د.عبدالقادر المرزوقي

ما يشاغلني كمتتبع للحركة الإبداعية في البحرين هو غياب الحركة النقدية عن المشهد الإبداعي، وهو ما يطرح سؤالا محوريا يدور حول مدى عمق المنتج الإبداعي في أصالة تكونه ونضـوجه المعرفي في صـورة مكتملة الأبعاد، حتى تبدو خيوطها وقد تضافرت في أيقونة تبهر المتلقي.

سؤال الغياب النقدي، سؤال الكينونة الإبداعية في مرحلة نضجها، فالنقد جزء أساس من الحركة الإبداعية، بل هو الرافعة لتطـور المنجز الأدبي من خلال القراءة النقدية التي تسبر مدركات العمل في رحلة تشكله، واستنادا على ما قيل أعلاه يتضح أهمية تفعيل الحركة النقدية بالتزامن مع تفعيل المنتج الإبداعي.

إن الخطاب الإبداعي شعرا وسردا كينونة مغلقة يخفي في جنباته دائما شيئا ما بداخله لا يبوح به مبدعه، يعرف أيكـو النص بأنه " آلة كسولة تفرض من القارئ نشاطا تعضيديا ليملأ الفضاءات المسكوت عنها". من هـنا تأتي أهمية النقد للبحث في مكنونات هذا الاختفاء من خلال المقاربات التداولية للخطاب النصي وتشبيك الملفوظ بالسياق النسقي لآلية النص.

ومما لا شك فيه أن قراءة النص بلغة نقدية تعمل على إضاءة مراحل ولادة مضمون البناء اللفظي للنص سعيا لبيان حركة الملفوظ وفهم مدركاته، لذا فإن امبرتو أيكو يرى أنه " من أجل فهم النص يجب توفر مجموعة من الاستراتيجيات، كما أن وضع نظـرية للنص بحاجة إلى مجمـوعة من القواعد التداولية التي تعين لنا الشروط التي يلتزم بها المتلقي لقراءة السياق الداخلي للنص".

وانطلاقا مما ذكرته آنفـا أتمنى أن تنشط الحركة النقـدية لتكون شريكاً فاعلاً في بنية النص، سعيا للوصول إلى بيان البؤر الموجودة فيه، وفي الوقت ذاته من أجل استفزاز الذاكرة النقدية الإبداعية والتي هـي الأساس المتكأ عليه لفهم النص.