حوار - حوراء الصباغ
ذاع صيته وانتشرت مقاطعه التي يردد فيها بشكل يومي"مثل اليوم"، وصاحب أكثر من 21 ألف متابع على موقع الإنستغرام.
الحاج عبدالله جمعة أبو جواد الذي يحفظ عن ظهر قلب أكثر من 500 مثل شعبي، قال في لقاء مع "الوطن"، إنه تعلمها من واقع عمله كفلاح، واختلاطه بالكثير من من الأجيال، يردد دائماً عبارة "عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب" إذا رأى زبوناً قصد الباعة الآسيويين وتركه.
- وفيما يلي نص الحوار -
- نبذة عن أبو جواد؟
الحاج عبدالله جمعة، من أهالي قرية أبو قوة ولكن أحد سكان سار منذ 30 عاماً، قضيت معظم عمري كفلاح أجول بين البساتين لأكثر من 20 عاماً، وعملت بعدها كسائق في وزارة التربية والتعليم التي كان يطلق عليها آنذاك "المعارف"، أما الآن فأنا أمتلك "دكاناً" في وسط القرية.
- ما هو سر تعلق أبو جواد بالأمثال الشعبية؟
من منطلق عملي كفلاح واختلاطي بالجيل السابق، استطعت من خلال الجولات بين المزارع وتجاربي اليومية حفظ الكثير من الأمثال التي كان يتداولها السابقون وكانوا يستخدمونها في سياق الحديث.
- ماهي الأمثال الذي لا تفارق لسانك ودائم في ترديدها؟
دائماً ما أمازح زبائن الدكان الذين يترددون على دكاكين الآسيويين المجاورة بقول: عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب، أو: -إطمش لو ماشريت- عند حضورهم للتصوير والدردشة أو السؤال عن مثل اليوم بدون أن يقوموا بالشراء، وأحياناً يأتي المثل بحسب الموقف، فقد جاءتني مرة زبونة كانت تحمل هاتفها في يدها وتسألني إذا كانت قد تركته في الدكان لأنها أضاعته، فأجبتها: ولدها فوق ذراعها وتدوره!.
- ماهي القيمة الثقافية للمثل؟
الأمثال عبارة عن موسوعة للحكم والمواعظ، وهناك العديد من الأمثال التي قيلت بسبب مواقف وقصص تاريخية عظيمة، ورغم اختلاف اللهجات في قول المثل، إلا أن المغزى يبقى واضحاً، والغريب في البحرين أنها بحر للعديد من اللهجات، فنجد أهالي القرية الواحدة يتحدثون أكثر من لهجة.
هناك مثل قديم باللهجة "الستراوية" يقول: "من غير شي يدكني، جيفه مضيعة القدر، ومن هذا المثل نستنتج أن النساء قديماً كن يفتقرن لحقوق المرأة، فلا توجد محاكم لإنصافها، فهي تُضرب بدون سبب من قبل زوجها، فكيف لو قامت بتضييع قدر الطبخ أو "الجدر" أو "الصفرية" باختلاف اللهجات.
- كيف بدأت فكرة إنشاء حساب على الإنستغرام يطرح الأمثال؟
صدفة غير مخطط لها، فقد تعرف علي أحد طاقم العمل والذي قام بإنشاء الحساب عندما كان يزورني كل يوم جمعة في الدكان، وبداعي المزاح كان يسألني "شيقول المثل اليوم"، ويقوم بتصويري ويشارك أصدقاءه ببعض الأمثال التي كنت أقولها، واقترح عرضها على شريحة أكبر من الناس عبر إنشاء حساب ولم أمانع ذلك، فعندما يكمن الهدف في إعادة إحياء تراث البحرين الجميل فيسعدني أن أكون جزءاً من هذا العمل.
- ما هو مدى تقبل الناس لفكرة الحساب؟
الشيء الغريب والمفاجئ أنه حصل على إقبال واسع من البداية، فكنت أرى الأطفال يتوافدون على الدكان مطالبين «بمثل اليوم»، واستجابة الكثير من الناس بمختلف الأعمار عبر إرسال مقاطع لهم يرددون فيها الأمثال. فمحبة الناس هي من فرضت علينا المواصلة في هذا العمل مع الطاقم لغرض نشر ثقافة الأمثال على مدى أوسع.
- هل تنتقل الأمثال من الآباء للأبناء؟ وما هو سبب عزوف الجيل الحالي عن الأمثال الشعبية؟
للأسف لم نعد كالسابق ننقل التراث للأجيال، في السابق كان من الصعب انتقال جميع الأمثال وتدوينها وتداولها نظراً لصعوبة الحياة، أما الجيل الحالي فينصرف اهتمامه لـ"البلايستيشن" والإلكترونيات، فنحن لا نستطيع إرغامهم على طريقة الحياة والكلام كالسابق، مقتبساً مقولة الإمام علي "لا تخلقوا أولادكم على زمانكم، فهم خلقوا لزمان غير زمانكم"، ولكن النجاح في جذبهم ولفت نظر صغار السن حقق قفزة كبيرة في نقل التراث والأمثال الشعبية للجيل الحالي.
- هل هناك أمثال تخص الرجال وأمثال تخص النساء؟
نعم، ولكن الأمثال الخاصة بالنساء أكثر وحتى تحصل على تجاوب أكثر عند قولها ومنتشرة في سياق الحديث اليومي، ومنها: القرعة تفوشر بشعر أختها، أم كشة ما عندها من العقل طشة، خاويني واخاويج وأخذ ريلج وأخليج.
وأحد الأمثال الذي يخص كلاً منهما هو الحيلة حيلة النساء ولا مكر الرجال والذي يعني أن الطرق البسيطة من التحايل الذي تقوم به المرأة برضاك وعلمك والذي قد يكون باستخدام الأسلوب اللطيف والكلام المعسول لبلوغ أهدافها وتحقيقها لهو أدهى وأشد من مكر الرجال الذي يأتي بغتة من وراء ظهرك.
ومن الأمثال التي تخص الرجال: يا ماخذ الثنتين طلق حداهم، يا أخذك البين أو أخذ حداهم. وهو السبب في زيادة المتابعين وحاصل على أعلى نسبة مشاهدات في الحساب، فقد أثار ضجة كبيرة وتفاعل المتابعين بين مؤيد ومعارض.
- هل هناك أمثال نادراً ما يفهم مغزاها الناس ومندثرة؟
نعم، ومنها "أم شعوم مالش حوبة.. كل من جى غسل ثوبه" فليست عين عذاري الوحيدة التي تتغنى بها الأمثال، فمفهوم الحوبة عند العامة في الخليج العربي تعني لعنة الحق الضائع أو العاقبة الأخلاقية، أي أنه إذا ظلم شخص شخصاً آخر ولم ينصفه فإنه إذا ما أصيب بقدر معيّن أو انتكاسة ما نقول عنه (حوبة فلان)، وفي معتقد العامة أن الحوبة قدر لا مفر منه، ومفهوم الحوبة قديم لكنه تطور عبر الزمن، فقد كان قديماً يعني الإثم، ومن المعروف قديماً ان العيون ارتبطت بالأساطير.
حيث إن من المعتقدات القديمة في البحرين أن عيون المياه كانت سكناً للجن، وأن للعيون حوبات فقد تأتي الإنسان حوبة فعله السيء كإيذاء الكائنات التي تسكن العين أو غيرها من ذلك، وجاء المثل ليقول بأن أم الشعوم عين خالية من الحوبات والشرور فهي آمنة حيث إنها تتكون من عينين: العين الكبيرة التي كانت تسقي الناس والمزارع المحيطة بها وتستخدم للسباحة والاستجمام صيفاً، والعين الصغيرة التي كانت تستخدم لغسل الثياب وسقاية وغسل الدواب والخيول نظراً لضحولة الماء بها وسهولة الدخول والخروج منها.
كما هناك أمثال تمتلك أكثر من معنى ولها أكثر من جانب، فعلى سبيل المثال: عجوز وتراقص في الحوي – ممكن أن يكون لغز ومثل في الوقت ذاته بمعاني مختلفة تماماً، فقد كان يستخدم قديماً كلغز لوصف «المخمة» أو المكنسة المقشة. وممكن استخدامه كمثل يطلق على الشخص الكبير في السن الي يتشبه في الصغار في اللبس أو التصرفات أو ماشابه.
ذاع صيته وانتشرت مقاطعه التي يردد فيها بشكل يومي"مثل اليوم"، وصاحب أكثر من 21 ألف متابع على موقع الإنستغرام.
الحاج عبدالله جمعة أبو جواد الذي يحفظ عن ظهر قلب أكثر من 500 مثل شعبي، قال في لقاء مع "الوطن"، إنه تعلمها من واقع عمله كفلاح، واختلاطه بالكثير من من الأجيال، يردد دائماً عبارة "عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب" إذا رأى زبوناً قصد الباعة الآسيويين وتركه.
- وفيما يلي نص الحوار -
- نبذة عن أبو جواد؟
الحاج عبدالله جمعة، من أهالي قرية أبو قوة ولكن أحد سكان سار منذ 30 عاماً، قضيت معظم عمري كفلاح أجول بين البساتين لأكثر من 20 عاماً، وعملت بعدها كسائق في وزارة التربية والتعليم التي كان يطلق عليها آنذاك "المعارف"، أما الآن فأنا أمتلك "دكاناً" في وسط القرية.
- ما هو سر تعلق أبو جواد بالأمثال الشعبية؟
من منطلق عملي كفلاح واختلاطي بالجيل السابق، استطعت من خلال الجولات بين المزارع وتجاربي اليومية حفظ الكثير من الأمثال التي كان يتداولها السابقون وكانوا يستخدمونها في سياق الحديث.
- ماهي الأمثال الذي لا تفارق لسانك ودائم في ترديدها؟
دائماً ما أمازح زبائن الدكان الذين يترددون على دكاكين الآسيويين المجاورة بقول: عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب، أو: -إطمش لو ماشريت- عند حضورهم للتصوير والدردشة أو السؤال عن مثل اليوم بدون أن يقوموا بالشراء، وأحياناً يأتي المثل بحسب الموقف، فقد جاءتني مرة زبونة كانت تحمل هاتفها في يدها وتسألني إذا كانت قد تركته في الدكان لأنها أضاعته، فأجبتها: ولدها فوق ذراعها وتدوره!.
- ماهي القيمة الثقافية للمثل؟
الأمثال عبارة عن موسوعة للحكم والمواعظ، وهناك العديد من الأمثال التي قيلت بسبب مواقف وقصص تاريخية عظيمة، ورغم اختلاف اللهجات في قول المثل، إلا أن المغزى يبقى واضحاً، والغريب في البحرين أنها بحر للعديد من اللهجات، فنجد أهالي القرية الواحدة يتحدثون أكثر من لهجة.
هناك مثل قديم باللهجة "الستراوية" يقول: "من غير شي يدكني، جيفه مضيعة القدر، ومن هذا المثل نستنتج أن النساء قديماً كن يفتقرن لحقوق المرأة، فلا توجد محاكم لإنصافها، فهي تُضرب بدون سبب من قبل زوجها، فكيف لو قامت بتضييع قدر الطبخ أو "الجدر" أو "الصفرية" باختلاف اللهجات.
- كيف بدأت فكرة إنشاء حساب على الإنستغرام يطرح الأمثال؟
صدفة غير مخطط لها، فقد تعرف علي أحد طاقم العمل والذي قام بإنشاء الحساب عندما كان يزورني كل يوم جمعة في الدكان، وبداعي المزاح كان يسألني "شيقول المثل اليوم"، ويقوم بتصويري ويشارك أصدقاءه ببعض الأمثال التي كنت أقولها، واقترح عرضها على شريحة أكبر من الناس عبر إنشاء حساب ولم أمانع ذلك، فعندما يكمن الهدف في إعادة إحياء تراث البحرين الجميل فيسعدني أن أكون جزءاً من هذا العمل.
- ما هو مدى تقبل الناس لفكرة الحساب؟
الشيء الغريب والمفاجئ أنه حصل على إقبال واسع من البداية، فكنت أرى الأطفال يتوافدون على الدكان مطالبين «بمثل اليوم»، واستجابة الكثير من الناس بمختلف الأعمار عبر إرسال مقاطع لهم يرددون فيها الأمثال. فمحبة الناس هي من فرضت علينا المواصلة في هذا العمل مع الطاقم لغرض نشر ثقافة الأمثال على مدى أوسع.
- هل تنتقل الأمثال من الآباء للأبناء؟ وما هو سبب عزوف الجيل الحالي عن الأمثال الشعبية؟
للأسف لم نعد كالسابق ننقل التراث للأجيال، في السابق كان من الصعب انتقال جميع الأمثال وتدوينها وتداولها نظراً لصعوبة الحياة، أما الجيل الحالي فينصرف اهتمامه لـ"البلايستيشن" والإلكترونيات، فنحن لا نستطيع إرغامهم على طريقة الحياة والكلام كالسابق، مقتبساً مقولة الإمام علي "لا تخلقوا أولادكم على زمانكم، فهم خلقوا لزمان غير زمانكم"، ولكن النجاح في جذبهم ولفت نظر صغار السن حقق قفزة كبيرة في نقل التراث والأمثال الشعبية للجيل الحالي.
- هل هناك أمثال تخص الرجال وأمثال تخص النساء؟
نعم، ولكن الأمثال الخاصة بالنساء أكثر وحتى تحصل على تجاوب أكثر عند قولها ومنتشرة في سياق الحديث اليومي، ومنها: القرعة تفوشر بشعر أختها، أم كشة ما عندها من العقل طشة، خاويني واخاويج وأخذ ريلج وأخليج.
وأحد الأمثال الذي يخص كلاً منهما هو الحيلة حيلة النساء ولا مكر الرجال والذي يعني أن الطرق البسيطة من التحايل الذي تقوم به المرأة برضاك وعلمك والذي قد يكون باستخدام الأسلوب اللطيف والكلام المعسول لبلوغ أهدافها وتحقيقها لهو أدهى وأشد من مكر الرجال الذي يأتي بغتة من وراء ظهرك.
ومن الأمثال التي تخص الرجال: يا ماخذ الثنتين طلق حداهم، يا أخذك البين أو أخذ حداهم. وهو السبب في زيادة المتابعين وحاصل على أعلى نسبة مشاهدات في الحساب، فقد أثار ضجة كبيرة وتفاعل المتابعين بين مؤيد ومعارض.
- هل هناك أمثال نادراً ما يفهم مغزاها الناس ومندثرة؟
نعم، ومنها "أم شعوم مالش حوبة.. كل من جى غسل ثوبه" فليست عين عذاري الوحيدة التي تتغنى بها الأمثال، فمفهوم الحوبة عند العامة في الخليج العربي تعني لعنة الحق الضائع أو العاقبة الأخلاقية، أي أنه إذا ظلم شخص شخصاً آخر ولم ينصفه فإنه إذا ما أصيب بقدر معيّن أو انتكاسة ما نقول عنه (حوبة فلان)، وفي معتقد العامة أن الحوبة قدر لا مفر منه، ومفهوم الحوبة قديم لكنه تطور عبر الزمن، فقد كان قديماً يعني الإثم، ومن المعروف قديماً ان العيون ارتبطت بالأساطير.
حيث إن من المعتقدات القديمة في البحرين أن عيون المياه كانت سكناً للجن، وأن للعيون حوبات فقد تأتي الإنسان حوبة فعله السيء كإيذاء الكائنات التي تسكن العين أو غيرها من ذلك، وجاء المثل ليقول بأن أم الشعوم عين خالية من الحوبات والشرور فهي آمنة حيث إنها تتكون من عينين: العين الكبيرة التي كانت تسقي الناس والمزارع المحيطة بها وتستخدم للسباحة والاستجمام صيفاً، والعين الصغيرة التي كانت تستخدم لغسل الثياب وسقاية وغسل الدواب والخيول نظراً لضحولة الماء بها وسهولة الدخول والخروج منها.
كما هناك أمثال تمتلك أكثر من معنى ولها أكثر من جانب، فعلى سبيل المثال: عجوز وتراقص في الحوي – ممكن أن يكون لغز ومثل في الوقت ذاته بمعاني مختلفة تماماً، فقد كان يستخدم قديماً كلغز لوصف «المخمة» أو المكنسة المقشة. وممكن استخدامه كمثل يطلق على الشخص الكبير في السن الي يتشبه في الصغار في اللبس أو التصرفات أو ماشابه.