كل شيء أو لا نقبل بأي شيء. هذه هي النظرية التي قيد البعض بها نفسه فكان سبباً في تعقيد المشكلة وعدم الوصول إلى حل لها حتى الآن. بتفكير كهذا يؤكد ذلك البعض أحد أمرين، إما عدم فهمه للعمل السياسي وإقحام نفسه في هذا المجال عنوة، أو تورطه في اتفاقات مع الأجنبي معتقداً أنها يمكن أن توصله إلى السلطة. تفكير كهذا فتح الباب للأجنبي كي يتدخل في شؤوننا الداخلية حتى وصل الحال إلى أن يصدر عن مقتدى الصدر ذاك الذي صدر عنه أخيراً وتسبب في توتير العلاقة بين البحرين والعراق.

أن تكسب كل شيء بضربة واحدة أمر لا يحدث إلا في طاولات القمار، فمدمنو الميسر وحدهم الذين يصلون إلى الحال التي يقررون فيها المغامرة فيقررون كسب كل شيء أو خسارة كل شيء في توزيعة ورق واحدة. لكن لأن هذا الأمر غير وارد في العمل السياسي لذا فإن من يقول به يؤكد بأنه بعيد عن هذا المجال ولا يفهم فيه أو أنه متورط في اتفاقات سرية ومرتبط بجهات تمنعه من قبول أي شيء، أياً كانت الأسباب والظروف والمبررات.

الاختلاف في فهم وتفسير أي خطوة يقوم بها عدد من راجحي العقل والحكماء من المواطنين يفترض أن يستفيد منها ذلك البعض ويوظفها لتحقيق مكاسب أخرى للمواطنين الذين عانوا الكثير بسببه وبسبب ضيق أفقه وعدم قدرته على قراءة الساحة والواقع بشكل صحيح وإقدامه على خطوات أقل ما يقال عنها إنها قفزة في الهواء.

لو أن ذلك البعض يعرف كيف يشتغل سياسة أو أنه غير متورط في اتفاقات سرية مع الأجنبي لأعلن على الفور مباركته لتلك الخطوة ولاستغل مناسبة شهر رمضان المبارك لتحقيق المزيد من المكاسب للمواطنين والبناء على ذلك حتى الوصول إلى الحل الذي يرضى به الجميع للمشكلة، ففي هذا الشهر يمكن التحرك بيسر أكبر ويمكن الوصول إلى ما قد يصعب الوصول إليه خارجه.

اليوم لم تعد الشعارات التي تم رفعها من قبل تهم المواطنين الذين تضرروا من فعل ذلك البعض وتفكيره وضيق أفقه، فالمواطنون ملوا منها ولم يعودوا يثقون فيها ولا في الذين يرفعونها، وهم لا يريدون غير أن يتم التوصل إلى حل يخرجهم من الذي صاروا فيه ويعانون منه، فكل تلك الشعارات لا قيمة لها ولا تأتي لهم بمفيد.

ما لا يلتفت إليه ذلك البعض هو أن المواطنين عانوا بسببه الكثير وأنهم ينتظرون اليوم الذي تعود فيه أحوالهم إلى ما كانت عليه ويتفرغون لبناء مستقبل أبنائهم.

المواطنون ملوا من سماع تلك الشعارات ولم يعودوا يلتفتون إليها ولا يسمحون لأنفسهم بالتأثر بها. المواطنون يريدون أن يعيشوا ويعملوا للارتقاء بوطنهم ويؤسسوا لمستقبل أبنائهم، لهذا قل من كان يؤمن منهم بتلك الشعارات.

الحصول على كل شيء دفعة واحدة أمر غير ممكن لأنه غير منطقي وغير واقعي، والإصرار على رفع الشعارات الفارغة ناتجه الطبيعي هو تجاوز رافعيها وخسارتهم وانفضاض المواطنين عنهم.