فاطمة الماجد *

تحولات كثيرة دخلت على العادات الاجتماعية في رمضان. تبادل الطعام أحد هذه العادات التي طالها التغيير، إذ كانت في الماضي تعبيراً عن التلاحم الاجتماعي والتواصل وتعزيز علاقات الجيرة والمساعدة بين أبناء الحي. فكيف هي اليوم في عصر وسائل التواصل الاجتماعي؟ وأي القيم تلك التي تتبناها هذه العادة؟

تقول الاختصاصية في تعزيز الصحة كميلة يعقوب الدمستاني "تبادل الأطعمة في رمضان عادة متوارثة من الأجداد إلى الأبناء وكان التواصل وجهاً لوجه فالبيوت متقاربة ولا حاجة لحجز موعد مسبق أو اتصال كما هي الحال الآن. والآن بسبب ما وصلنا إليه من تكنلوجيا وتطور باعدت وسائل التواصل الاجتماعي بين الناس وصنعت حاجزاً اجتماعياً فتلاشت العادات في زمن الماديات".



بعيداً عن التكلف

وتقول طالبة الإعلام نيفين عبدالرحمن "في الشهر الكريم نتبادل الأطباق مع الجيران، فهي عادة موروثة منذ القدم وتعتبر جزءاً أساسياً من رمضان، وتزيد الترابط وصلة الرحم والمودة. لكن هذه العادة كانت منتشرة أكثر في الأزمان الماضية، إذ كان الجيران والزملاء والعوائل يتبادلون الأطباق في كل المناطق والأحياء. وكانوا يتناولون وجبة الافطار سوية، بينما في زمننا الحالي تقتصر هذه العادة على الأحياء الشعبية والقديمة فقط، فتوجد أماكن مخصصة يجتمع فيها أبناء الحي ويأتي كل شخص بطبق، لكن الجميل في زمننا الحالي أن كمية الطعام تضاعفت وزادت الوجبات المقدمة للمحتاجين والعمال والفقراء أكثر من قبل".

وتضيف "أنا أفضل أن أقدم طعاماً محضراً منزلياً، فله مذاق مختلف عن الأطعمة الجاهزة. أميل دائماً إلى العادات القديمة البسيطة البعيدة عن الإسراف والبذخ، كتقديم مأكولات شعبية مطهوة في المنزل. في زمننا الحالي صارت الغالبية تقدم طعاماً جاهزاً لتوفير الوقت والجهد".



وتتابع نيفين "كانت النساء تتفقن على إعداد أطباق معينة يجري تبادلها بين بيوت الحي، وكان الأهل يرسلون الأولاد الى منازل الجيران ويتنقلون من منزل إلى آخر ليوزعوا الطعام قبل أذان المغرب. كما يتم تبادل الاطباق عن طريق تجمع أبناء الحي مع بعضهم البعض بعد الصلاة وتناول الإفطار سوية. وكانوا قديماً يحرصون على عدم إرجاع أطباق الجيران فارغة فكانوا يطبخون شيئاً آخر لميلؤوا الطبق قبل إعادته. أما في زمننا فأصبحت ربات المنزل تستخدمن أواني بلاستيكية غير قابلة للاستعمال مرة أخرى كي لا يلزموا الجيران بإعادة الطبق والطهو مرة أخرى، لكن عادة يرسل الجيران طبقاً آخر في وقت لاحق. أنا عادةً لا آخذ موعداً مع الجيران الذين تربطني بهم علاقة قوية لتقديم الطبق لهم، بل أطرق الباب قبل أذان المغرب بربع ساعة، ولا أجد أي مانع في مساعدة جيراني بالطبخ، لكن مع الجيران الذين تربطني بهم علاقة رسمية فيجب أن أستأذنهم لأخذ موعد قبل تقديم الطبق".

وتقول ربة المنزل فاطمة الصالح "في رمضان شهر الخير والكرم أحب أن أتبادل الأطباق مع جيراني والأهل والأصحاب، أحب أن أشاركهم طعاماً من مطبخي وطهوي وأعده أنا شخصياً وأزينه بكل حب وهذا نابع من حبي الشديد وتعلقي بمهارة الطبخ. وبرأيي الشخصي لسنا بحاجة إلى أخذ موعد لأن أجواء شهر رمضان المبارك تفرض نفسها في تبادل الأطباق وصلة الارحام من دون عناء وتكلف وحواجز وسائل التواصل.



عادة خف بريقها

وتقول السكرتيرة الإدارية أمينة الماجد "أتبادل أطباق الطعام فقط مع الأشخاص الذين أعرفهم وتربطني بهم علاقة قوية، وأعمد إلى زيادة الكمية عندما أطهو أطباقاً يفضلها أصدقائي لكي أوزعها عليهم. أفضل إعداد أطباق من صنع يدي لأحظى بمديح الأصدقاء وأزرع السعادة في قلوبهم. وأحرص على تقديم الطعام بشكل جميل في صحون بلاستيكية لأعفي الأصدقاء من كلفة إعادة الأطباق. وبحكم انشغال الناس في رمضان أحرص دائماً على أخذ موعد وإخبارهم قبل توزيع الأطباق".



وتقول طالبة الإعلام زهراء سعف "أذكر في الماضي الجميل عندما كنت طفلة كانت جدتي ترسلني لتوزيع الأطباق على الجيران وتهديني طبقاً خاصاً أفرح به كثيراً. كانت الأجواء مبهجة. أما الآن فمع الأسف نادراً ما نتبادل الأطباق. أصبحنا نتبادلها في الجمعات العائلية فقط".

في حين تتبادل طالبة الإعلام حميدة صباح الأطباق مع الأهل والجيران والأصدقاء. وتذكر بالمثل القائل "كل مشروك مبروك". وتقول "أفضل توزيع طعام معد في المنزل طبعاً لأن الطعم يكون لذيذاً وفيه لمسة خاصة كما أنه صحي أكثر ومضمون. ولا نأخذ موعداً بل نرسل الأطباق مباشرة في غالبية الأحيان لأن من طبيعة شهر رمضان التزاور وصلة الأرحام".

وترى فاطمة مرزوق أن "العلاقات القوية المترابطة جداً التي كانت في القرى مازالت مستمرة حتى الآن، بينما في المدن وبسبب التحضر واختلاط الأجيال والثقافات ضعفت العلاقات بين الجيران فنادراً ما تبادلون الأطباق في رمضان. أنا أفضل أن أحضر الطعام بنفسي وأرسله لجاراتي وصديقاتي لأن له نكهة خاصة. أتصل دائماً بالأصدقاء عبر الهاتف لإخبارهم أني سأرسل لهم طبقاً حال وجودهم في المنزل".

وتلفت الفنية الإدارية زينب الشهابي إلى أن العلاقات الاجتماعية كانت في السابق قوية جداً وكان رمضان يشهد تبادل الأطباق بين الجيران والأصدقاء والمعارف فكانت الأطباق تدور حول "الفريج". ومع اقتراب العيد يسترد الناس أطباقهم، أما الآن فأصبح ذلك قليل وصرنا نتبادل الطعام في أطباق بلاستيكية".



*طالبة إعلام في جامعة البحرين