كثيراً ما نتعامل مع كرة الخيوط المتشابكة المتعددة الألوان ككتلة واحدة وأحياناً يتعمد أصحاب أحد الخيوط أن يشبك خيطه بخيوط عديدة ويكورها مع بقية الخيوط، ومن ثم يطالبنا أن نحكم على لون الكتلة!!

لنفكك كرة الخيوط المتعلقة بالسيد الغريفي خيطاً خيطاً حتى نحدد موقفنا منه ومن غيره.

أول خيط احترام الأشخاص أياً كانت كينونتهم لا نقلل من احترام كائناً من كان.

ثانياً خيط المذاهب نحترم كل المعتقدات والديانات والمذاهب ولا نقرب منها.

ثالثاً خيط الزيارات الودية في المناسبات الاجتماعية فنحن في البحرين أهل الود والكرم وحسن الخلق.

رابعاً خيط الوحدة الوطنية والتسامح والنسيج الاجتماعي الذي نشد عليه ونطلبه دائماً وهو لم يتوقف يوماً ما حتى في عز الأزمة.

خامساً خيط المصالحة والتسامح وطي الصفحات وهو قيمة إنسانية ووطنية نتمسك بها لأنها من صميم نسيجنا الاجتماعي وخلقنا كبحرينيين.

يبقى الخيط الأخير الذي زج بين كل هذه الخيوط كي يبدو من أخذ موقفاً من السيد وكأنه أخذ موقفاً من كل تلك الخيوط الخيوط الخمسة كلها لا أحد يختلف عليها أو يعترض عليها ولو مزجت كلها دون الخيط الأخير لما وجدت من يرفض التعامل معها ككرة واحدة، إنما الخيط الأخير لابد أن يفصل ونتعامل معه وحده بعيداً عن كل تلك القيم المتفق عليها وهو الذي يحدد موقفنا من كل من يحمل الجنسية البحرينية.

الخيط الأخير هو خيط الاستحقاق الوطني أعزله عن بقية الخيوط وأناقشه على حده لا تمزجه مع التسامح ولا مع المصالحة ولا الوحدة ولا مع أي قيمة تجمع بين البشر والبشر، بين البحرينيين والبحرينيين، الاستحقاق الوطني هو الخيط الذي يربط بين الإنسان والأرض ويحدد موقف الإنسان من متطلبات أمن الأرض وأمن الوطن وهو خيط إذاً بين الوطن وبين البشر الذين ينتمون له.

لك الحق كمواطن أن تتسامح من إساءة وجهت لك، لك الحق أن تقبل المصالحة رغم الإساءة لك، لك الحق أن تصفح وتتغاضى عن ضرر لحق بك، إنما لا أحد له الحق أن يتكلم نيابة عن استحقاق أرضك وهو استحقاق وطني تطلبه كل الأوطان بلا تنازل وبتشدد وبقمة الحزم من مواطنيها في كل بقاع الأرض، وهو ليس حق ابتدعته مملكة البحرين، هذا الخيط نتعامل معه كحده ككتلة منفصلة لايجب خلطها ورميها مع بقية الخيوط حتى يبدو من يسأل عن الاستحقاق الوطني وكأنه رافض للمصالحة والتسامح وطي الصفحات والبدء من جديد وووووو.

كل الأوطان حين تمس أي من ثوابتها وعلى رأسها أمنها وسمعتها وكرامتها تبحث عن استحقاقاتها عند مواطنيها ومن يرفض أن يقدمه تتخذ إجراءات قانونية ضده ويحدد موقف الدساتير، وموقفنا من أي بحريني يتحدد بمدى التزامنا وإياه على أمن هذا الوطن وكرامته وسمعته، لا ننظر لدينه ولا لمذهبه ولا لونه ولا لجنسه ولا لعرقه جميعنا سواسية على هذه الأرض في الحقوق والواجبات هكذا نص دستورنا، ونحن نتساءل عن الواجبات التي يلزمها دستورنا لكل من حمل الجنسية، حتى أعرف أنني ومن يقف معي على ذات الأرض وينتمي مثلي لها ويأكل من خيرها ويتوسد ترابها ويلتحف بسمائها مثلي قد أدينا التزاماتنا بالتساوي.

اعزلوا خيط الزيارة واعزلوا خيط العلاقات الاجتماعية واعزلوا كل الخيوط الخمسة الأخرى وقفوا فقط عند خيط واحد هو التساؤل الذي طرح على هذا المواطن البحريني بغض النظر عن مذهبه ومكانته الاجتماعية، أين هو استحقاق البحرين من التهديدات التي مستها والضرر الذي لحق بها ومن الإساءة لها؟

هو شخص له اعتباره العام، الوطن لا يطرق البيوت على كل بحريني ويطالبه أن يقدم التزامه، إنما لزاماً على من يتصدر للشأن العام أن يحدد موقفه من هذا الاستحقاق الوطني أولاً قبل أن يتحدث عن أي حقوق له أو لأي جماعة.

وطن لم تحميه، وطن لم تلتزم باستحقاقه وطن لا تطالبه بحقوقك.

بعيداً عن هذا الخيط وإذا فصلناه عن بقية الخيوط فإننا البحرينيون كتلة واحدة وكل الحب لكل البحرينيين ولكل المواطنين بكل أديانهم ومذاهبهم وأعراقهم وجنسهم لا نفرق بين احد منهم وهم مجتمعون على حب هذا الوطن ويقدمون استحقاقاته بكل أريحية ودون حتى أن يطلب منهم ويتسابقون في أداء واجباتهم، وتصالح البحرينيون مع العديد ممن تراجع عن موقفه تجاه وطنه وقدم هذا الاستحقاق العلني، فإذا تحدثنا عن موقفنا من الزيارة فهو موقف من الخيط السادس فإن لم يكن هذا الخيط واضحاً عند أي بحريني -السيد الغريفي أو غيره- موقف واضح وصريح ومعلن ويكرر في كل وقت يحتاجه وطني، فإن عازلاً بيني وبين هذا الإنسان كائناً من كان، إلى أن يمسك هذا الخيط السادس معنا.