ضربة موجعة تلقاها مستخدمو هواتف «هواوي» حين أعلنت شركة غوغل استجابتها للتوجيهات الأمريكية بقطع تعاملاتها مع شركة هواتف «هواوي» التي تعمل بنظام «أندرويد». والضرر الذي سيتعرض له مستخدمو «هواوي» هو أنهم لن يتمكنوا من تحديث برنامج «الأندرويد»، مما قد يعرض هواتفهم للتوقف نهائياً بعد عام. أما الذين يخططون لشراء هاتف «هواوي» فلن يتمكنوا، أساساً، من تحميل برنامج «الأندرويد». وكانت أمريكا ومجموعة من الدول قد حظرت، في وقت سابق، بيع هواتف «هواوي» في هذه الدول. كما منعت تصدير مواد التصنيع وقطع الغيار لشركة هواوي. ومنعت منح الشركة استثمارات في شبكات الجيل الخامس من الاتصال (5g). وهكذا فإن الإنسان «العادي» الذي يسكن في أي بقعة في العالم قد وجد نفسه ضحية حرب اقتصادية واستخباراتية بين عملاقي الاقتصاد العالمي «أمريكا والصين». وهو في أتون هذه الحرب سيخسر آلاف الدولارات التي دفعها ثمن الهاتف، وفي ذروة هذه الحرب قد يخسر بياناته الخاصة.

في تقرير مهم بثته شبكة «BBC» الإخبارية حول حقيقة المخاوف الأمريكية والأوروبية من هواتف «هواوي». وضحت أن أمريكا تعتبر هواتف «هواوي»، «تهديداً للأمن القومي»!. وأن مالك شركة «هواوي» ليس عضوا في الحزب الشيوعي الصيني فحسب، بل هو أيضاً مهندس في الجيش الصيني. وأن الصين في حال طلبت منه معلومات وبيانات ذات طابع استخباراتي تمتلكها شركته، فلن يمتنع عن تزويد بلده بتلك المعلومات. وبينت عدة تقارير أمريكية أن نظام حماية بيانات المستخدمين في شركة «هواوي» هو أضعف من نظيراتها. وأن بإمكان الشركة اعتراض المكالمات أو شن هجوم إلكتروني في أي وقت. وقال خبراء تكنولوجيا أمريكيون إن أبراج الاتصالات التابعة لشركة «هواوي» في بعض الولايات الأمريكية بإمكانها عرقلة عمل الصواريخ الباليستية العابرة للقارات الموجودة في القواعد الجوية القريبة من تلك الأبراج.

وفي نفس الاتجاه خضع كل من مؤسس موقع «فيسبوك» ومدير شركة «غوغل» لعدة استجوابات منها استجواب في الكونغرس الأمريكي حول أنظمة حماية بيانات مستخدمي الموقعين وآلية مراقبة الموقعين للمستخدمين. وكان موقع «فيسبوك» قد اتهم بتسريب بيانات ملايين المستخدمين لصالح شركة «كامبريدج أناليتيكا» البريطانية للتحليلات السياسية التي عملت لصالح حملة ترشح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقد طرحت أسئلة خطيرة على مؤسس «فيسبوك» تتعلق بمراقبة الموقع لمستخدميه حتى بعد تسجيل الخروج، واحتفاظ الشركة ببيانات المستخدمين حتى بعد حذف الموقع. وكانت إجاباته تشير إلى قدرة إدارة «فيسبوك» على تتبع مستخدميها دون تسجيلهم دخول الموقع! أما استجواب مدير شركة «غوغل» فقد ذهب في اتجاه مشكلات تسرب البيانات وبتدخل موقع البحث في تقديم معلومات منتقاة تؤثر في توجهات المستخدمين. وقد علق أحد السيناتورات في الكونغرس على خطورة هذه المواقع بتفهمه «أنه إذا كنت تستخدم خدمة مجانية مثل «فيسبوك» فإنك تتاجر بمعلومات معينة عن نفسك في المقابل». كلام خطير!! أليس كذلك؟

باختصار.. عليك أن تعي، أيها الإنسان العادي، في هذا الكون المريب أنك تحت السيطرة السيبرانية، وأنك قد تكون ضحية الحروب الإلكترونية التي يقودها أفراد ودول وتكون خسائرها مليارات الدولارات. وقد تسببت هذه الحروب، غير مرة، في تسريب بياناتنا، وفي تعطيل أنظمة عمل المستشفيات والبنوك وشبكات القطار وفي قطع التيارات الكهربائية، وفي سرقة أموال كبيرة من بطاقات الائتمان الشخصية، ومن إجراء تحويلات مالية «سرقات» بالملايين من بنوك مختلفة في قارات متفرقة. بل وفي إيقاف إحدى الشركات الأمريكية لعرض فيلم ساخر عن رئيس كوريا الشمالية بعد أن تم اختراق أنظمتها الإلكترونية وخسارتها لعشرات الملايين من الدولارات.

وعلى المستوى الشخصي، مثلاً، تمكن أحد الهكر من خارج البحرين من سرقة حساب «واتساب» لإحدى صديقاتي المحاميات. وأوهم أحد موكليها «الكرام» بسفرها وحاجتها لخمسة آلاف دولار، ولم يتردد الموكل «الطيب» من إرسال المال فوراً لمحاميته المخلصة التي حلت كثيراً من مشكلاته. ولست أنسى حالة الفزع التي انتابتني عندما أرسلت رسالة «واتساب» لأحد الصحافيين المخضرمين أطلب منه معلومات حول «حدث» ما وأسأله عن تحليله ورأيه، فأجاب في جملة واحدة: آسف لا أستطيع الإجابة، فهاتفي وجميع حساباتي الإلكترونية تحت المراقبة من عدة جيوش إلكترونية. وكان هذا الرد كفيلاً بأن أقطع أي تواصل معه.