من الإنجازات التي يجب المحافظة عليها بمناسبة مئوية التعليم في مملكة البحرين هو الإبقاء على مكانة وسمعة «جامعة البحرين». هذه الجامعة العريقة التي خرَّجت بالفعل مجموعة من الأجيال وبمستويات مميزة جداً كانت مضرب الأمثال للجامعات الرصينة في مخرجاتها وأدائها طيلة تاريخها المشرق، بل كانت جامعة البحرين من الجامعات التي تخلو من التلاعت والمحسوبيات وكافة أنواع التزوير والفساد، ولم تك جامعة البحرين في يوم من الأيام الخوالي جامعة تجارية أبداً في كل منعطفاتها، بل كان الطلبة يتهيبون من صرامة أنظمتها وقوة ومتانة مناهجها والدراسة فيها، لِمَا تحتويه من طواقم تعليمية وإدارية لها من الكفاءة ما وضعتها على خارطة الجامعات العربية القوية.

هذا التوهج الذي نتحدث عنه الآن بدأ يخبو مؤخراً خلال الأعوام الأخيرة لأسباب يصعب حصرها أو حتى تناولها بشكل مفصَّلٍ هنا، لكن يجب أن نعترف وبكل شجاعة أن جامعة البحرين لم تعد تلكم الجامعة التي عرفناها من قبل.

اليوم، وصلت أعداد طلبة جامعة البحرين لمستويات لا يمكن لها أن تستوعبها قاعاتها وباحاتها وحتى مواقف سياراتها على الإطلاق، كما أن بعض الكوادر التعليمية والإدارية ليسوا بحجم المسؤولية، مما جعل مستوى التعليم فيها ينحدر في بعض الجوانب والتخصصات بشكل مخيف. اليوم بدأنا نسمع عن لوبيات وشلليات وعن أمور لا نود التطرق لها هنا، وهذا ما يجب أن تقوم الجامعة متمثلة برئيسها من تصحيحها بشكل عاجل قبل أن تتفاقم لدرجة قد تتحول معها لبيئة طاردة لكل طالب ينوي أن يقدم لهذا الوطن مزيداً من العطاء والعلم والمعرفة أو أكاديمي حريص كل الحرص على أن يقدم كل ما لديه لصالح التعليم في البحرين.

الكثير من مؤسساتنا تحب وترغب في مقالات وأخبار صحافية تبدي إنجازاتها فقط -حتى ولو كانت كذباً- وتغض النظر عن مساوئها، وهذا يمكن أن يتحقق لكن ليس بشكل كامل، فنحن على استعداد لإظهار كل الجوانب الإيجابية لأية مؤسسة رسمية وهذا حق من حقوقها، لكننا أيضاً بحاجة للحديث عن السلبيات من أجل تصحيح الأوضاع وتبني أماكن رائدة على صعيد الواقع، وما جامعة البحرين إلا نموذج من هذه النماذج التي يجب أن تتقبل بصدر رحب مثل هذه الانتقادات البناءة من أجل تعليم مستدام وبعد الحديث عن مئوية التعليم في مملكة البحرين.

حتى الآن، فإننا لم نتكلم عن التخبطات وسوء التخطيط وشكاوى الطلبة ومعاناتهم من أول يوم في التسجيل إلى حين التخرج، ولم نتعرض لملف مئات الموظفين الأجانب الذين يستلمون رواتب عالية تُنْهك خزانة الدولة، في الوقت الذي تحتاج الحكومة لتلكم الملايين لتطوير حركة البناء والتنمية في البلاد، ولم نتحدث أيضاً عن المستشارين ولا عن المسؤولين الكبار من كبار السن الذين يجب أن يُحَالوا إلى التقاعد المستحق فوراً وليس إلى التقاعد الاختياري باعتبارهم بتقاضون رواتب عالية.

يجب على معالي وزير التربية والتعليم وإدارة جامعة البحرين أن يقوموا بتصحيح مساراتها الخاطئة قبل فوات الأوان، وقبل أن يخرج القطار عن مساره وهو الذي يحتوي على عشرات الآلاف من الطلبة الذين يشكلِّون مستقبل هذا الوطن وسمعته. فلا مجال للمجاملات في مئوية التعليم.