أماني الأنصاري

أكدت محاضرة نظمها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية "IISS" مساء الثلاثاء، أن إيران تؤيد التحالف مع حزب الله اللبناني الإرهابي والميليشيات الشيعية، مؤكدة أن هناك جدلاً داخلياً في إيران حول تحديد سياسة إقليمية وخارجية جديدة في أعقاب الربيع العربي وأثناء إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وأوضح المشاركون في المحاضرة، التي جاءت بعنوان "روسيا وإيران..شراكة المصالح وليس القيم"، أن التدخل العسكري الروسي في سوريا، شكل تحدياً لنهج إيران التقليدي تجاه ما يمكن أن يكون بيئة أمنية إقليمية مثالية للجمهورية الإسلامية.

وقالت الأكاديمية والباحثة البريطانية زميل ما بعد الدكتوراه د.فيكتوريا هدسون، إن الاقتصاد الروسي فقد 40% من هيبته، فيما تهاوت عملة روسيا أمام الدولار، الأمر الذي يعتبر من أكبر التحديات التي واجهتها روسيا.

وأضافت، أنه بعد انهيار الاتحاد السوفييتي كان هناك صعوبات على المستويين الداخلي والخارجي لجمهورية روسيا، مبينة أن روسيا سعت إلى العودة لوضعها الطبيعي حيث تعتبر نفسها بؤرة حضارية تسهم في تقديم أفكار للمجتمع الدولي.

وأكدت هدسون، أن القيم التي تزعمها روسيا تمثلت في خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال العام 2013، كدعمه للقانون الدولي، والمسيرة الثقافية والشعبية.

وفي سؤال حول، قيام روسيا بإنقاذ إيران بعد انكماش طهران عن نفسها، أكدت هدسون أن هناك خطاباً للقيم والرؤي المشتركة بين البلدين، حيث عملت روسيا على دعم إيران وستحاول تجنب إنقاذها لما سيترتب عليه من خسائر مالية كبيرة ولن يسعى الروس للتدخل.

من جهته، أكد الباحث في الشأن الإيراني بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية د.كليمان ثيرمي، أن هناك جدلاً داخلياً في إيران حول تحديد سياسة إقليمية وخارجية جديدة في أعقاب الربيع العربي وأثناء إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وقال "نظراً لعدم وجود علاقات ثنائية بحتة في النظام الدولي، فإن العلاقة بين طهران وموسكو تتأثر إلى حد ما بالسياسة الخارجية الأمريكية".

وأضاف ثيرمي "منذ نهاية الحرب الباردة، زادت إيران وروسيا تعاونهما الثنائي في مسائل الطاقة، بما في ذلك النفط والغاز والطاقة النووية"، مبيناً أن روسيا تستخدم إيران كنقطة مساومة مع الغرب.

وأوضح ثيرمي "لم تكن روسيا الخيار الأول لصانعي السياسة الإيرانيين كشريك في التسعينيات، لكن في مواجهة العواقب الاقتصادية لسياسات الاحتواء في الغرب، وضعت إيران جانبًا من التنافس التاريخي مع روسيا وأدرجته في سياسة "أنظر إلى الشرق" - في إشارة إلى إعادة توجيهها نحو الصين والهند.

وأضاف "نجح النظام الإسلامي الإيراني في تحويل روسيا من عدو إلى شريك، وهي مهمة فشل حزب توده، الحركة الشيوعية الإيرانية، في تحقيقها من الحرب العالمية الثانية حتى إزالته من السياسة الإيرانية عام 1983".

وقال "بالنظر إلى عدم التناسق في العلاقات الإيرانية الروسية، لم تتطور العلاقات الثنائية أبدًا إلى تحالف أو حتى شراكة استراتيجية، كما يعلن صناع السياسة الإيرانيون في كثير من الأحيان. بدلاً من ذلك ، يمكن أن يطلق على العلاقة الوفاق التكتيكي القائم على المصالح الاقتصادية والجيوسياسية المشتركة".

مدير برنامج الدراسات الاستراتيجية والدولية بمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة د.أشرف كشك، أكد أنه بالنظر إلى تاريخ العلاقات الروسية الإيرانية نجد أن سمته الأساسية كانت انعدام الثقة والتنافس وفقا للبيئة الدولية وكذلك الإقليمية بما يعني أن تلك العلاقات لم تؤسس على شراكات استراتيجية ولايمكن وصفها بالتحالف.

وأضاف كشك "بالنظر إلى وجود العديد من جوانب العلاقات والتنسيق بين الجانبين في الملف السوري على نحو خاص، فإن هناك أحد سيناريوهين لتلك العلاقات الأول هو أنها بلغت حدها الأقصى ولن تتطور إلى أبعد من ذلك لأن هذا التعاون أوجدته تطورات الأزمة السورية والموقف المشترك تجاه السياسات الأمريكية بالإضافة إلى استراتيجية روسيا في تحقيق التوازن بين علاقاتها مع إيران والدول الخليجية ودول المنطقة".

وقال "أما السيناريو الثاني فهو أن تلك العلاقات ستتطور بشكل أكبر إذا ما نظرنا إلى الإطار الاستراتيجي الأوسع وخاصة مع تنسيق الدولتين ضمن منظمة شنغهاي والتي يطلق عليها حلف الناتو الآسيوي وأيضاً الدولتان من الدول المطلة على بحر قزوين وتتقاسمان مصالح عديدة بشأنه بالإضافة إلى استمرار التنسيق بشأن السياسات الأمريكية".

وتساءل كشك عن الخيارات الاستراتيجية لدول الخليج للتعامل مع ذلك التشابك الإقليمي العالمي ضمن تلك العلاقات وخاصة في ظل استمرار الأزمات الإقليمية والتي يتم توظيفها ضمن علاقات الدولتين، حيث يرى أن تطورات الأمن الإقليمي الراهنة عموماً ليست عابرة ولكنها ستسفر عن تحولات جذرية من شأنها التأثير في معادلة الأمن الإقليمي الراهنة لسنوات ليست بالقليلة في ظل تداخل المبادرات المطروحة لمواجهة مهددات ذلك الأمن.

واستنتج المشاركون في المحاضرة، أنه على الرغم من الوفاق الإيراني - الروسي الجديد في الشرق الأوسط، لا تزال إيران تعتمد على الدعم الأمني من روسيا ضد التهديد المتصور بتغيير النظام من الولايات المتحدة.

وفيما يتعلق بالتطوير النووي والتعزيز العسكري، فإن العلاقة بين البلدين حاسمة بالنسبة لمستقبل الشرق الأوسط. وعلى الرغم من بعض الانتماءات الإيديولوجية، فإن هذا يمثل سياقاً سياسياً أكثر منه شراكة نحو مشروع سياسي مشترك أو أجندة استراتيجية مشتركة.

وفي الواقع، تعتمد العلاقة أكثر على ما لا يريدونه، بدلاً من رؤاهم لمشروع سياسي بديل للعالمية الغربية. كلاهما يرفض السياسات الغربية المتمثلة في تشجيع تغيير النظام واستخدام قضايا حقوق الإنسان لتعزيز الأهداف الجيوسياسية.

وكان الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، قال خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران في نوفمبر 2017، إن التعاون الثنائي بين إيران وروسيا يمكن أن "يعزل أمريكا". وعلى الرغم من أن هناك مبالغة، إلا أنه صحيح أن سياسات الرئيس ترامب المعادية لإيران دفعت إيران أقرب إلى روسيا والصين.

وناقش المتحدثون، استخدام إيران قاعدة نوشة الجوية من قبل الجيش الروسي، موضحين أنه خلال المراحل الأولى من التدخل العسكري الروسي في خريف عام 2015، أطلقت القوات العسكرية الروسية 26 صاروخاً من بحر قزوين على أهداف في سوريا.

وكانت هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها بحر قزوين لاستهداف بلد شرق أوسطي عسكرياً، حيث يعكس هذا الاتصال الأمني أحد المحركات الرئيسة للشراكة بين إيران وروسيا بعد الحرب الباردة: التعاون الإقليمي.

وعلى الرغم من أن التعاون العسكري الثنائي مع روسيا يتطلب تخزين المعدات العسكرية ووجود أفراد عسكريين في إيران، إلا أنه لم يتضمن اتفاق رسمي يمنح روسيا السيطرة على أو حتى الوصول الكامل إلى أي قاعدة عسكرية إيرانية.

ومن المنظور الروسي، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي، ولدت قدرة موسكو المتدنية على إبراز القوة في الشرق الأوسط الحاجة إلى سياسة منخفضة التكلفة في المنطقة.