يجب أن يكون البناء من الأسفل «القاعدة» إلى الأعلى، وليس العكس، فالبناء العكسي سيكون ملائماً لفترة محددة وما يلبث أن يسقط، أمَّا البناء من القاعدة فإنه سيدوم بقية العمر وبطريقة صحيحة حتى ولو استغرق البناء فترة طويلة. فكل ما نحتاجه لإنجاح هذا النوع من البناء هو «الصبر» والعمل الجاد وفق استراتيجيات واضحة ومتواصلة.

هذه الرؤية هي التي يجب أن نأخذ بها في كل مجالات البناء في الدولة ومؤسساتها، فلا يمكن أن نأتي -على سبيل المثال- بالمستشارين الأجانب ونوطنهم في وقت نملك فيه من الكفاءات البحرينية الشابة التي بإمكاننا تدريبها والصبر عليها لتكون نواة المستقبل، أمَّا أن نقوم بتهميشها وعدم تدريبها وتوظيفها بحجة أنها لا تملك الخبرة الكافية، فهذا يعني أننا نقضي عليها ولا نخلق لها فرصاً واعدة!

هذا الأمر ينسحب على كل مجالات البناء وعلى كل مستويات تطور الدولة المستدامة. سواء كان الأمر يتعلق بالاقتصاد أو بالاستثمار أو بالهندسة أو المال أو الرياضة أو الطب وغيرها الكثير، فبناء قاعدة وطنية في كل هذه المجالات لهو الهدف الذي يجب أن يتحقق. وهو بناء القاعدة والاعتماد على الطاقات والخامات الوطنية الشابة.

إن من أبرز المبادرات الحية والعملية في المجال هي المبادرة الوطنية الأخيرة التي أطلقها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة في مجال استكشاف المواهب الرياضية الشابة، وذلك بالمشروع الرامي إلى إنشاء 100 ملعب. هذه الملاعب في فرجان البحرين بهدف توفير بيئة مناسبة للشباب وفئات المجتمع من أجل ممارسة الرياضة في بيئة مثالية بالإضافة إلى تأكيد دور ملاعب الفرجان في دعم الأندية الوطنية والمنتخبات وتزويدها بالعديد من المواهب الرياضية.

هذا وقد أكد سمو الشيخ ناصر قائلاً في هذا المجال: «انطلاقاً من مبادرات البرنامج الوطني لتطوير القطاع الشبابي والرياضي «استجابة» وجهنا بمبادرة جديدة من أجل إنشاء 100 ملعب في فرجان البحرين من خلال استغلال المساحات المتوافرة في تلك الفرجان بطريقة حديثة وعصرية ليستغلها الشباب في ممارسة أنشطتهم الرياضية على أن تكون تلك الملاعب متعددة الأغراض لممارسة عدد من الألعاب الرياضية الأمر الذي يضمن للجميع ممارسة الرياضة المفضلة له على تلك الملاعب. وإن هذا المشروع «يهدف إلى توفير ملاعب رياضية تشمل أنشطة مختلفة في مختلف مدن وقرى مملكة البحرين للعمل على تنمية المواهب الشبابية».

هذه هي الرؤى الصحيحة والمنتجة. حيث إنها رؤية بعيدة الأمد لا تهدف إلى استيراد رياضيين جاهزين من خارج حدود الوطن، وإنما هي نظرة ثاقبة من سموه لاستكشاف المواهب البحرينية من عمق المدن والقرى البحرينية.

نتمنى أن تتمدد هذه الرؤية العميقة لبقية مؤسسات الدولة من أجل استكشاف الطاقات البحرينية الشابة في مختلف مجالات البناء والعطاء، وأن تكون هي القاعدة الصحيحة التي يمكننا البناء عليها. بناء مواطن ووطن.