أن يلتقي الرئيس الإيراني بأمير قطر على هامش قمة «سيكا» فهذا قرارهما ورغبتهما، وأن يتفقا على جعل التعاون بين إيران وقطر من غير حدود وفي جميع المجالات فهذا أيضاً قرارهما ورغبتهما، وأن يصفا العلاقات بين بلديهما بالأخوية والقائمة على الصداقة فهذا كذلك رأيهما، لكن أن يقول روحاني إن تلك العلاقة «تصب في مصلحة دول المنطقة» ويوافق أمير قطر على هذا القول فهذا تجرؤ منهما على كل دولها ويستدعي الرد الفوري عليه منها جميعاً، فما يجري بين إيران وقطر يضر بهذه الدول وبالمنطقة ويفتح الباب على مصراعيه للنظام الإيراني ليعيث فيها الفساد. كما أنه ليس صحيحاً أبداً ما يقوله هذا النظام ويردده في كل مناسبة من أن «توطيد العلاقات مع الدول الجارة والصديقة من الأولويات والأسس الثابتة للسياسة الخارجية الإيرانية»، فهذا النظام لا يري في كل المشهد إلا نفسه، ولولا أنه مستفيد اليوم من النظام القطري لما صرف روحاني جزءاً من وقته للقاء أمير قطر، فما قد لا تعرفه قطر هو أن النظام الإيراني لا يعرف «الرفجة» ولا تهمه غير مصلحته، ولولا أنه يجد أن قطر يمكن أن تفيده في هذه المرحلة التي يعاني فيها من العقوبات الاقتصادية لما قال رئيسه ما قال ولما أقدم على الدعوة إلى فتح أبواب التعاون على مصاريعها بين البلدين.

كثيرة هي التصريحات الموجبة التي أدلى بها مسؤولو النظام الإيراني على مدى الأربعين سنة الماضية، وكثير هو الكلام المعسول الذي ينثرونه في لقاءاتهم بالمسؤولين الخليجيين، لكنهم لم يترجموا قط تلك الأقوال والتصريحات إلى عمل، والدليل أنهم لم يتمكنوا طوال الأربعين سنة من حكمهم لإيران من تغيير نظرة دول الخليج العربي لنظامهم، فما تراه منهم يختلف تماماً عن الذي يصرحون به. وهذا أمر ينبغي أن ينتبه إليه شعب قطر جيدا ويضعه في الحسبان، ويوصله إلى حكامه قبل أن يفوت الفوت وتتحول قطر إلى مستعمرة فارسية.

ولأن النظام الإيراني لا يردعه الكلام والبيانات، ولأنه لا ينفع معه تصريح قوي من مثل التصريح الأخير لأمين عام مجلس التعاون إثر الهجوم على سفينتي النفط في خليج عمان والذي ملخصه أن الهجوم «عمل إرهابي يستدعي رداً حاسماً»، لذا لا مفر من عمل جماعي يشارك فيه الجميع، دول المنطقة والدول الكبرى التي لها فيها مصالح تخشى عليها، فالكلام – كل الكلام – لا ينفع في التعامل مع النظام الإيراني الذي لا يعرف سوى لغة القوة ولا يرتدع إلا إن تلقى الضربات المتتالية على رأسه.

من هنا جاءت دعوة البحرين التي مثلها في «مؤتمر القمة الخامس لتجمع التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا» «سيكا» في دوشنبه وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة الذي شدد على «ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته في ضمان سلامة وحماية الملاحة البحرية وتدفق إمدادات الطاقة في هذه المنطقة الحيوية والهامة للاقتصاد العالمي وللأمن والسلم الدوليين» وذلك «على ضوء الهجمات الإرهابية المتكررة ضد ناقلات النفط والتهديد الخطير الذي تعرضت له حركة الملاحة البحرية الدولية».

استجابة الدول المعنية لدعوة البحرين المتمثلة في ضرورة التزامها «بالحفاظ على أمن وسلامة الممرات البحرية ونقل الطاقة في المنطقة والعالم» هو مثال الرد العملي على ما يقوم به النظام الإيراني ومن اختار أن يصطف إلى جانبه ويدافع عن شينه.

لا يمكن للمنطقة أن تهدأ وتستقر ولا يزال النظام الإيراني يعيث فيها الفساد ولا يرى في المشهد إلا نفسه، ولا يمكن لها أن تهدأ وتستقر ولا تزال دول المنطقة ومن له مصلحة فيها يكتفون بإصدار بيانات الشجب والاستنكار والإدانة.