* القمم الثلاثية في مكة مرتكز للانطلاق نحو مجابهة كل من يحارب الإسلام والمسلمين
* القمم أجمعت على أن قضية العرب والمسلمين الأولى هي الحرب على الإرهاب والتصدي لكل من يحاول محاربة المسلمين
* النظام الإيراني خلال الفترة القادمة سيلجأ لخلق الفتن الداخلية والصراعات الطائفية والمذهبية والإرهابية لإشغال الدول أمنياً
* دعوة ملك السعودية لأمير قطر رسالة توصل حرص السعودية على عودة قطر لعمقها الخليجي والعربي
* التحفظ القطري على بيان قمة مكة يرسخ أكثر مدى التغلغل الإيراني داخل السياسة القطرية
* هل مازال هناك من يجادل ويعترض على مسألة انجرار قطر وراء نظام طهران؟
* بيت الحكم في قطر مخترق بالسياسات الإرهابية الإيرانية وقطر تؤكد أنها لن تعود إلى عمقها الخليجي والعربي
* اعتراض العراق المخترق من طهران على بيان القمة العربية يعكس تحريك إيران لأبواقها لزرع الاختلافات والفتن
ثلاث قمم مصيرية احتضنتها أطهر بقاع الأرض مكة المكرمة الفترة الماضية، أوصلت رسالة هامة لأعداء العرب والمسلمين، خاصة الميليشيات الحوثية الإيرانية في اليمن التي قامت باعتداءات آثمة تكشف عدائيتهم للإسلام والمسلمين واستهدافهم لأمن وأمان المصلين والمعتمرين في أطهر بقاع الأرض وفي بيت الله الحرام عبر الهجوم بصواريخ إيرانية الصناعة على منطقة مكة المكرمة، أن هذه الأرض ستبقى بوابة العرب والمسلمين ومرتكزاً للانطلاق نحو مجابهة كل من يحارب الإسلام والمسلمين، وأن استهدافها أمنيا لن يوقفها عن احتضان القمم المصيرية، وأنها مستمرة كأرض آمنة، بمشيئة الله، في الحفاظ على المقدسات الإسلامية.
لربما عقد ثلاث قمم في نفس الفترة على أرض مكة المكرمة الطاهرة رد غير مباشر أيضاً على الاعتداءات الإرهابية التي تقوم بها الميليشيات الحوثية الإيرانية نحو المملكة العربية السعودية، حيث بلغ عدد صواريخها الإيرانية باتجاه السعودية أكثر من 225 معظمها يستهدف أطهر بقاع الأرض مكة المكرمة، وإرسال أكثر من 155 طائرة مسيرة بدون طيار لزعزعة الأمن والاستقرار السعودي، كما أن الهجمات الإرهابية الأخيرة المتمثلة في استهداف محطتي ضخ للنفط في شرق المملكة العربية السعودية وعلى عدد من المناطق السكنية عن طريق طائرة بدون طيار تحمل مواصفات وخصائص إيرانية، تؤكد أن النظام الإيراني ومن يواليه بعيدون كل البعد عن الإسلام قولاً وفعلاً وسلوكاً، وأن هذه الأرض الطاهرة التي اجتمع عليها كبار زعماء وقادة الدول الخليجية والعربية والإسلامية ستبقى دائماً واحة حاضنة لكل ما يلم شمل الوحدة الخليجية والعربية والإسلامية، وأرضاً تجمع العرب والمسلمين من كافة أقطار العالم، فالقمم الثلاثية المصيرية تشدد على أن قضية العرب والمسلمين الأولى هي الحرب على الإرهاب والتصدي لكل من يحاول استهداف بيت الله الحرام ويسعى لتحريف مبادئ الإسلام واستبدالها وتشويه صورة المسلمين.
القمم الثلاث التي دعت إليها المملكة العربية السعودية، جراء الاعتداءات المتواصلة من قبل النظام الإيراني وأذرعه الإرهابية في المنطقة العربية وتنامي التوتر مع هذا النظام الجائر المعادي للعرب والمسلمين حيث عقدت قمتان طارئتان خليجية وعربية وقمة دورية لمنظمة التعاون الإسلامي، تأتي في سبيل تأكيد وحدة الصف الخليجي والعربي والإسلامي أمام الرأي العام العالمي، وتأكيد أن هناك إجماعاً عاماً على نبذ التدخلات الإيرانية في المنطقة العربية.
فمن الواضح أمام تشديد العقوبات الأمريكية على النظام الإيراني وانتهاء فترة الإعفاءات للدول المستوردة للنفط الإيراني، أن النظام الإيراني سيلجأ إلى زيادة التوتر الأمني في المنطقة الخليجية والعربية، وأن العديد من الدول التي زرعت فيها إيران خلاياها الارهابية ستنشط هذه الفترة وستعمل على القيام بالعديد من الأعمال الإرهابية والتخريبية، لذا فالتحديات الأمنية الراهنة وأمام تصاعد وتيرة الأعمال الإرهابية وتطورها حتى وصلت إلى التعرض لناقلات النفط قرب سواحل الإمارات وتكثيف الهجمات الإرهابية على خطوط أنابيب النفط قرب العاصمة السعودية الرياض بطائرات بلا طيار والتي تعتبر ضمن إمدادات أنابيب النفط العالمية والتهديد بإغلاق مضيق هرمز، كلها مؤشرات تعكس أهمية الحاجة إلى الاستنفار الأمني وعقد اجتماعات طارئة تتباحث العدوان الإيراني على المنطقة العربية وتحديداً دول الخليج العربي، فهذه المعطيات تعكس أن النظام الإيراني خلال الفترة القادمة سيلجأ لخلق الفتن الداخلية والصراعات الطائفية والمذهبية والإرهابية داخل هذه الدول لأجل إشغالها داخلياً وأمنياً، وأن هناك حاجة ملحة لقطع الحبل السري بين المجموعات الإرهابية والخلايا النائمة بدولنا وبين النظام الإيراني الممول والداعم لها، ودعوة المجتمع الدولي لوضع حد من خلال فرض المزيد من العقوبات الرادعة على النظام الإيراني، والأكثر أهمية إيجاد إجماع خليجي وعربي وإسلامي لنبذ التدخلات الإيرانية في المنطقة والاتفاق على استراتيجيات أمنية وقومية تردع الإرهاب الإيراني وتقلم عصاباته الإرهابية وتقتلع جذوره وتحفظ الأمن القومي.
اللافت في هذه القمة دعوة خادم الحرمين الشريفين أمير قطر لحضور القمة الطارئة لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث كثير من المحللين ارتؤوا أنه في حال استجابة أمير قطر لهذه الدعوة التي تأتي لنبذ التدخلات الإيرانية في المنطقة، فهذا ينبأ بوجود انفراجات فيما يخص الأزمة القطرية مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب ووجود تراجع قطري عن السياسة القطرية المتحالفة مع محور الشر إيران، كما هناك من ارتأى أن هذه الدعوة تعكس حرص خادم الحرمين الشريفين على مد جسور الوصل مع دولة قطر، وأن الموقف السعودي واضح مع النظام القطري، وأن هناك حرصاً من القيادة السعودية على تأكيد أن قطر جزء لا يتجزأ من منظومة دول مجلس التعاون، وأن القرار بيد النظام القطري في مسألة العودة إلى الحضن الخليجي والعمق العربي أو الاستمرار في التعنت، ورفض أي خطوات تعكس حرص قطر على الالتزام بحقوق الجيرة والتزاماتها في منظومة دول مجلس التعاون، واحترام سيادة الدول، ونبذ الإرهاب والتطرف، والكف عن تمويل الإرهاب، ودعم عصاباته والتحالف مع النظام الإيراني المعادي لشرعية دول الخليج العربية والعرب.
تلك الدعوة التي كانت خير مثال على مدى رحابة وحلم قيادة المملكة العربية السعودية وسعيها الدائم نحو لم الشمل وتعزيز التلاحم الخليجي، قابلها، بالطبع و»كالمعتاد»، استمرار التعنت القطري والضلال السياسي والدبلوماسي، والاستمرار على مواقف شق الصف الخليجي، والتحليق خارج سرب المصلحة الخليجية والعربية!
وهذا كان واضحاً من خلال التحفظ القطري الذي جاء بعد قمم مكة المكرمة التي خرجت بإدانة واضحة للنظام الإيراني، فأمام خروج العديد من التحليلات التي تستبشر خيراً بعدول النظام القطري عن التحالف مع النظام الإيراني ودعم الخلايا الإرهابية كون قطر كانت حاضرة في هذه القمم الثلاث الهامة، جاء إعلان وزير خارجية قطر بالتحفظ على بياني القمتين الخليجية والعربية، حيث إن بعض البنود تتعارض مع السياسة الخارجية لقطر، ليرسخ أكثر مدى التغلغل الإيراني داخل السياسة القطرية ومدى تأثير التحالف القطري الإيراني على قرارات بيت الحكم في قطر، وليكون خير شاهد على كل من لايزال يحاجج وغير مقتنع بوجود اختراق إيراني واضح وبارز فيما يخص المطبخ السياسي في النظام القطري، وأن النظام القطري بات متحالفاً مع السياسات الإيرانية العدائية ضد شرعية وعروبة دول الخليج العربي، وضد التوجه العام بالحرب على الإرهاب والقضاء على الخلايا الإرهابية، ووضع حد للتدخلات الإيرانية الإرهابية في دولنا، فالنظام القطري منجر وراء نظام طهران.
مزاعم وزير خارجية قطر المضحكة بشأن أن قطر قررت التحفظ والرفض بشأن بياني قمتي مجلس التعاون الخليجي والقمة العربية، هو موقف طبيعي لمن يفقه في السياسة القطرية المتناقضة والمتقلبة، فالقرار القطري أصبح مرتهناً بالمصالح القطرية الإيرانية، وهو يوصل رسالة أن هذا النظام، الذي لا يسير مع ركب الوحدة الخليجية والعربية، لن يعود إلى عمقه الخليجي والعربي أمام اختراقه داخلياً بسياسات تنظيم الحمدين في قطر التي تحمل عدائية تاريخية منذ سنين طويلة تجاه دول الخليج العربي وشرعية الحكم فيها!
ولم يكن مستغرباً أبداً خروج العراق واعتراضه عن بيان القمة العربية الطارئة ورفضه للتنديد بالتدخلات الإيرانية، وتصريح رئيس مجلس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي بأن العراق يرفض الدخول في سياسة الاتهامات والإدانات، فالعراق بلد عربي محتل من قبل النظام الإيراني وهو يعتبر أحد المعسكرات التدريبية للخلايا الإرهابية الإيرانية، ودفة الحكم فيه تسير وفق السياسات الإيرانية وأوامر نظام طهران الجائر، وإيران أمام القمم الثلاثية التي عقدت، وكما تسعى لتحريك خلاياها الإرهابية لتأزيم الأوضاع الأمنية في عدد من الدول العربية والخليجية، ليس مستغرباً أيضاً أن تلجأ لتحريك أبواقها في هذه المحافل العربية المصيرية لإيجاد تفرقة وفتن.
بيان القمة الإسلامية الذي تضمن «إعلان مكة» عبر 12 مبدأ وخطوة من الواجب الالتزام بها، ارتكز على تأكيد أهمية القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المحورية للأمة الإسلامية والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية المحتلة، وتأكيد التضامن الكامل مع الشعب الفلسطيني وحقه بالعيش داخل دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف، إلى جانب إدانة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله ومظاهره وتوحيد الجهود للوقوف ضد المنظمات الإرهابية ووضع القوانين والضوابط لمواجهة هذه الآفات، كما أدانت القمة الإسلامية الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها السعودية والإمارات فيما يخص ناقلات وأنابيب النفط، حيث وجهت القمة دعوة للمجتمع الدولي للنهوض بمسؤولياته للحفاظ على السلم والأمن في المنطقة.
هناك من ارتأى أن القمة الخليجية والعربية كانتا أكثر صراحة ووضوحاً في إدانة التدخلات الإيرانية في المنطقة، بينما الواقع يقول إن القمة الإسلامية الأخيرة في مكة المكرمة ارتكزت بالأصل على الكثير من الإدانات المتعلقة بالإرهاب الإيراني في المنطقة، وإن لم تخرج بصريح العبارة، فهناك إجماع على رفض تقديم أي دعم مباشر أو غير مباشر للجماعات والمنظمات التي تدعو للعنف والتطرف والإرهاب «من غير النظام الإيراني وتنظيم الحمدين قطر يدعم زراعة الخلايا الإرهابية المتطرفة في دولنا ويحرف مبادئ الإسلام التي تنبذ العنف والقتل والإرهاب؟». القمة الإسلامية أكدت على أن القائمين على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عليهم مسؤوليات كبيرة في تحقيق الغايات والبعد عن إثارة الفوضى والفتن بين أبناء الأمة الإسلامية «ألا يذكرنا هذا الكلام بالإعلام الإيراني والقطري المروج لسياسات الإرهاب التدميرية والانقلاب على أنظمة الحكم والترويج لفتن الربيع العربي المدمر؟».
وعندما نأتي إلى بيان قمة دول مجلس التعاون الخليجي العربي الطارئة، فإننا نجد أن القمة خرجت بالتأكيد على قوة وتماسك ومنعة مجلس التعاون ووحدة الصف بين أعضائه لمواجهة هذه التهديدات، لما يربط بينها من علاقات خاصة وسمات مشتركة أساسها العقيدة الإسلامية والثقافة العربية والمصير المشترك ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها ورغبتها في تحقيق المزيد من التنسيق والتكامل والترابط بينها في جميع الميادين من خلال المسيرة الخيرة لمجلس التعاون، وكلها مؤشرات تعكس أن قمة مكة كشفت المنهجية القائمة لدول مجلس التعاون التي تسعى للحفاظ على منظومة هذا المجلس وتعميق شراكاته، لا كما يروج الإعلام القطري والإيراني بفقدان هذا المجلس لأهليته ووجود انقسامات فيه قد تؤدي إلى تفككه وانتهاء مسيرته الحافلة.
إن استعراض المجلس للسياسة الدفاعية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية القائمة على مبدأ الأمن الجماعي المتكامل والمتكافل لغرض الدفاع عن كيان ومقومات ومصالح دوله وأراضيها وأجوائها ومياهها الإقليمية ضمن اتفاقية الدفاع المشترك بين دول مجلس التعاون، كما أن القول بأن أمن دول المجلس وحدة لا تتجزأ وأن أي اعتداء على أي من الدول الأعضاء هو اعتداء عليها جميعاً، هي رسالة مباشرة من مجلس دول التعاون الخليجي العربي للنظام الإيراني ومن يسانده من تنظيم الحمدين في قطر، لكي تراجع إيران وقطر سياسات الإرهاب والعدوان والجور في حال التخطيط لتوجيه هجمة أمنية على إحدى الدول الخليجية وإعادة سيناريو الربيع العربي واستهداف أنظمة الحكم كردة فعل على العقوبات الأمريكية على النظام الإيراني.
بيان القمة العربية الطارئة أيضاً لم يخلُ من الرسائل التحذيرية للنظام الإيراني، حيث أدان الأعمال الإرهابية للميليشيات الحوثية اليمنية، بالإضافة إلى انتقاد سلوكيات النظام الإيراني الذي يهدد الأمن والاستقرار في الإقليم، مع التأكيد على أن علاقات التعاون مع الدول العربية والجمهورية الإسلامية الإيرانية يجب أن تقوم على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها، فهذا الجزء من البيان يرد على كل من يدعي وجود تباينات في المواقف بين الدول العربية فيما يخص سياساتها الخارجية مع إيران، حيث إن ما خرجت به القمة من تأكيد التضامن والتكاتف بين الدول العربية في وجه التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بهدف زعزعة أمنها واستقرارها وتكثيف سبل التعاون والتنسيق بينها في مواجهة المخاطر التي تنتج من ذلك، كما أن تكثيف الجهود الدبلوماسية بين الدول العربية مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية لتسليط الضوء على ممارسات إيران التي تعرض الأمن والسلم في المنطقة للخطر ومطالبة المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم لمواجهة إيران وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، كلها تعكس وحدة الصف العربي والموقف القومي العام تجاه النظام الإيران، وأن الدول العربية، وإن تباينت في العديد من المواقف والملفات الشائكة، إلا أنها متحدة فيما يخص الإرهاب الإيراني في المنطقة.
ينبغي القول والرد على تكهنات العديد من المحللين التابعين للإعلام الإيراني والقطري الهوى الفترة الماضية بأن القمم الثلاثية قمم فاشلة وأنها تسيء للعرب والمسلمين، بأن الإساءة الوحيدة التي حصلت هو التحفظ القطري الذي أساء لصورة النظام القطري في عيون العرب والمسلمين، كما من ادعى أن القمم لن تضيف جديداً، نقول له إن التقارب في الرؤى والسياسات والأهداف التي خرجت بها القمم الثلاث هو إنجاز دبلوماسي سعودي لم تستطع كبار الدول القيام به، وأن السعودية استطاعت توحيد السياسات الخارجية لهذه الدول وإيجاد نوع من التناغم بينها، مما يؤكد نجاح المملكة العربية السعودية الكبير وفي وقت قصير جداً في إيجاد إجماع خليجي وعربي وإسلامي موحد أمام أنظار دول العالم، كما لا يمكن إنكار أن ما قامت به المملكة العربية السعودية من حسن التنظيم والترتيب في استضافة كبار قادة ورؤساء الدول وقيامهم بالعمرة وعدم تأثير ذلك على ملايين المعتمرين الموجودين رغم الزحام الشديد في أواخر شهر رمضان المبارك، كلها دلائل تؤكد مدى الحنكة والجاهزية التي تمتلكها المملكة العربية السعودية في إدارة محافل وفق هذه المستويات الرفيعة في زمن وجيز.
ومن اللافت كذلك ترحيب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في باريس بنتائج القمم الثلاث، واعتباره أن القمم الثلاث رسخت للمرة الأولى مبادئ الإجماع العربي والإسلامي إزاء ردع سلوك طهران العدائي إقليمياً ودولياً، واعتراف المقاومة الإيرانية أن القيادة السعودية تبوأت الصدارة بالحكمة المعهودة لها من خلال سعيها الحثيث في ردع النظام الإيراني الذي انتهك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة بعد تجنيده الميليشيات الإرهابية، وأن قمم مكة المكرمة بعثت رسائل قوية ومؤثرة إلى الشعب الإيراني الذي يغلي على نار هادئة، فالقمم الثلاث جاءت ضربة قاضية للمشروع الإيراني التوسعي في استعمار واستعباد الدول العربية ونهب خيراتها وممتلكاتها، فهذا البيان الصادر من المقاومة الإيرانية في باريس من الدلائل التي نرتهن عليها أن المملكة العربية السعودية -ولله الحمد- نجحت نجاحاً كبيراً في لفت أنظار دول العالم وتفاعل الرأي العام الإقليمي والعالمي نحو وحدة الموقف الخليجي والعربي والإسلامي نحو النظام الإيراني الجائر.
* القمم أجمعت على أن قضية العرب والمسلمين الأولى هي الحرب على الإرهاب والتصدي لكل من يحاول محاربة المسلمين
* النظام الإيراني خلال الفترة القادمة سيلجأ لخلق الفتن الداخلية والصراعات الطائفية والمذهبية والإرهابية لإشغال الدول أمنياً
* دعوة ملك السعودية لأمير قطر رسالة توصل حرص السعودية على عودة قطر لعمقها الخليجي والعربي
* التحفظ القطري على بيان قمة مكة يرسخ أكثر مدى التغلغل الإيراني داخل السياسة القطرية
* هل مازال هناك من يجادل ويعترض على مسألة انجرار قطر وراء نظام طهران؟
* بيت الحكم في قطر مخترق بالسياسات الإرهابية الإيرانية وقطر تؤكد أنها لن تعود إلى عمقها الخليجي والعربي
* اعتراض العراق المخترق من طهران على بيان القمة العربية يعكس تحريك إيران لأبواقها لزرع الاختلافات والفتن
ثلاث قمم مصيرية احتضنتها أطهر بقاع الأرض مكة المكرمة الفترة الماضية، أوصلت رسالة هامة لأعداء العرب والمسلمين، خاصة الميليشيات الحوثية الإيرانية في اليمن التي قامت باعتداءات آثمة تكشف عدائيتهم للإسلام والمسلمين واستهدافهم لأمن وأمان المصلين والمعتمرين في أطهر بقاع الأرض وفي بيت الله الحرام عبر الهجوم بصواريخ إيرانية الصناعة على منطقة مكة المكرمة، أن هذه الأرض ستبقى بوابة العرب والمسلمين ومرتكزاً للانطلاق نحو مجابهة كل من يحارب الإسلام والمسلمين، وأن استهدافها أمنيا لن يوقفها عن احتضان القمم المصيرية، وأنها مستمرة كأرض آمنة، بمشيئة الله، في الحفاظ على المقدسات الإسلامية.
لربما عقد ثلاث قمم في نفس الفترة على أرض مكة المكرمة الطاهرة رد غير مباشر أيضاً على الاعتداءات الإرهابية التي تقوم بها الميليشيات الحوثية الإيرانية نحو المملكة العربية السعودية، حيث بلغ عدد صواريخها الإيرانية باتجاه السعودية أكثر من 225 معظمها يستهدف أطهر بقاع الأرض مكة المكرمة، وإرسال أكثر من 155 طائرة مسيرة بدون طيار لزعزعة الأمن والاستقرار السعودي، كما أن الهجمات الإرهابية الأخيرة المتمثلة في استهداف محطتي ضخ للنفط في شرق المملكة العربية السعودية وعلى عدد من المناطق السكنية عن طريق طائرة بدون طيار تحمل مواصفات وخصائص إيرانية، تؤكد أن النظام الإيراني ومن يواليه بعيدون كل البعد عن الإسلام قولاً وفعلاً وسلوكاً، وأن هذه الأرض الطاهرة التي اجتمع عليها كبار زعماء وقادة الدول الخليجية والعربية والإسلامية ستبقى دائماً واحة حاضنة لكل ما يلم شمل الوحدة الخليجية والعربية والإسلامية، وأرضاً تجمع العرب والمسلمين من كافة أقطار العالم، فالقمم الثلاثية المصيرية تشدد على أن قضية العرب والمسلمين الأولى هي الحرب على الإرهاب والتصدي لكل من يحاول استهداف بيت الله الحرام ويسعى لتحريف مبادئ الإسلام واستبدالها وتشويه صورة المسلمين.
القمم الثلاث التي دعت إليها المملكة العربية السعودية، جراء الاعتداءات المتواصلة من قبل النظام الإيراني وأذرعه الإرهابية في المنطقة العربية وتنامي التوتر مع هذا النظام الجائر المعادي للعرب والمسلمين حيث عقدت قمتان طارئتان خليجية وعربية وقمة دورية لمنظمة التعاون الإسلامي، تأتي في سبيل تأكيد وحدة الصف الخليجي والعربي والإسلامي أمام الرأي العام العالمي، وتأكيد أن هناك إجماعاً عاماً على نبذ التدخلات الإيرانية في المنطقة العربية.
فمن الواضح أمام تشديد العقوبات الأمريكية على النظام الإيراني وانتهاء فترة الإعفاءات للدول المستوردة للنفط الإيراني، أن النظام الإيراني سيلجأ إلى زيادة التوتر الأمني في المنطقة الخليجية والعربية، وأن العديد من الدول التي زرعت فيها إيران خلاياها الارهابية ستنشط هذه الفترة وستعمل على القيام بالعديد من الأعمال الإرهابية والتخريبية، لذا فالتحديات الأمنية الراهنة وأمام تصاعد وتيرة الأعمال الإرهابية وتطورها حتى وصلت إلى التعرض لناقلات النفط قرب سواحل الإمارات وتكثيف الهجمات الإرهابية على خطوط أنابيب النفط قرب العاصمة السعودية الرياض بطائرات بلا طيار والتي تعتبر ضمن إمدادات أنابيب النفط العالمية والتهديد بإغلاق مضيق هرمز، كلها مؤشرات تعكس أهمية الحاجة إلى الاستنفار الأمني وعقد اجتماعات طارئة تتباحث العدوان الإيراني على المنطقة العربية وتحديداً دول الخليج العربي، فهذه المعطيات تعكس أن النظام الإيراني خلال الفترة القادمة سيلجأ لخلق الفتن الداخلية والصراعات الطائفية والمذهبية والإرهابية داخل هذه الدول لأجل إشغالها داخلياً وأمنياً، وأن هناك حاجة ملحة لقطع الحبل السري بين المجموعات الإرهابية والخلايا النائمة بدولنا وبين النظام الإيراني الممول والداعم لها، ودعوة المجتمع الدولي لوضع حد من خلال فرض المزيد من العقوبات الرادعة على النظام الإيراني، والأكثر أهمية إيجاد إجماع خليجي وعربي وإسلامي لنبذ التدخلات الإيرانية في المنطقة والاتفاق على استراتيجيات أمنية وقومية تردع الإرهاب الإيراني وتقلم عصاباته الإرهابية وتقتلع جذوره وتحفظ الأمن القومي.
اللافت في هذه القمة دعوة خادم الحرمين الشريفين أمير قطر لحضور القمة الطارئة لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث كثير من المحللين ارتؤوا أنه في حال استجابة أمير قطر لهذه الدعوة التي تأتي لنبذ التدخلات الإيرانية في المنطقة، فهذا ينبأ بوجود انفراجات فيما يخص الأزمة القطرية مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب ووجود تراجع قطري عن السياسة القطرية المتحالفة مع محور الشر إيران، كما هناك من ارتأى أن هذه الدعوة تعكس حرص خادم الحرمين الشريفين على مد جسور الوصل مع دولة قطر، وأن الموقف السعودي واضح مع النظام القطري، وأن هناك حرصاً من القيادة السعودية على تأكيد أن قطر جزء لا يتجزأ من منظومة دول مجلس التعاون، وأن القرار بيد النظام القطري في مسألة العودة إلى الحضن الخليجي والعمق العربي أو الاستمرار في التعنت، ورفض أي خطوات تعكس حرص قطر على الالتزام بحقوق الجيرة والتزاماتها في منظومة دول مجلس التعاون، واحترام سيادة الدول، ونبذ الإرهاب والتطرف، والكف عن تمويل الإرهاب، ودعم عصاباته والتحالف مع النظام الإيراني المعادي لشرعية دول الخليج العربية والعرب.
تلك الدعوة التي كانت خير مثال على مدى رحابة وحلم قيادة المملكة العربية السعودية وسعيها الدائم نحو لم الشمل وتعزيز التلاحم الخليجي، قابلها، بالطبع و»كالمعتاد»، استمرار التعنت القطري والضلال السياسي والدبلوماسي، والاستمرار على مواقف شق الصف الخليجي، والتحليق خارج سرب المصلحة الخليجية والعربية!
وهذا كان واضحاً من خلال التحفظ القطري الذي جاء بعد قمم مكة المكرمة التي خرجت بإدانة واضحة للنظام الإيراني، فأمام خروج العديد من التحليلات التي تستبشر خيراً بعدول النظام القطري عن التحالف مع النظام الإيراني ودعم الخلايا الإرهابية كون قطر كانت حاضرة في هذه القمم الثلاث الهامة، جاء إعلان وزير خارجية قطر بالتحفظ على بياني القمتين الخليجية والعربية، حيث إن بعض البنود تتعارض مع السياسة الخارجية لقطر، ليرسخ أكثر مدى التغلغل الإيراني داخل السياسة القطرية ومدى تأثير التحالف القطري الإيراني على قرارات بيت الحكم في قطر، وليكون خير شاهد على كل من لايزال يحاجج وغير مقتنع بوجود اختراق إيراني واضح وبارز فيما يخص المطبخ السياسي في النظام القطري، وأن النظام القطري بات متحالفاً مع السياسات الإيرانية العدائية ضد شرعية وعروبة دول الخليج العربي، وضد التوجه العام بالحرب على الإرهاب والقضاء على الخلايا الإرهابية، ووضع حد للتدخلات الإيرانية الإرهابية في دولنا، فالنظام القطري منجر وراء نظام طهران.
مزاعم وزير خارجية قطر المضحكة بشأن أن قطر قررت التحفظ والرفض بشأن بياني قمتي مجلس التعاون الخليجي والقمة العربية، هو موقف طبيعي لمن يفقه في السياسة القطرية المتناقضة والمتقلبة، فالقرار القطري أصبح مرتهناً بالمصالح القطرية الإيرانية، وهو يوصل رسالة أن هذا النظام، الذي لا يسير مع ركب الوحدة الخليجية والعربية، لن يعود إلى عمقه الخليجي والعربي أمام اختراقه داخلياً بسياسات تنظيم الحمدين في قطر التي تحمل عدائية تاريخية منذ سنين طويلة تجاه دول الخليج العربي وشرعية الحكم فيها!
ولم يكن مستغرباً أبداً خروج العراق واعتراضه عن بيان القمة العربية الطارئة ورفضه للتنديد بالتدخلات الإيرانية، وتصريح رئيس مجلس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي بأن العراق يرفض الدخول في سياسة الاتهامات والإدانات، فالعراق بلد عربي محتل من قبل النظام الإيراني وهو يعتبر أحد المعسكرات التدريبية للخلايا الإرهابية الإيرانية، ودفة الحكم فيه تسير وفق السياسات الإيرانية وأوامر نظام طهران الجائر، وإيران أمام القمم الثلاثية التي عقدت، وكما تسعى لتحريك خلاياها الإرهابية لتأزيم الأوضاع الأمنية في عدد من الدول العربية والخليجية، ليس مستغرباً أيضاً أن تلجأ لتحريك أبواقها في هذه المحافل العربية المصيرية لإيجاد تفرقة وفتن.
بيان القمة الإسلامية الذي تضمن «إعلان مكة» عبر 12 مبدأ وخطوة من الواجب الالتزام بها، ارتكز على تأكيد أهمية القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المحورية للأمة الإسلامية والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية المحتلة، وتأكيد التضامن الكامل مع الشعب الفلسطيني وحقه بالعيش داخل دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف، إلى جانب إدانة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله ومظاهره وتوحيد الجهود للوقوف ضد المنظمات الإرهابية ووضع القوانين والضوابط لمواجهة هذه الآفات، كما أدانت القمة الإسلامية الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها السعودية والإمارات فيما يخص ناقلات وأنابيب النفط، حيث وجهت القمة دعوة للمجتمع الدولي للنهوض بمسؤولياته للحفاظ على السلم والأمن في المنطقة.
هناك من ارتأى أن القمة الخليجية والعربية كانتا أكثر صراحة ووضوحاً في إدانة التدخلات الإيرانية في المنطقة، بينما الواقع يقول إن القمة الإسلامية الأخيرة في مكة المكرمة ارتكزت بالأصل على الكثير من الإدانات المتعلقة بالإرهاب الإيراني في المنطقة، وإن لم تخرج بصريح العبارة، فهناك إجماع على رفض تقديم أي دعم مباشر أو غير مباشر للجماعات والمنظمات التي تدعو للعنف والتطرف والإرهاب «من غير النظام الإيراني وتنظيم الحمدين قطر يدعم زراعة الخلايا الإرهابية المتطرفة في دولنا ويحرف مبادئ الإسلام التي تنبذ العنف والقتل والإرهاب؟». القمة الإسلامية أكدت على أن القائمين على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عليهم مسؤوليات كبيرة في تحقيق الغايات والبعد عن إثارة الفوضى والفتن بين أبناء الأمة الإسلامية «ألا يذكرنا هذا الكلام بالإعلام الإيراني والقطري المروج لسياسات الإرهاب التدميرية والانقلاب على أنظمة الحكم والترويج لفتن الربيع العربي المدمر؟».
وعندما نأتي إلى بيان قمة دول مجلس التعاون الخليجي العربي الطارئة، فإننا نجد أن القمة خرجت بالتأكيد على قوة وتماسك ومنعة مجلس التعاون ووحدة الصف بين أعضائه لمواجهة هذه التهديدات، لما يربط بينها من علاقات خاصة وسمات مشتركة أساسها العقيدة الإسلامية والثقافة العربية والمصير المشترك ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها ورغبتها في تحقيق المزيد من التنسيق والتكامل والترابط بينها في جميع الميادين من خلال المسيرة الخيرة لمجلس التعاون، وكلها مؤشرات تعكس أن قمة مكة كشفت المنهجية القائمة لدول مجلس التعاون التي تسعى للحفاظ على منظومة هذا المجلس وتعميق شراكاته، لا كما يروج الإعلام القطري والإيراني بفقدان هذا المجلس لأهليته ووجود انقسامات فيه قد تؤدي إلى تفككه وانتهاء مسيرته الحافلة.
إن استعراض المجلس للسياسة الدفاعية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية القائمة على مبدأ الأمن الجماعي المتكامل والمتكافل لغرض الدفاع عن كيان ومقومات ومصالح دوله وأراضيها وأجوائها ومياهها الإقليمية ضمن اتفاقية الدفاع المشترك بين دول مجلس التعاون، كما أن القول بأن أمن دول المجلس وحدة لا تتجزأ وأن أي اعتداء على أي من الدول الأعضاء هو اعتداء عليها جميعاً، هي رسالة مباشرة من مجلس دول التعاون الخليجي العربي للنظام الإيراني ومن يسانده من تنظيم الحمدين في قطر، لكي تراجع إيران وقطر سياسات الإرهاب والعدوان والجور في حال التخطيط لتوجيه هجمة أمنية على إحدى الدول الخليجية وإعادة سيناريو الربيع العربي واستهداف أنظمة الحكم كردة فعل على العقوبات الأمريكية على النظام الإيراني.
بيان القمة العربية الطارئة أيضاً لم يخلُ من الرسائل التحذيرية للنظام الإيراني، حيث أدان الأعمال الإرهابية للميليشيات الحوثية اليمنية، بالإضافة إلى انتقاد سلوكيات النظام الإيراني الذي يهدد الأمن والاستقرار في الإقليم، مع التأكيد على أن علاقات التعاون مع الدول العربية والجمهورية الإسلامية الإيرانية يجب أن تقوم على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها، فهذا الجزء من البيان يرد على كل من يدعي وجود تباينات في المواقف بين الدول العربية فيما يخص سياساتها الخارجية مع إيران، حيث إن ما خرجت به القمة من تأكيد التضامن والتكاتف بين الدول العربية في وجه التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بهدف زعزعة أمنها واستقرارها وتكثيف سبل التعاون والتنسيق بينها في مواجهة المخاطر التي تنتج من ذلك، كما أن تكثيف الجهود الدبلوماسية بين الدول العربية مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية لتسليط الضوء على ممارسات إيران التي تعرض الأمن والسلم في المنطقة للخطر ومطالبة المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم لمواجهة إيران وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، كلها تعكس وحدة الصف العربي والموقف القومي العام تجاه النظام الإيران، وأن الدول العربية، وإن تباينت في العديد من المواقف والملفات الشائكة، إلا أنها متحدة فيما يخص الإرهاب الإيراني في المنطقة.
ينبغي القول والرد على تكهنات العديد من المحللين التابعين للإعلام الإيراني والقطري الهوى الفترة الماضية بأن القمم الثلاثية قمم فاشلة وأنها تسيء للعرب والمسلمين، بأن الإساءة الوحيدة التي حصلت هو التحفظ القطري الذي أساء لصورة النظام القطري في عيون العرب والمسلمين، كما من ادعى أن القمم لن تضيف جديداً، نقول له إن التقارب في الرؤى والسياسات والأهداف التي خرجت بها القمم الثلاث هو إنجاز دبلوماسي سعودي لم تستطع كبار الدول القيام به، وأن السعودية استطاعت توحيد السياسات الخارجية لهذه الدول وإيجاد نوع من التناغم بينها، مما يؤكد نجاح المملكة العربية السعودية الكبير وفي وقت قصير جداً في إيجاد إجماع خليجي وعربي وإسلامي موحد أمام أنظار دول العالم، كما لا يمكن إنكار أن ما قامت به المملكة العربية السعودية من حسن التنظيم والترتيب في استضافة كبار قادة ورؤساء الدول وقيامهم بالعمرة وعدم تأثير ذلك على ملايين المعتمرين الموجودين رغم الزحام الشديد في أواخر شهر رمضان المبارك، كلها دلائل تؤكد مدى الحنكة والجاهزية التي تمتلكها المملكة العربية السعودية في إدارة محافل وفق هذه المستويات الرفيعة في زمن وجيز.
ومن اللافت كذلك ترحيب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في باريس بنتائج القمم الثلاث، واعتباره أن القمم الثلاث رسخت للمرة الأولى مبادئ الإجماع العربي والإسلامي إزاء ردع سلوك طهران العدائي إقليمياً ودولياً، واعتراف المقاومة الإيرانية أن القيادة السعودية تبوأت الصدارة بالحكمة المعهودة لها من خلال سعيها الحثيث في ردع النظام الإيراني الذي انتهك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة بعد تجنيده الميليشيات الإرهابية، وأن قمم مكة المكرمة بعثت رسائل قوية ومؤثرة إلى الشعب الإيراني الذي يغلي على نار هادئة، فالقمم الثلاث جاءت ضربة قاضية للمشروع الإيراني التوسعي في استعمار واستعباد الدول العربية ونهب خيراتها وممتلكاتها، فهذا البيان الصادر من المقاومة الإيرانية في باريس من الدلائل التي نرتهن عليها أن المملكة العربية السعودية -ولله الحمد- نجحت نجاحاً كبيراً في لفت أنظار دول العالم وتفاعل الرأي العام الإقليمي والعالمي نحو وحدة الموقف الخليجي والعربي والإسلامي نحو النظام الإيراني الجائر.