الجزائر - جمال كريمي

أصرّ الجزائريون في الجمعة العاشرة على مطالبهم السابقة وهي رحيل "الباءات الثلاث"، وكل رموز السلطة التي عاثت في البلاد فساداً وأن يمارس الشعب مهامه في محاسبة كل رؤوس الفساد ممن ساعدهم في ذلك.

وخرج مئات آلاف الجزائريين، مباشرة بعد صلاة الجمعة، رافعين شعارات "ترحلوا فاع " أي "ترحلون جميعاً"، و"لا نقبل بانتخابات يشرف عليها بن صالح وبدوي"، وتفويت فرصة العيش في العزة والكرامة الحقيقية لن نفرط فيها هذه المرة"، وصرخت حناجر المواطنين مطالبين بمحاكمة كل رموز الفساد من مسؤولين استغلوا مناصبهم أو نفوذهم أو رجال مال وأعمال تحصلوا على أموال وقروض وامتيازات بطرق غير قانونية مؤكدين أن القضاء تحرر الآن وعليه أن يقوم بعمله دون مفاضلة أو تمييز وأن الكل سواسية أمام القانون.

وظهر أن المطلب الأكبر في الجمعة العاشرة، هو توقيف ومحاسبة شقيق الرئيس المعزول، السعيد بوتفليقة، ولا يزال لحد الساعة إن كان المعني يواصل مهمته كمستثار خاص في الرئاسة، علماً وأن المعني عين في المنصب وفق مرسوم رئاسي غير منشور في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، والأربعاء الماضي تجنب وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة، الرد على سؤال متعلق بوضعية السعيد بوتفليقة، واكتفى بالقول "لم اسأل ولا علم لي إن كان لا يزال مستشاراً الآن في الرئاسة، يمكن مراجعة الجريدة الرسمية لمعرفة منصبه الحالي".

ودخل الحراك الجزائري هذا الأسبوع شهره الثالث، وسط احتشاد آلاف المتظاهرين في العاصمة الجزائر للجمعة العاشرة على التوالي، مع تزايد المطالب برحيل رموز النظام ومحاربة الفساد.

ونزل الآلاف الجزائريين إلى الميادين العامة في العاصمة الجزائر، الجمعة، تلبية لدعوات واسعة للتظاهر، لا سيما في ساحة البريد الرئيسة، التي تحولت إلى أهم مراكز الاحتجاج في البلاد.

وتتزامن مظاهرات الجمعة العاشرة مع فتح القضاء الجزائري مجموعة من ملفات الفساد، طالت سياسيين ورجال أعمال مرتبطين بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وذكرت وسائل إعلام جزائرية حكومية أن السلطات ألقت القبض على أغنى رجل أعمال جزائري وأربعة مليارديرات آخرين مقربين من بوتفليقة هذا الأسبوع، في إطار تحقيق لمكافحة الفساد.

وقال قائد الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، إنه يتوقع محاكمة أعضاء من النخبة الحاكمة بتهمة الفساد، معرباً عن تأييده لأي اقتراح بناء للخروج بالبلاد من الأزمة.

وحذر الجيش من محاولات اختراق المسيرات السلمية التي تشهدها البلاد منذ 22 فبراير الماضي، داعيا الشعب الجزائري إلى التحلي بالحيطة والحذر من محاولات اختراق هذه المسيرات.

وحمل المحتجون في وسط العاصمة الجزائر لافتات تطالب بمحاسبة المزيد من المسؤولين المتهمين بالفساد، ومن بين الشعارات التي رفعوها "النظام يجب أن يرحل" و"سئمنا منكم".

ويرفض المحتجون تولي عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة، منصب الرئيس المؤقت بدل بوتفليقة لمدة 90 يوماً، إلى حين إجراء انتخابات رئاسية في الرابع من يوليو المقبل.

كما يطالب المحتجون برحيل رئيس الحكومة الجزائرية، نور الدين بدوي، الذي كان وزيرا للداخلية في عهد بوتفليقة، وقد تولى رئاسة الحكومة في 11 مارس الماضي، في ذروة الاحتجاجات في البلاد.

وكان من اللافت استهداف احتجاج الجمعة العاشرة، سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الجزائري السابق. وكان سعيد بوتفليقة محط غضب المتظاهرين بشكل خاص، واتهموه بأنه "زعيم العصابة".

في سياق متعلق بمحاربة الفساد، نفت النيابة العاصمة في العاصمة الجزائر، وجو ضغوط أو أوامر تتلقاها، لتحريك الدعوى العمومية، ويأتي موقف النيابة العامة، بعد القراءات التي صاحبت تصريحات قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، والذي دعا سابقا جهاز العدالة إلى فتح تحقيقات ضد ناهبي المال العام، الأمر الذي قدره البعض أنه تدخل في صلاحيات السلطة القضائية.

والخميس، جرى توقيف مسير مجمع سوفاك الحاصل على حصرية تركيب سيارات فولسفاغن في الجزائر المدعو "خ.علمي" قبل مغادرته الجزائر باتجاه مدينة نيس الفرنسية، والمعني محل تحقيق في قضايا فساد، فيما يوجد شقيقه "مراد عوملي" وهو الرئيس المدير العام للمجمع في حالة فرار، في نفس القضية.

سياسيا، رحبت "قوى التغيير لنصرة خيار الشعب" المعارضة، بدعوة مؤسسة الجيش للحوار حول السبل الكفيلة بالخروج من الأزمة التي تعرفها البلاد.

وأكد بيان للتحالف الذي يضم أحزاب من المعارضة وشخصيات وطنية، على "موقف فعاليات قوى التغيير لنصرة خيار الشعب الداعي إلى تفتحها على كل مبادرة يمكنها المساهمة في تلبية مطالب الشعب، والالتزام بمبدأ الحوار في إيجاد الحلول التي تستجيب لذلك، وعليه فإننا نبارك الدعوة للحوار المعبر عنها في بيان مؤسسة الجيش ليوم الأربعاء 24 أبريل 2019".

كما دعا البيان إلى "تشكيل لجنة لتنظيم لقاء وطني لقوى التغيير يكون مفتوحاً على كافة فعاليات المجتمع باستثناء الذين كانوا سبباً في الأزمة الحالية أو طرفاً فيها، من أجل البحث عن حل يستجيب للمطالب الشعبية السلمية".

وعن قضايا الفساد التي فتحتها العدالة مؤخراً أكد المجتمعون على "ضرورة استقلالية القضاء في معالجة جميع الملفات باحترام قواعد العدالة والنزاهة والمساواة، والمطالبة باستمراره في فتح جميع ملفات الفساد، والتذكير باتخاذ إجراءات احترازية استعجالية".