عنوان هذه المقالة جزء من الآية 40 من سورة الرعد، توجيه قرآني من الله العزيز الحكيم إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، بأنه -أي الرسول- يتلقى الوحي من الله تعالى، وأن مهمته أن يصدع بأمر الله جل وعلا، ويبلغها إلى الناس جميعاً نصاً وروحاً ولا ننسى أنه الرسول الخاتم للثقلين الإنس والجن.
والرسالتان السابقتان على مبعثه، الأولى التي كُلف بها سيدنا موسى عليه السلام، والثانية التي أُوحيت إلى سيدنا عيسى بن مريم عليه وعلى والدته السلام، كانتا تشيران بوضوح إلى الرسول الخاتم والذي لا نبي ولا رسول من بعده إلى يوم القيامة، «إن الدين عند الله الإسلام»، «وخاتم النبيين».
وقبل رسالة سيدنا موسى وسيدنا عيسى بن مريم عليهما السلام، هناك عدة تكاليف من الله تعالى إلى رسل وأنبياء كثر، جميعها تحث أولئك الرسل والأنبياء على عبادة الله، والتبشير بالجنة لمن آمن، والتخويف والتحذير من النار لمن عصى وكفر، مثل الرسل والأنبياء، نوح وشعيب وهود ولوط وإبراهيم، عليهم الصلاة والسلام، وكيف نصر الله تعالى رسله والذين آمنوا معهم.
ورد في سورة الصف، الآية 6 «وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يديَّ من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين».
اتفق المؤرخون، أن مولد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في عام 571 م، واُرسل إليه وعمره 40 سنة، أي أُوحي إليه في عام 611 م.
وكان علماء المسيحيين، وأحبار اليهود، كانوا يتوقعون مبعثه صلى الله عليه وسلم، وهم على علم بصفته وعلاماته ومحل مولده ومسكنه، وهجرته إلى المدينة المنورة -يثرب اسمها قبل الهجرة إليها- كما ورد لديهم في التوراة والإنجيل، وحدثت إرهاصات كثيرة، أي علامات تدل على قرب ولادته صلى الله عليه وسلم ومبعثه.
ولنا في قصة سليمان الفارسي، ورحلته الشاقة للبحث عن دين يعتنقه غير المجوسية التي عليها أهل فارس، واتصالاته وتردده على علماء الدين المسيحي وأحبار اليهود، وكل واحد منهم يشير إلى من هو أعلم منه من علمائهم في العراق والشام، وهو يشد الرحال بكل عزيمة واجتهاد لمقابلة أولئك العلماء، وتعرض إلى شدائد، وقاسى الأَمرّين، أيضاً قاسى الأسر وبيعه كرق، وقاده هذا الأسر إلى بيعه كرقيق على يهودي في المدينة المنورة، التي هاجر إليها سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، وتعرف على الرسول الخاتم، ومن العلامات التي قيلت له من قبل علماء المسيحيين وأحبار اليهود، وأسلم على يدي الرسول الكريم، وهو -أي سلمان الفارسي- رضي الله عنه هو الذي أشار على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بحفر الخندق الذي أنقذ المدينة وأهلها من دخول كفار مكة، وعادوا من حيث أتوا خائبين أذلاء، ولمن أراد المزيد عن قصة الصحابي سلمان الفارسي، فليرجع إلى كتاب «الباحث عن الحقيقة»، لمؤلفه محمد عبدالحليم عبدالله.
وورد في السيرة والأحاديث النبوية، أن الدين الإسلامي سينتشر في المعمورة، والدعوة ستصل إلى فارس، وستهزم فارس وستسقط المجوسية، وسيعتنق أهل فارس الإسلام، وأن سيدنا محمد أوصى من هم بعده، إذا فتحت فارس تعطى أساور كسرى إلى سلمان الفارسي، وتحققت بشرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وولي سلمان الفارسي إمارة نينوى.
أما من ناحية اليهود وخاصة القاطنين في المدينة المنورة، فإن عبدالله بن سلام وهو من كبار أحبار اليهود، فإنه كان من المتحمسين والمنتظرين لبشارة التوراة والإنجيل، فأسلم واعتنق الإسلام دينا، وأخذ يدعو أهله وأشياع اليهودية في زمانه ومكانه للإيمان بالرسول المنتظر، ومن المسيحيين الذين وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، جارود بن علا المسيحي وكبار قومه، وأعلنوا اعتناقهم للإسلام ديناً وفي حضرة الرسول عليه الصلاة وأتم التسليم، وحسب ما قيل، إنه -أي الجارود بن علا- قال إني رأيتك في الإنجيل قبل أن أراك الآن عياناً، وأضاف، امدد يدك لأعلن إسلامي وقومي بأنك رسول آخر الزمان حقاً.
قال الله تعالى كما جاء في القرآن الكريم «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن»، أما بالنسبة إلى كفار مكة وأمثالهم، قال تعالى: «قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم ولي دين»، وقال سبحانه «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي...».
ومسؤوليتنا نحن المسلمين في عصرنا الحاضر، الذي انتشرت فيه وسائل الاتصالات الحديثة بأنواعها، أن ندعو إلى سبيل الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن نكون قدوة في العدل والأخلاق والسلوك الحسن، وأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وأن نعتصم بحبل الله تعالى جميعاً، وأن نوظف ثرواتنا فيما يعود بالنفع على ديارنا وشعوبنا، وأن نساهم في إغاثة الملهوف، ونناصر المعتدى عليه ظلماً وإن كان غير مسلم، وأن تكون لنا اليد الطولى في بناء السلام العالمي، ولنتذكر قوله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: «ما تظنون أني فاعل بكم؟، قالوا أخ كريم وابن اخ كريم، فأجابهم، اذهبوا فأنتم الطلقاء»، بهذا التسامح في ساعة النصر، دخل أهل مكة وغيرهم في دين الله أفواجاً، وعودة إلى العنوان «عليك البلاغ وعلينا الحساب»، نحن غير مكلفين بمحاسبة من أسلم أو غيره، وتتبع سكناته وحركاته وما يكن في قلبه من صدق إيمانه بالله تعالى، تلك مهمة خص الله جل وعلا نفسه بها، ويحاسبه حساباً دقيقاً وافياً عادلاً يوم الدين.. «كل نفس بما كسبت رهينة».
* مؤسس نادي اللؤلؤ، وعضو بلدي سابق، وناشط اجتماعي
والرسالتان السابقتان على مبعثه، الأولى التي كُلف بها سيدنا موسى عليه السلام، والثانية التي أُوحيت إلى سيدنا عيسى بن مريم عليه وعلى والدته السلام، كانتا تشيران بوضوح إلى الرسول الخاتم والذي لا نبي ولا رسول من بعده إلى يوم القيامة، «إن الدين عند الله الإسلام»، «وخاتم النبيين».
وقبل رسالة سيدنا موسى وسيدنا عيسى بن مريم عليهما السلام، هناك عدة تكاليف من الله تعالى إلى رسل وأنبياء كثر، جميعها تحث أولئك الرسل والأنبياء على عبادة الله، والتبشير بالجنة لمن آمن، والتخويف والتحذير من النار لمن عصى وكفر، مثل الرسل والأنبياء، نوح وشعيب وهود ولوط وإبراهيم، عليهم الصلاة والسلام، وكيف نصر الله تعالى رسله والذين آمنوا معهم.
ورد في سورة الصف، الآية 6 «وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يديَّ من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين».
اتفق المؤرخون، أن مولد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في عام 571 م، واُرسل إليه وعمره 40 سنة، أي أُوحي إليه في عام 611 م.
وكان علماء المسيحيين، وأحبار اليهود، كانوا يتوقعون مبعثه صلى الله عليه وسلم، وهم على علم بصفته وعلاماته ومحل مولده ومسكنه، وهجرته إلى المدينة المنورة -يثرب اسمها قبل الهجرة إليها- كما ورد لديهم في التوراة والإنجيل، وحدثت إرهاصات كثيرة، أي علامات تدل على قرب ولادته صلى الله عليه وسلم ومبعثه.
ولنا في قصة سليمان الفارسي، ورحلته الشاقة للبحث عن دين يعتنقه غير المجوسية التي عليها أهل فارس، واتصالاته وتردده على علماء الدين المسيحي وأحبار اليهود، وكل واحد منهم يشير إلى من هو أعلم منه من علمائهم في العراق والشام، وهو يشد الرحال بكل عزيمة واجتهاد لمقابلة أولئك العلماء، وتعرض إلى شدائد، وقاسى الأَمرّين، أيضاً قاسى الأسر وبيعه كرق، وقاده هذا الأسر إلى بيعه كرقيق على يهودي في المدينة المنورة، التي هاجر إليها سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، وتعرف على الرسول الخاتم، ومن العلامات التي قيلت له من قبل علماء المسيحيين وأحبار اليهود، وأسلم على يدي الرسول الكريم، وهو -أي سلمان الفارسي- رضي الله عنه هو الذي أشار على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بحفر الخندق الذي أنقذ المدينة وأهلها من دخول كفار مكة، وعادوا من حيث أتوا خائبين أذلاء، ولمن أراد المزيد عن قصة الصحابي سلمان الفارسي، فليرجع إلى كتاب «الباحث عن الحقيقة»، لمؤلفه محمد عبدالحليم عبدالله.
وورد في السيرة والأحاديث النبوية، أن الدين الإسلامي سينتشر في المعمورة، والدعوة ستصل إلى فارس، وستهزم فارس وستسقط المجوسية، وسيعتنق أهل فارس الإسلام، وأن سيدنا محمد أوصى من هم بعده، إذا فتحت فارس تعطى أساور كسرى إلى سلمان الفارسي، وتحققت بشرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وولي سلمان الفارسي إمارة نينوى.
أما من ناحية اليهود وخاصة القاطنين في المدينة المنورة، فإن عبدالله بن سلام وهو من كبار أحبار اليهود، فإنه كان من المتحمسين والمنتظرين لبشارة التوراة والإنجيل، فأسلم واعتنق الإسلام دينا، وأخذ يدعو أهله وأشياع اليهودية في زمانه ومكانه للإيمان بالرسول المنتظر، ومن المسيحيين الذين وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، جارود بن علا المسيحي وكبار قومه، وأعلنوا اعتناقهم للإسلام ديناً وفي حضرة الرسول عليه الصلاة وأتم التسليم، وحسب ما قيل، إنه -أي الجارود بن علا- قال إني رأيتك في الإنجيل قبل أن أراك الآن عياناً، وأضاف، امدد يدك لأعلن إسلامي وقومي بأنك رسول آخر الزمان حقاً.
قال الله تعالى كما جاء في القرآن الكريم «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن»، أما بالنسبة إلى كفار مكة وأمثالهم، قال تعالى: «قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم ولي دين»، وقال سبحانه «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي...».
ومسؤوليتنا نحن المسلمين في عصرنا الحاضر، الذي انتشرت فيه وسائل الاتصالات الحديثة بأنواعها، أن ندعو إلى سبيل الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن نكون قدوة في العدل والأخلاق والسلوك الحسن، وأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وأن نعتصم بحبل الله تعالى جميعاً، وأن نوظف ثرواتنا فيما يعود بالنفع على ديارنا وشعوبنا، وأن نساهم في إغاثة الملهوف، ونناصر المعتدى عليه ظلماً وإن كان غير مسلم، وأن تكون لنا اليد الطولى في بناء السلام العالمي، ولنتذكر قوله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: «ما تظنون أني فاعل بكم؟، قالوا أخ كريم وابن اخ كريم، فأجابهم، اذهبوا فأنتم الطلقاء»، بهذا التسامح في ساعة النصر، دخل أهل مكة وغيرهم في دين الله أفواجاً، وعودة إلى العنوان «عليك البلاغ وعلينا الحساب»، نحن غير مكلفين بمحاسبة من أسلم أو غيره، وتتبع سكناته وحركاته وما يكن في قلبه من صدق إيمانه بالله تعالى، تلك مهمة خص الله جل وعلا نفسه بها، ويحاسبه حساباً دقيقاً وافياً عادلاً يوم الدين.. «كل نفس بما كسبت رهينة».
* مؤسس نادي اللؤلؤ، وعضو بلدي سابق، وناشط اجتماعي