مريم بوجيري

لم يرَ مقترح حظر الفوائد الربوية في النظام المصرفي والمالي النور منذ مجلس 2006 حتى الآن، حتى بعد أن أحيل للحكومة ليأتي على هيئة مشروع بقانون مصاغ بناءً على اقتراح بقانون مقدم من مجلس النواب، وسقط المقترح المذكور لتتجدد المطالبة به في مجلس 2014 على هيئة مقترح بقانون بشأن حظر الفوائد الربوية، يحظر بموجبه المعاملات المالية والمصرفية التي تتعامل بالفوائد الربوية ويتحقق بطلان أي عمل يتم بالمخالفة لذلك الحظر وذلك بعد أن تم تقديمه في الدور الأول من الفصل التشريعي الرابع في يونيو 2015.

ويهدف المشروع لحظر على مؤسسات القطاع المصرفي والمالي مزاولة أي عمل مالي يقوم على الفوائد الربوية، وإلزامها بتوفيق أوضاعها خلال مدة لا تتجاوز 3 سنوات، وعلى الجهات الحكومية التحقق من الأمر.

وتأجل النظر في الاقتراح بقانون حينها إلى الدور الثاني من الفصل التشريعي الرابع، حيث لم يقر المجلس الاقتراح المذكور وطلبت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس 2014 التمديد لمدة 4 اسابيع لدراسة الاقتراح وذلك في أبريل 2016، في حين قرر المجلس الموافقة على النظر في الاقتراح بقانون وإحالته للحكومة وذلك في دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الرابع وذلك في مايو 2017.

وجاءت الحكومة بالمشروع بقانون بناءً على الاقتراح بقانون المذكور في يونيو 2018، أي في دور الانعقاد الأخير من الفصل التشريعي الرابع، والتي رفضت الاقتراح وطلبت من المجلس إعادة النظر في مشروع القانون معتبرة أن له تداعيات خطيرة على المصالح الاقتصادية للدولة وخسائر فادحة يصعب حصرها، منبهة أن إلغاءها يعني نهاية القطاع المالي وزواله ووقوع هزات اقتصادية عنيفة قد تقضي على مسيرة التنمية في البلاد، وطالبت المجلس بإعادة النظر.

واعتبرت الحكومة أن مملكة البحرين تعتبر من أهم المراكز المالية في منطقة الخليج والشرق الأوسط لضخامة قطاعها المصرفي والمالي وتنوعه، إذ يتكون من "404" مصارف ومؤسسات مالية، وحيث تم بناء القطاع المصرفي في البلاد على مدى أكثر من 4 عقود من خلال جهود حثيثة ومتواصلة من الحكومة ومؤسسة نقد البحرين ثم البنك المركزي حالياً، وبلغت مساهماته في الاقتصاد الوطني ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية نحو 17% من إجمالي الناتج المحلي.

ويعمل في مملكة البحرين نحو "116" مصرفاً تقليدياً وإسلامياً بأصول إجمالية تزيد على "191" مليار دولار أمريكي،

ولفتت الحكومة إلى أن القطاع المالي الإسلامي في المملكة لا يزال صغيراً مقارنة مع القطاع التقليدي، إذ يعمل "23" مصرف إسلامي يقابله "93" مصرفا تقليديا بأصول تبلغ "24،8" مليار دولار أمريكي مقارنة بأصول تصل "167" مليار دولار للمصارف التقليدية، وأكدت الحكومة أن هناك نصوصاً قانونية وقواعد إجرائية قائمة تكفي بذاتها لتحريم الفوائد الربوية والقضاء على الربا- في صورته المتفق عليها- وهو ما يحقق الهدف المنشود من مشروع بقانون، لافتة إلى تعلق القانون بمسألة فقهية خلافية لا تقبل التذرع فيها برأي دون آخر، منبهة أن المشروع يقوم على تبني أحد الآراء الشرعية في مسألة تقع في دائرة المسائل الخلافية التي تتفرق الآراء حولها، إذ العلاقة بين المودع والبنك والمستثمر هي قرض، ويرون أن الفائدة التي يأخذها البنك من المستثمر أو تلك التي يؤديها للمودع هي نفع نتج من الإقراض، وذلك هو الربا المحرم شرعاً، إلا أن علماء المسلمين المعاصرين اختلفوا عبر العقود في حكم التعامل مع البنوك، نتيجة الخلاف حول توصيف الودائع ودفعها للمستثمرين مقابل حصول المودع والبنك على فوائد، ومازال باب الاختلاف والاجتهاد مفتوحا، وعليه لا يجوز معه من الناحيتين النظرية والعملية تقنين أحد الأراء في شأنها مراعاة للنواحي الاستثمارية والاقتصادية في البلاد.

وبينت الحومة أن مشروع القانون ينطوي على تحويل مفاجئ وشامل لنظام المصرفي والمالي للعمل وفقاً لاحكام الشريعة الاسلامية، وذلك خلال فترة إنتقالية مدتها 3 سنوات دون تدورج في التطبيق، لافتة أن مشروع القانون يترتب عليه حدوث خلل في المنظومة التشريعية خاصة المصرفية مع فراغ تشريعي، والمشروع بقانون يعني تراجعها سريعاً في سياسات الدولة في شأن التنظيم المصرفي، وسيؤدي إلى مشاكل كبيرة للجهاز المصرفي بحكم الارتباطات المالية والاستثمارية والمصرفية مع مختلف مناطق العالم، وله تداعيات خطيرة ستنعكس سلباً على المصالح الاقتصادية للدولة وخسائر فادحة يصعب حصرها.

وترى الحكومة أن ممارسات تحصيل الفوائد المصرفية ودفعها تمثل جزءاً كبيراً وجوهرياً من عمل المصارف التقليدية، وأن إلغاءها يعني نهاية القطاع المالي وزواله بما يؤدي إلى هزات اقتصادية عنيفة قد تقضي على مسيرة التنمية في البلاد، وتسريحات كبيرة في صفوف الموظفين البحرينيين.

ووفقاً لإحالة الحكومة المشروع في نهاية الدور الرابع، تمت إحالته لمجلس 2018 ليقرر التمسك به أو إسقاطه، في حين تمسك المجلس الجديد بالمشروع بقانون وذلك توافقاً مع توصية لجنة الخدمات بالمجلس في فبراير الماضي، ولم يبت المجلس في المشروع خلال الدور الأول من الفصل التشريعي الخامس ليحال بذلك إلى الدور القادم، حيث لا زالت لجنة الخدمات تدرس المشروع تمهيداً لإعداد تقريرها بشأنه.