل ما ينشر عبر هذه الوسائل بغية التقليل من الفضائح.

بسبب عدم اهتمام النظام الإيراني بالداخل وصرف أموال الشعب الإيراني على مغامراته في الخارج خسر عشرات المواطنين أرواحهم وأصيب المئات منهم «حالات بعضهم خطيرة». لكن لا هذا القرار ولا غيره من المؤمل أن تمنع فضيحة النظام وتقلل من حالة الاستياء الشعبي من تقصير الحكومة، فالتقصير صار يراه الجميع بالعين المجردة.

الإيرانيون تداولوا الكثير من مقاطع الفيديو والصور التي تظهر حجم الأضرار البالغة بالمساكن والسيارات والطرقات والممتلكات خصوصاً في محافظات شمال إيران وتفضح النظام الإيراني وتؤكد كيف أنه لا قيمة للمواطن الإيراني لدى هذا النظام، فكل ما يهمه هو أن «يظهر نفسه كمناصر لحقوق الإنسان ومدافعاً عن الحريات» (...) معتقداً أنه بهذا يمكنه الاستمرار في السيطرة على السلطة في إيران وتحقيق النجاح في خططه الرامية إلى السيطرة على المنطقة.

«إهمال نظام الملالي وعدم تحسين البنى التحتية» هذه هي العبارة التي عمل النظام الإيراني على عدم انتشارها وبسببها تم منع الإيرانيين من إنتاج الفيديوهات عن الفيضانات واعتبار كل فيديو وكل صورة تنتشر فعلاً كاذباً يستحق العقاب. أياً كانت القرارات وأياً كانت «الفتاوى» بتحريم التصوير وإنتاج الفيديوهات المبينة لحجم الأضرار الناتجة عن الفيضانات والتي ربما صدرت من الحكومة الإيرانية فالأكيد هو أن «فكرة المواطن الإيراني عن أن غضبة الطبيعة كشفت إهمال نظام الملالي وعدم تحركه لتحسين البنى التحتية وحماية المدنيين من آثار الكوارث الطبيعية المدمرة» لن تتغير، فالفضيحة قد حدثت.

الحقيقة التي صار كل الإيرانيين يؤمنون بها اليوم هي ما قالته المعارضة الإيرانية عن أن «نظام الملالي حصل طيلة الأربعة عقود الماضية على مليارات الدولارات من عوائد النفط، بيد أنه لم يبادر باتخاذ أي خطوة لإنشاء بنى تحتية تحمي محافظات البلاد من السيول الجارفة» وأن «عناصر النظام الإيراني زادوا من إيداع أموال البلاد بحساباتهم في مصارف خارج البلاد وإنفاقها على الحروب والقتل والمذابح ضد شعوب المنطقة بسوريا واليمن ولبنان والعراق وغيرها من الدول».

أما قرارات منع النظام الإيراني جمع الأموال من قبل المشاهير والفنانين لمساعدة ضحايا الفيضانات في إيران فقصة أخرى.